أمتع ما في انتخابات مجلس الأمة المقبلة هو تنوع طرح المرشحين، الذي يصل أحيانا إلى ما يشبه التضاد بينهم في نقلهم للواقع وتحليله واستخلاص الدروس منه!
حضرت ندوات بعض المرشحين، وشاهدت حديث البعض فيها عن إنجازات مجلس 2013 بصورة إيجابية، فعشرات القوانين تم إقرارها في المجلس، والتي مهدت الطريق نحو المزيد من الإنجازات المطلوبة؛ فقد أنجز المجلس 123 قانونا، بعضها بالغ الأهمية مثل قانون جمع السلاح، وتعديل قانون الرعاية السكنية بدعم المواطنين في مواد البناء (30 ألف دينار)، وزيادة توزيع المساكن لتبلغ 12 ألف وحدة سكنية سنويا!
وقانون توفير السكن لمن باع بيته، وقانون المشاريع الصغيرة الذي يشجع الشباب على إقامة مشاريع خاصة تنشط العمل الحر وتدعم الجادين منهم!
وقانون صندوق الأسرة لحل قضية الفوائد وإسقاطها عن كاهل المواطنين، وتعديل قانون الوكالات التجارية لكسر احتكار البعض، وقانون المناقصات، ووضع حد للأوامر التغييرية لإيقاف التلاعب السابق.
وقانون العمالة المنزلية لتخفيض تكلفة استقدام العمالة الأجنبية! وقانون تمكين الأفراد من اللجوء إلى المحكمة الدستورية مباشرة، وقانون مكافأة نهاية الخدمة وقانون التأمين الصحي للمتقاعدين (عافية) الذي يستفيد منه أكثر من مئة ألف متقاعد!
والأهم في إنجازات المجلس هو حالة الاستقرار التي سادت عمل المجلس، ما مكنه من إنجاز الكثير!
بعض المرشحين الآخرين تكلموا عن فترة مجلس 2013، وكأنها عمر ضائع على الكويت ينبغي علينا البكاء عليه والسعي لتدارك تلك النكسة، وفي ذلك تطرف كبير وبخس بحق ما أنجزه أخوة بذلوا جهودا كبيرة، إلى أن أوصلونا إلى هذه المرحلة المهمة التي نطمع بأن يعمل مجلس 2016 على استكمالها وتصحيح الاعوجاج فيها!
حتى قضية الزيادة في أسعار البنزين تم النفخ فيها بطريقة غريبة، وتسييسها، على الرغم من أنها نتيجة طبيعية لانخفاض أسعار النفط المدوية، مع أن القانون لا يلزم الحكومة بالحصول على موافقة المجلس في ما يتعلق بالمؤسسات غير المملوكة مباشرة للحكومة، ومع أن الحكومة قد تنازلت للمجلس وأقرت بصرف الكوبونات التي تعوض المواطن عن هذه الزيادة، إلا أن البعض ما زال يكرر بأن هذا القرار هو وصمة عار ضد مجلس 2013، وأنه كارثة بحق الكويت!
إن نظام الصوت الواحد أحدث شرخا كبيرا في المجتمع الكويتي لا يبدو بأننا سنتجاوزه بسهولة، وبدلا من أن يتفق أطراف النزاع على تجاوزه والبدء بلملمة شتاتنا وإعادة وحدة صفوفنا، فإن الانقسام الحاد هو السائد اليوم، ومحاولة البعض نسف ما تم إنجازه خلال أربع سنوات، وإعادة بناء نظام جديد، وتخوين المجلس السابق، بينما أقطاب مجلس 2013 يصورون المجلس بأنه كان أفضل المجالس، وأن إنجازاته هي مفخرة للكويت، فمتى نكف عن هذا الاستقطاب ونحسن الظن ببعضنا البعض؟!
نحن بحاجة حقيقية إلى حكومة قوية وصالحة تستطيع جمع شتات الشعب وتوحيد صفوفه وتحقيق طموحاته، بعد أن لعبت بنا السلبية والتنازع لعبتها، وأصابتنا باليأس من وطننا، وأورثت العداوة والبغضاء بيننا!
أنا متأكد بأن الشعب سيختار بإذن الله مجلسا قويا ومتجانسا؛ كي يعوضنا ما فقدناه من ثقة بالعمل البرلماني، ولكن يجب طمأنة الشعب بأن تجربة العام 2009 و2012 لن تتكرر، وأن تشكيل الحكومة سيأتي انسجاما مع طموحات الشعب، وأننا لن نشهد انقضاضا على المجلس فقط لأنه مجلس قوي!
الرأي الكويتية