أعلنت وزارة الدفاع العراقية، الإثنين، أن القوات العراقية التي تقاتل
تنظيم الدولة في محافظة نينوى استعادت السيطرة على قرية عمركان القريبة من مدينة
الموصل آخر معاقل التنظيم المتشدد في العراق، كما أعلنت قيادة العمليات المشتركة عن تحرير ثلاث قرى في الساحل الأيسر من مدينة الموصل، فيما يستعد
الحشد الشعبي لقطع ما تبقى من طرق الإمدادات للموصل، عبر حصار مدينة تلعفر.
تنظيم الدولة يتراجع
ونقل موقع قناة "السومرية" العراقية عن قيادة العمليات المشتركة قولها في بيان: "قوات مكافحة الإرهاب مستمرة بعملية تطهير مناطق البكر والذهبية والخضراء والقادسية الأولى والتحرير والولاء، فيما حررت عددا من عمارات الخضراء"، وأضاف البيان أن "قطعات الفرقة 16 تمكنت من تحرير قرى السلام وأورطة خراب والعباسية شمال حي القاهرة بالساحل الأيسر".
وتابعت القيادة، أن "قطعات الحشد الشعبي تمكنت من تطهير مطار تلعفر بالكامل وقطع الطرق المؤدية من قضاء تلعفر باتجاه المطار، وكذلك الاستمرار بالجهد الهندسي ومسك الطريق من تقاطع الحضر إلى تقاطع عداية ومن تقاطع عداية إلى مطار تلعفر".
طرق الإمداد
تحشد الفصائل الشيعية العراقية مقاتليها لقطع ما تبقى من طرق الإمدادات، مع اقترابها من طريق يربط المناطق السورية والعراقية، وبعد ستة أسابيع من بدء عملية الموصل المدعومة من الولايات المتحدة يخوض التنظيم المتشدد في منطقة تلعفر على بعد 60 كيلومترا إلى الغرب قتالا ضد تحالف الفصائل الشيعية المعروف باسم الحشد الشعبي والمدعوم من إيران.
وعبرت قوافل مركبات عسكرية تنقل مقاتلين شيعة أراضي صحراوية في شمال غرب العراق بسرعة في طريقها لمدينة تلعفر الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية فيما ردد المقاتلون هتافات دينية وغطوا وجوههم لحمايتها من الرمال.
وبعد طرد المتشددين من قاعدة جوية جنوبي تلعفر قبل عدة أيام تستعد قوات الحشد الشعبي وهو تحالف فصائل شيعية لإتمام مهمة تطويق المدينة.
ومن شأن قطع الطريق الغربي إلى تلعفر أن يعزل الموصل حيث تحاصر القوات العراقية وقوات البشمركة الكردية المدينة بالفعل من الشمال والجنوب والشرق.
واخترق جهاز مكافحة الإرهاب الذي دربته الولايات المتحدة دفاعات تنظيم الدولة في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول ويحارب لتوسيع نطاق الأراضي التي سيطر عليها هناك.
وقال سائق شاحنة إن الطريق إلى تلعفر لم يعد آمنا، وكان السائق قد استخدم الطريق قبل يومين لإدخال الخضر والفاكهة من الرقة معقل التنظيم في سوريا.
وقال قيادي يدعى أبو محمد العتابي إن هدفهم واضح وهو تحرير كل الأرض العراقية وقطع طرق الإمداد من الرقة في سوريا. وتحدث العتابي من القاعدة التي يمكن منها رؤية صومعة في وسط تلعفر بوضوح. وتسقط قذائف مورتر في محيط القاعدة من حين لآخر.
ويقطع الطريق الرئيسي بين الموصل وسوريا مدينة تلعفر وهي مركز للمتشددين في العراق منذ 2003 وخرج منها عدد من كبار قادة تنظيم الدولة الإسلامية والكثير من مقاتليه.
وقال العتابي الذي يقود كتيبة بمنظمة بدر أقوى فصيل في الحشد الشعبي إنه إذا لم يتمكن المقاتلون من هزيمة المتشددين بمفردهم فإن جماعات أخرى ستنضم إليهم.
مخاوف تركية
بدأت الحملة لاستعادة الموصل يوم 17 أكتوبر/ تشرين الأول بدعم جوي وبري من قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.
وانضم الحشد الشعبي إلى الهجوم في نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فهاجم تلعفر وسيطر على القاعدة الجوية جنوبي البلدة يوم 16 نوفمبر/تشرين الثاني.
وقد يجتذب الهجوم على تلعفر تركيا التي تخشى من سيطرة إيران على بلدة تسكنها أغلبية من التركمان والسنة والشيعة وتقع بالقرب من الحدود السورية والتركية. وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن أنقرة سترد إذا سببت الفصائل "رعبا" في تلعفر.
وشهدت تلعفر بعض أسوأ أعمال العنف الطائفي بعد غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة في 2003 لذا أثار دور الحشد الشعبي مخاوف من أن يسعى التركمان الشيعة الذين شردتهم الدولة الإسلامية للانتقام من التركمان السنة الذين بقوا في المدينة.
وتقول منظمة العفو الدولية إن قوات الحشد الشعبي ارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في عمليات سابقة بما في ذلك جرائم حرب ضد المدنيين الفارين من الأراضي الخاضعة لسيطرة الدولة الإسلامية لكن لم ترد أي تقارير مماثلة بخصوص العملية الحالية.
وحاول رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي تهدئة المخاوف من أعمال قتل عرقية وطائفية في تلعفر قائلا إن أي قوة سترسل لاستعادة السيطرة عليها ستكون انعكاسا للتنوع في البلدة.
موطئ قدم استراتيجي
يوضح هجوم تلعفر كيف يعيد الصراع مع نظيم الدولة تشكيل العراق إذ يمنح القوى المختلفة التي تصطف لمواجهة التنظيم المتشدد ورعاتها الإقليميين فرصة لتوسيع الأراضي الخاضعة لها وزيادة نفوذها.
وخلال شهر منذ انضمام الفصائل الشيعية لمعركة الموصل قامت بتطهير منطقة بمساحة نحو 200 كيلومتر مربع جنوب غربي المدينة تمر عبر معقل السنة القاحل ذي الكثافة السكانية المنخفضة.
وتزين الطبيعة القاحلة الآن ملصقات لأئمة الشيعة وقتلاهم وقادة فصائلهم كما ترفرف رايات الجماعات المختلفة التابعة للحشد الشعبي على جانب الطريق.
ويمر الطريق الذي شقته الفصائل عبر قرى سنية مهجورة تحولت إلى قواعد للحشد الشعبي الذي كتب أسماء كتائبه على جدران المباني ويخزن الدبابات والمدفعية وسيارات الهمفي هناك.
ثم يقطع الطريق الصحراء المفتوحة حيث تضيء السيارات أنوارها الأمامية في وضح النهار حتى تظهر وسط الرمال وصولا إلى القاعدة الجوية التي تقع على بعد نحو مئة كيلومتر غربي الحدود السورية.
وتظل قاعدة تلعفر الجوية موطئ قدم استراتيجي للحشد الشعبي التابع رسميا للحكومة العراقية لكنه يضم إلى حد كبير فصائل تدعمها إيران وموالية للزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي.