رحبت عدة منظمات حقوقية في
ليبيا بالبيان الصادر عن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا، أمام مجلس الأمن بشأن ملاحقة مرتكبي جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا، مطالبة بضرورة مساعدة
المحكمة في تنفيذ أوامر الاعتقال بحق المجرمين في الداخل الليبي.
وأكدت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا (منظمة مستقلة)، أن بيان المحكمة الدولية وضع حدا للحصانة المطلقة التي ينعم بها مرتكبو انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا، محذرة من مغبة أن تظل بيانات وقرارات المحكمة الجنائية حبرا على ورق، أو تتحول فقط لأوراق مساومة وضغط على أطراف النزاع.
من جهتها، رحبت مدير منظمة محامون من أجل العدالة في ليبيا، إلهام السعودي، بقرارات المحكمة الدولية، مطالبة بضرورة اعتبار المحكمة الجنائية الدولية حليفا محايدا، وليست قوة أحادية تنطلق من مصالحها المؤسساتية الذاتية، في حين زارت منظمة التضامن لحقوق الإنسان في ليبيا، يومي 27 و 28 تشرين الأول/ أكتوبر 2016، مقر المحكمة في لاهاي لبحث آخر مستجدات القضية الليبية ومنها قرارات اعتقال مجرمي الحرب وتسليم سيف
القذافي.
ونشرت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، الخميس 10 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، التقرير الثاني عشر المقدم من المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلى مجلس الأمن، والذي جاء في أحد بنوده أن "مكتب المدعي العام طلب استصدار أوامر إلقاء قبض جديدة في ليبيا تحت الأختام في أقرب وقت ممكن".
كيل بمكيالين
وقال المتحدث باسم المؤتمر الوطني العام الليبي عمر حميدان، إن "نظرة المحكمة الجنائية الدولية لليبيا، متأثرة بل مقيدة بالوضع السياسي وبموقف مجلس الأمن من الوضع في ليبيا وبمشروع الوفاق الذي ترعاه الأمم المتحدة والذي انتهى إلى إسقاط المؤسسات الشرعية حسب الدستور".
وأضاف لـ"
عربي21": "ومن هذا المنطلق "الانقلابي" تعتبر المحكمة الدولية أن بعض قادة المؤسسات الشرعية الأولى، التي أسقطها الاتفاق معارضي سلم ووفاق وداعمي حرب، ومن ثم تحريك الادعاء العام بمحكمة
الجنايات الدولية ضدهم".
في حين، أكد رئيس مؤسسة التضامن لحقوق الإنسان في ليبيا جمعة العمامي أنه "من خلال زيارتهم للمحكمة الجنائية الدولية، فإن المدعي العام يأخذ الأمور بجدية تامة، لكن المحكمة تعاني فقط من الإمكانيات المادية لتنفيذ قراراتها".
وقال في تصريحات لـ"
عربي21": "لقد بعثنا نحن كمنظمة إلى 22 دولة للمشاركة في اجتماع الجمعية العمومية للمحكمة والمنعقد حاليا في لاهاي، ونناشد هذه الدول بالمساهمة والدعم لفريق المحققين المختص بالقضية الليبية".
وعود مشروطة
الناشط الحقوقي الليبي، هشام الشلوي رأى من جانبه، أن "تقرير المحكمة إلى مجلس الأمن، لم يقدم أي وصف جديد بشأن الأزمة الليبية، وأن مدعي عام المحكمة قدم وعدا معلقا على شرط، الوعد هو الالتفات إلى الجرائم الأخرى المرتكبة من غير الجماعات المتشددة، والشرط هو الحصول على تمويل جيد للبدء في هذه التحقيقات، وهذا في حد ذاته تسييس عالي الدرجة لمسألة الصراع المسلح في ليبيا، وما نتج عنه من جرائم يمكن أن تقع تحت طائلة اختصاص محكمة الجنايات الدولية".
وأضاف لـ"
عربي21": "محكمة الجنايات الدولية، كباقي المؤسسات الأممية، تخضع لإملاءات السياسة والمصالح، فليست هناك رغبة دولية في الالتفات لما ترتكبه أطراف أخرى مسلحة في ليبيا من جرائم، غير تلك التي ترتكبها الجماعات الإسلامية المتشددة".
تسيس الملف
من جهته، قال المحامي الليبي طاهر النغنوغي، لـ"
عربي21": "إن التعاون بين السلطات الليبية ومحكمة الجنايات لم يبن على وضوح وجدية، فليبيا بها أكثر من هيئة سياسية، والمحكمة تصدر رسائلها إلى جهة لا تعترف بها الجهة التي تملك أمر تسليم سيف القذافي، وهذا الاختلاط يسمى الاصطياد في المياه العكرة كي يزداد الأمر سوءا".
ورأى أستاذ القانون الدولي العام بجامعة الزقازيق المصرية السيد أبو الخير، أن " المحكمة الجنائية الدولية أصبحت حاليا آلية من ضمن آليات الدول الكبرى للإبقاء على الهيمنة والسيطرة على النظام الدولي أي أنها أصبحت المحكمة السياسية الدولية". حسب وصفه.
وأشار أبو الخير في تصريح لـ"
عربي21" إلى أن "من بين عشرة تحقيقات تباشرها المحكمة حاليا؛ هناك تسعة تنصب على قضايا تتصل بالقارة الإفريقية، فهل المحكمة أنشئت خصيصا لإفريقيا، وأين الجرائم في العراق وسوريا واليمن وأفغانستان؟".