وحد الحكم معارضي السيسي ومؤيديه من الصحفيين- أرشيفية
تجمع عشرات الصحفيين المصريين الغاضبين بمقر نقابة الصحفيين، السبت، وارتفعت بينهم دعوات التوحد، وعقد جمعية عمومية طارئة، وسط غضب عارم من الحكم الصادر، السبت، بالحبس سنتين والكفالة 10 آلاف جنيه، بحق نقيب الصحفيين يحيى قلاش، وعضوي مجلس النقابة، جمال عبد الرحيم وخالد البلشي، بتهمة إيواء مطلوبين أمنيا داخل مبنى النقابة، في الأول من أيار/ مايو 2016.
وأصاب الحكم الصادر الوسط الصحفي، سواء مؤيدي رئيس الانقلاب، عبد الفتاح السيسي أو معارضيه، بصدمة شديدة، وهجا عدد منهم السيسي، وتوعدوه بالملاحقة والمساءلة، بينما رأى كثير منهم أنه فضيحة، ويسيء للنظام خارجيا، واعتبروه "تصفية حسابات مع النقابة"، التي استضافت مظاهرات 25 نيسان/أبريل 2016، ضد تنازل السيسي عن جزيرتي تيران وصنافير إلى السيادة السعودية.
الحكم يوحد مؤيدي السيسي ومعارضيه ضده
ولوحظ أن الحكم قد وحَّد معارضي السيسي ومؤيديه داخل الوسط الصحفي المصري، إذ أدانه صحفيو جميع التيارات، من أقصى اليمين، لأقصى اليسار.
وسخر الكاتب الصحفي سليم عزوز، من الحكم. وقال بحسابه الشخصي عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "حكم الجنح بحكم نقيب الصحفيين وعضوي المجلس بالسجن سنتين.. أصلهم كانوا قتلوا السيسي".
وأضاف: "أول حكم بحبس نقيب الصحفيين منذ أن تأسست النقابة قبل 75 عاما.. لم يفعلها الملك فاروق.. وعبد الناصر قام بحل مجلس النقابة، ولم يفعلها.. والسادات لف ودار من أجل تحويل النقابة لناد وفشل ولم يفعلها.. ومبارك اهتم بالوسائل التي تضمن فوز مرشحي النظام، ولم يفعلها.. ومرسي الذي تحولت النقابة إلى بديل للحزب الناصري المتوفي في يوم مولده، ووقف مجلسها ضده؛ لم يفعلها.. فعلها عبدو".
وغير بعيد، قال الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة، الكاتب الصحفي صلاح عيسى، إن الحكم أثار دهشة الجماعة الصحفية في مصر والخارج؛ لأنه لم يكن متوقعا على الإطلاق، مشيرا إلى أنه سيجلب ردود فعل سلبية من الخارج.
وأضاف عيسى، في تصريحات صحفية، أن القضية كانت محل اهتمام عالمي، مشيرا إلى أن قرار حبس نقيب الصحفيين وعضوي مجلس النقابة "سابقة تاريخية".
وأردف: "سنتابع مراحل التقاضي القادمة، ونثق أن الحكم سيتم إلغاؤه في المراحل القادمة".
ومن جهته، علق النقيب الأسبق للصحفيين، ممدوح الولي، على الحكم بالقول، عبر "فيسبوك": "بعد قرار حبس نقيب الصحفيين والوكيل والسكرتير العام، وقانون الجمعيات، والبرلمان الديكور، وقانون التظاهر، وقتل الإعلاميين وسجنهم.. هل ما زال هناك شك لدى البعض أننا نعيش في ظل انقلاب عسكري معاد للحريات منذ الثالث من يوليو 2013".
الصحفيون يتوعدون السيسي ويهجونه
وهجا عدد كبير من الصحفيين المصريين من شتى التيارات، رئيس الانقلاب، في تعليقاتهم على الحكم، وتوعدوه بالملاحقة والمحاسبة.
فقال الكاتب الصحفي أبو المعاطي السندوبي، عبر "فيسبوك": "حكم محكمة عابدين اليوم بحبس النقيب وعضوي المجلس بتهم باطلة قانونيا.. هو حكم سياسي ضد نقابة الصحفيين كقلعة للحريات وضد الصحفيين كأفراد لإنهاء دور النقابة كمنبر لكل أصحاب الرأي المعارض، ولإثارة الخوف والهلع بين الصحفيين، حتى يصبحوا خدما للسيسي، ونظامه الفاشي".
وشدد السندوبي على أن "المقصود بالحكم هو النقابة ذاتها وتاريخها وإنهاء دورها في الدفاع عن حرية شعبنا، والوقوف بجانب المظلومين من أبناء الشعب"، وفق وصفه.
وأضاف: "برغم اختلافنا وتباين مواقفنا وانتقادتنا لآداء النقيب ومجلس النقابة، إلا أن الوقوف صفا واحدا معهم في مواجهة العدوان الصارخ من السلطة علينا.. واجبنا جميعا.. فالمستهدفون ليس هم فقط ..بل نحن جميعا.. سواء اليوم أو غدا"، بحسب قوله.
وأردف: "لهذا ادعو الزملاء الصحفيين كافة للالتقاء اليوم في نقابتنا لمناقشة ما العمل في مواجهة نظام ديكتاتوري يستهدف وأد حريتنا، وإركاعنا".
وجدد أبو المعاطي اتهامه للسيسي بأنه "مجرم حرب اقتصاديا وسياسيا، ولا تسقط جرائمه بالتقادم"، واصفا يوم الحكم، بأنه "يوم أسود في تاريخ الصحافة المصرية".
وانتقد الكاتب الصحفي، محمد الجارحي، الحكم، في تدوينة عبر صفحته بموقع "فيسبوك"، قائلا: "عار على هذا النظام وأتباعه، وسُبَّة في جبين مصر؛ أن يصدر حكم بحبس نقيب الصحفيين ووكيله وسكرتير النقابة".
وتابع: "كلما زاد بطشكم اقتربت نهايتكم.. الديكتاتورية التي تحكمون بها الوطن لن تجلب لكم إلا الْخِزْي والعار والنهاية السوداء".
وواصل الجارحي: "الحكم سابقة تاريخية، وسيدفع هذا النظام ثمنها، وفضيحته في العالم كله اليوم هتكون بجلاجل.. النظام الغبي هو الذي يستعدي كل فئات المجتمع.. لن تنفعكم قروض الدنيا لإصلاح ما أفسدتموه".
واختتم: "أصدقائي وزملائي الصحفيين.. اليوم يجب أن يتوحد فيه الجميع.. اليوم ليس وقت المزايدة، وتصفية الحسابات.. الحكم ليس للنقيب وعضوي المجلس فقط بل هو موجه لنا جميعا، كل الدعم والمساندة لنقابتنا.. الحكم رسالة لنا جميعا بأن الحبس ليس ببعيد.. نقيبكم وصغيركم".
وغير بعيد، قال أمين عام حركة "صحفيون ضد الانقلاب"، أحمد عبدالعزيز، عبر "فيسبوك": "الصحافة ليست جريمة.. اكتب على حيطة الزنزانة: "حبس الصحفي عار وخيانة"".
وتابع: "حكم حبس النقيب ورفاقه عار سيلاحق السيسي وزمرته من الصحفيين والإعلاميين الذين تآمروا على نقابتهم وزملائهم، وسوف يأتي وقت الحساب عاجلا أم آجلا".
أما الصحفي أحمد أبو زيد، فكتب عبر "فيسبوك"، قائلا: "كلمتنا واحدة، ونقابتنا واحدة.. كرامة مهنتنا من كرامتنا لذلك سنكون جميعا مع نقيبنا وأعضاء المجلس #الصحافة_ليست_جريمة.. #ادعم_نقابة_الصحفيين".
استئناف الحكم
وكان المستشار القانوني للنقابة، سيد أبو زيد، أكد أنه سيستأنف على الحكم في خلال 24 ساعة، وسيدفع الكفالة في أقرب وقت.
وفي أول رد فعل له على الحكم، أبدى يحيى قلاش، دهشته، في تصريحات صحفية، قائلا إنه "مندهش من صدور مثل هذا الحكم، فالمحكمة أصدرت أقصى عقوبة برغم أنه لا توجد قضية وأركانها منعدمة"، على حد قوله، مشيرا إلى أن دفاع النقابة قدم عشر مرافعات.
ووصف سكرتير عام نقابة الصحفيين، جمال عبد الرحيم، الحكم الذي صدر متضمنا إياه، بأنه قاس جدا، معلقا: "لم يصدر هذا الحكم على رموز مبارك والفاسدين، برغم أنهم نهبوا أموال مصر".
وأضاف أنه "لا توجد قضية من الأساس، ولا توجد أي أدلة ثابتة ضدنا، فضلا عن أن أقوال الشهود زور، ومتناقضة".
وأضاف: "الشهود قالوا للمحكمة إنهم شاهدوني وخالد البلشي في النقابة يوم الأحد الساعة الواحدة صباحا، لحظة اقتحام النقابة من قبل الأمن، بينما كنا في مطار كازبلانكا بالمغرب".
ووصف عبد الرحيم القضية بالملفقة، مؤكدا أن الحكم الصادر ضد نقيب الصحفيين يعتبر حكماً تاريخيا وغريبا، ويسيء لسمعة مصر في الخارج.
ومن جهته، علّق وكيل نقابة الصحفيين، خالد البلشي على الحكم الصادر ضده ونقيب الصحفيين، وسكرتير عام النقابة، أيضا، قائلا: "المعركة القضائية مستمرة، ويجب ألا يلهينا الحكم عن المعارك النقابية، وبينها أثر القرارات الاقتصادية على مهنة الصحافة والصحفيين، وقضية قانون الإعلام الموحد، وملف الصحفيين المحتجزين والسجناء على خلفية قضايا الرأي، وملف الحريات بشكل عام"، مشددا على أن الحكم عاكس للمناخ الحالي الذي نعيشه.
ومن جهته، قال عضو مجلس النقابة، محمود كامل، إن القضية برمتها "ملفقة وواهية من البداية.. واللي بيحصل ده جنون"، على حد تعبيره.
وقال عضو مجلس النقابة، أسامة داوود، إن قرار المحكمة غير متوقع. وتابع: "مفيش دولة بتحبس نقيب الصحفيين في العالم، واتجاه لدفع الناس للغضب".
ودعوات لعمومية طارئة للصحفيين
وتصاعدت الدعوات لسرعة عقد جميعة عمومية طارئة للصحفيين للتباحث حول الحكم.
وقالت عضو مجلس النقابة، حنان فكري، إنه سيتم عقد اجتماع طارئ لتنسيق خطوات تصعيدية، وبحث تداعيات الحكم، والتشاور والخروج بقرارات.
وأضافت: "القضية برمتها مسيسة، وفيها مغالطات كثيرة، وحينما يصل بنا الأمر إلى هذه الحالة فلابد من اجتماع الجمعية العمومية".
واعتبرت أن الحكم على "قلاش" وأعضاء النقابة "بلوى على المصريين قبل الصحفيين".
وأضافت، في تصريحات صحفية، أن هذا قمع للحريات مسبوق، محذرة من أن سكوت الصحفيين عما حدث لنقابتهم؛ هو السبب وراء صدور الحكم.
وقالت إنه لم يسبق في تاريخ مصر الحديث صدور أحكام على نقيب الصحفيين، ولا في أي دولة متقدمة.
غضب في أوساط الصحفيين
وأعرب عدد غفير من الصحفيين عن غضبهم إزاء الحكم، حيث قال رئيس تحرير "بوابة يناير"، عمرو بدر إن حكم محكمة جنح قصر النيل "مُسيس، وجزء من الحملة الممنهجة ضد الصحفيين".
وأكد ضرورة التنديد بالحكم، وكذلك مواجهة الحملة المستمرة ضد حرية الصحفيين منذ ثلاث سنوات، وفق قوله.
وكانت محكمة جنح قصر النيل، قضت بمعاقبة نقيب الصحفيين يحيى قلاش وعضوي المجلس خالد البلشي وجمال عبد الرحيم، بإيواء مطلوبين أمنيا، بالحبس عامين وكفالة 10 آلاف جنيه.
ويعتبر الحكم ابتدائيا، ويمكن الاستئناف عليه لإيقاف تنفيذه، وإلغائه في درجات التقاضي التالية.
وفي آب/ أغسطس الماضي، قرر قاضي المعارضات بمحكمة شبرا الخيمة قبول طلب الاستئناف المقدم من الصحفي عمرو بدر، على قرار حبسه 15 يوما على ذمة التحقيقات، في الاتهامات الموجهة إليه بنشر شائعات كاذبة، والتحريض على التظاهر، ومحاولة قلب نظام الحكم، وإخلاء سبيله بكفالة مالية.
كما تم الإفراج عن محمود السقا، مطلع تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بكفالة 5 آلاف جنيه على ذمة القضية، بعد اتهامه بنشر شائعات كاذبة، والتحريض على التظاهر، ومحاولة قلب نظام الحكم.
وكان محيط محكمة عابدين، التي شهدت صدور الحكم، صباح السبت، قد عرف إجراءات أمنية مشددة، حيث تم وضع الحواجز الحديدية وتشكيلات من قوات الأمن المركزي وسط حضور إعلامي مكثف.