شهدت الساحة السياسية
المصرية على مدار السنوات الخمس الماضية، ظهورا واسعا لعدد من رجالات السياسة المثيرين للجدل ، ممن امتلكوا مقومات القيادة الحزبية والحضور الجماهيري وفرصة التأثير بالحياة السياسية بعد انطلاق ما سمي بثورات
الربيع العربي .
وعلى الرغم من الحضور الطاغي لتلك الشخصيات إبان فترات ما بعد سقوط مبارك وإزاحة حكم العسكر والاستحقاقات الدستورية والانتخابية المتتالية ، إلا أن جماهيرهم فوجئت بغيابهم عن المشهد في ظروف غامضة بعد وقوع الإنقلاب ، وتركهم لأنصارهم ومتابعيهم دون إجابات أو توضيحات عن سبب الغياب .
ومن ابرز هذه الشخصيات الفريق أحمد شفيق مرشح الرئاسة السابق المتواري عن الأحداث والإعلام والمقيم بدولة الإمارات والذي كانت التوقعات تشير إلى احتمالية عودته واستفادته من سيطرة العسكر على مقاليد الحكم في البلاد ، إلا أن تهميش السلطة الجديدة له باعتباره يمثل وجها من وجوه الرئيس المخلوع حسني مبارك ، ساهمت إلى حد كبير لاتخاذه قرار العزلة السياسية والمكوث الدائم في الامارات .
أما رموز ماسمي بجبهة الإنقاذ ومنهم محمد البرادعى فقد عاد مؤخرا بنفس معارض لمآلات الأحداث في مصر ، موجها نقدا لممارسات السلطة بعد طول غياب عن المشهد والإعلام في محاولة أخيرة ربما لتقديم نفسه كبديل مقنع في حال تقرر دوليا وإقليميا إزاحة
السيسي عن السلطة ، ويقيم البرادعي بصورة دائمة حاليا في العاصمة النمساوية فيينا .
أما حمدين صباحي المتواجد في القاهرة ، فكان الشخصية الأبرز في الغياب بعد فترة نجومية كبيرة اكتسبها بعد قيادته حملات التشكيك والمطالبة برحيل الرئيس السابق محمد مرسي وتأييده دون اعتراض لإجراءات الانقلاب وصمته الكامل عما جرى للمدنيين من قتل وحرق وتجريف في كل من رابعة والنهضة .
أما مرشح الرئاسة الخاسر والأمين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى، فتشير الدلائل لاختياره الانعزال السياسي بإحدى فلله الفارهة ، بعد إهمال السلطة الانقلابية الجديدة له ولتاريخه السياسي ، الى جانب تجنبه التعليق التام على ممارسات سلطة الانقلاب بل وتأييده لكثير من اجراءاتها في مراحل الانقلاب الأولى وصمته عن كثير من الممارسات التي كانت مثار اجماع ضد الرئيس مرسي .
وليس الأمر بأفضل حالا من القيادي الإخواني الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح الذي خرج من عباءة جماعة الإخوان المسلمين ونافسها على مقعد الرئاسة ، ثم انضم للمطالبين بإزاحة الرئيس مرسي عبر انتخابات مبكرة قبل اكمال مدته الدستورية .
وكان لافتا معارضة ابو الفتوح القوية لنهج مرسي وحكومته الأولى وتشكيله لحزب جديد حمل اسم " مصر القوية" كحزب سياسي منافس للإخوان ليغيب صوته وحضوره بصورة كاملة عن ساحة النقد والتصريح والتعليق بعد الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي وقدوم سلطة العسكر .
وحاول رئيس حزب مصر القوية، عبد المنعم أبو الفتوح، إعادة إثبات وجوده من جديد، بطرح مبادرة، لكنها قوبلت بالرفض من الأطراف الفاعلة في المشهد السياسي المصري، مما دفعه إلى الاكتفاء بدوره داخل اتحاد الأطباء العرب بحسب مقربين .
ويبدو أن سياسة الصوت العالي التي كان يتبعها كل هؤلاء بوجه الرئيس السابق المعتقل محمد مرسي لم تعد بذات قوتها بوجه زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي ، إما خشية من الاعتقال والتنكيل ، وإما شعورا بالحسرة والندم على واقع سياسي مر جرى فيه تأييد الإطاحة بأول رئيس مدني للبلاد
وعللت مصادر صحفية، سبب غياب هؤلاء وتحديدا قيادات
جبهة الإنقاذ بوقوع خلافات حول خارطة الطريق التي تم إعلانها عقب
الانقلاب العسكري، وشعورهم بالخديعة من قبل قائد الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي .
فيما أرجع نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وحيد عبد المجيد، اختفاء الرموز للبيئة السياسية غير السوية لظهور أي رمز سياسي محترم، موضحا أن ما حدث في العامين الأخريين هو نزع السياسة تدريجيا من الحياة العامة، مشيرا إلى أن نظام الحكم يدير البلاد بطريقة الإدارة وليس السياسة .