عشية انتصار الجمهوري دونالد
ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، اجتمع أعضاء من فصيل سوري معارض، يدعمه الغرب مع مسؤولين أمريكيين ليسألوا عن مصير شحنات أسلحة يتلقونها لمحاربة رئيس النظام السوري بشار الأسد.
وقال مسؤول من المعارضة حضر الاجتماع إنه تم إبلاغهم بأن البرنامج سيستمر حتى نهاية العام، لكن أي شيء بعد ذلك سيعتمد على الإدارة الأمريكية المقبلة، وعندما يتولى ترامب منصبه في كانون الثاني/ يناير فقد يتوقف هذا الدعم بالكامل.
ولمح الرئيس المنتخب إلى معارضته للدعم الأمريكي لفصائل المعارضة السورية، كما لمح إلى تغيير شامل للسياسة بشأن
سوريا.
وقدم برنامج المساعدات العسكرية الذي تشرف عليه المخابرات المركزية الأمريكية أسلحة وتدريبات للمعارضة السورية المعتدلة بالتنسيق مع تركيا والسعودية وقطر والأردن ودول أخرى.
وساعد هذا البرنامج في دعم تلك الجماعات التي تقاتل تحت لواء "الجيش السوري الحر"، مع صعود جماعات مرتبطة بتنظيم القاعدة، كقوة كبرى في حرب تدخل عامها السادس.
ورفض مسؤولون أمريكيون التعقيب على أي اجتماعات مع الجماعات المعارضة ولم يعقبوا في السابق على برنامج المخابرات المركزية بسبب طبيعته السرية.
لكن ترامب لمح إلى أنه قد يتخلى عن جماعات المعارضة للتركيز على المعركة ضد تنظيم الدولة، الذي يسيطر على أراض في شرق ووسط سوريا، وربما حتى يتعاون مع
روسيا أقوى حليف للأسد ضد التنظيم.
وقال الأسد في مقابلة نشرت الثلاثاء إن ترامب سيكون "حليفا طبيعيا" إذا قرر أن "يحارب الإرهاب".
جانب إيجابي
لكن المعارضين ينظرون للجانب الإيجابي ويقولون إن الدعم الذي يصلهم عبر البرنامج المدعوم من الولايات المتحدة ليس كافيا وإن واشنطن منعت السعودية من منحهم أسلحة أكثر قوة.
لذا فإن المعارضين يأملون أن تمنح عزلة الولايات المتحدة دول المنطقة قدرا أكبر من الحرية وأن تتيح للسعودية أن تقدم الصواريخ المضادة للطائرات التي منع الرئيس الأمريكي باراك أوباما تقديمها لهم باستخدام حق النقض.
وقال مسؤول المعارضة إنه لم يكن هناك أي تواصل مع المسؤولين الأمريكيين منذ فوز ترامب، لكنه أضاف أنه لو انتهى الدعم الأمريكي ورفع "حق النقض" فستكون هذه نتيجة جيدة.
وقال: "الكل يحلل الوضع، وهناك توقعات إيجابية وهناك توقعات سلبية لكن لا شيء واضح بعد".
أيام مظلمة
وتأتي احتمالات تحول السياسة الأمريكية في وقت مظلم بالنسبة للمعارضة، فقد صعدت روسيا الثلاثاء حملتها العسكرية دعما للأسد، لتدفع بحاملة طائراتها للمشاركة للمرة الأولى منذ أرسلتها إلى المنطقة.
ويحكم الأسد وحلفاؤه حصارهم على شرق حلب الذي يقع تحت سيطرة المعارضة حيث استؤنفت الضربات الجوية وفشل مقاتلو المعارضة في كسر الحصار.
وتفجرت التوترات القائمة منذ فترة طويلة بين مقاتلي المعارضة إلى معارك مرتين في حلب هذا الشهر.
لكن محللين يقولون إن من السابق لأوانه تحديد ما سيفعله ترامب في سوريا لأنه قد يعيد صياغة مواقفه وفقا لتفكير المؤسسة في واشنطن.
ولن يريد الجمهوريون في إدارته التعاون مع روسيا أو الإذعان للنفوذ الكبير الذي تتمتع به إيران في سوريا حيث يقاتل آلاف من المقاتلين الشيعة بينهم أفراد من جماعة حزب الله اللبنانية في صف الأسد.
وبالنسبة للكثيرين في واشنطن سيظل الأسد شخصا غير مرغوب فيه.
لكن منذ فوزه في الانتخابات، كرر ترامب استياءه من السياسة الأمريكية، وأبلغ صحيفة "وول ستريت جورنال" أن لديه "رؤية مختلفة عن الكثيرين فيما يتعلق بسوريا"، موضحا أنه "ليست لدينا أي فكرة عمن هم مقاتلو المعارضة".
وأثارت تصريحاته سرور دمشق وحلفائها ممن يتعاملون مع فوز ترامب على أنه إيجابي لمساعيهم في الحرب.
"التزام دولي"
وقال قيادي ثان تتلقى جماعته مساعدات عسكرية إنه من "الصحيح أنه لا يعرفنا لكن الدولة الأمريكية تعرفنا وستبلغه"، مشيرا إلى أن "هناك التزاما دوليا تجاهنا"، ومؤكدا أن الدول الأخرى التي تدعمهم تسعى لشرح ذلك لترامب.
وبنيت السياسة الغربية تجاه سوريا على فكرة استحالة تحقيق سلام دائم ما دام الأسد في السلطة.
ويعتمد الأسد الذي ينتمي للأقلية العلوية على الدعم العسكري من روسيا وإيران والفصائل الشيعية في معركته مع المعارضة التي يغلب عليها السنة.
ويعتقد صناع السياسة في الغرب أن وجود مقاتلي المعارضة السنة غير المتشددين ضروري لبناء سوريا مستقرة.
لكن سياستهم واجهت عراقيل بسبب الانقسامات داخل المعارضة والدور البارز الذي يلعبه متشددون في الثورة، كما قال دبلوماسي غربي إن نفوذ المتشددين سيزيد إذا تخلى ترامب عن الجيش السوري الحر.
وفي غرب سوريا يخوض الجيش السوري الحر معارك إلى جانب المتشددين ضد الجيش وحلفائه.
ولا يزال القلق بشأن أن ينتهي المطاف بالأسلحة في يد المتشددين عاملا أساسيا فيما يبدو في كبح جماح الدعم العسكري للمعارضة.
ومع انهيار وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة وروسيا في أيلول/ سبتمبر، درس مسؤولون أمريكيون خيارات عسكرية تتضمن التحرك العسكري الأمريكي المباشر مثل شن ضربات جوية على منشآت للجيش السوري.
لكن مقاتلي المعارضة يقولون إنه لم يحدث تحول كبير منذ ذلك الحين.
وإذا تخلت الولايات المتحدة عن مقاتلي المعارضة فإن مصيرهم عسكريا سيكون بيد الدعم السعودي والقطري والتركي، ولم يتسن على الفور الوصول لمسؤولين من هذه الدول للتعقيب على مسألة دعمها للمعارضين.
ويعتقد المعارضون أن تركيا ستظل داعما قويا، لكن تصالحها في الآونة الأخيرة مع روسيا أثار تساؤلات بشأن أهداف تركيا في سوريا.
وقال محمد عبود، وهو قيادي سابق في المعارضة المسلحة وعضو في الهيئة العليا للمفاوضات، إن النفوذ التركي سيساعد في تشكيل سياسة أمريكية أكثر دعما للمعارضة.
وقال إنه على النقيض من أوباما فسيكون هناك قدر أكبر من الوضوح من إدارة ترامب الجديدة، بحسب تعبيره.