استقبل العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، الاثنين، رئيس وزراء إثيوبيا هايلي ماريام ديسالين، في الرياض، وعقد معه جلسة مباحثات "حول العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تنميتها وتعزيزها".
وذكرت وكالة الأنباء
السعودية الرسمية أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز وعددا كبيرا من الوزراء والمسؤولين حضروا اللقاء من الجانب السعودي، في حين حضر من الجانب الإثيوبي وزيرا الدفاع والمالية والتنمية الاقتصادية، إضافة إلى المبعوث الخاص لرئيس الوزراء الإثيوبي.
وتتزامن هذه الزيارة مع فتور واضح في العلاقات
المصرية السعودية منذ عدة أسابيع، على خلفية تصويت مصر في مجلس الأمن ضد الموقف السعودي في سوريا، تبع ذلك قطع السعودية الإمدادات النفطية لمصر. كما تأتي زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي للسعودية في وقت تتُهم فيه إثيوبيا بتهديد حصة مصر من مياه
النيل؛ عبر سد النهضة الذي تبنيه أديس أبابا.
حفاوة بالغة
وكان رئيس وزراء إثيوبيا وصل الرياض الأحد، وحظي وفده بحفاوة واضحة، حيث استقبله وفد سعودي رفيع المستوى في قاعدة الملك سلمان الجوية، كان على رأسه الأمير محمد بن نايف.
وأثار الاستقبال الحافل الذي لقيه الوفد الإثيوبي في الرياض تساؤلات حول احتمالية استخدام السعودية ورقة مياه النيل والتعاون مع إثيوبيا للضغط على نظام عبد الفتاح
السيسي في مصر.
وكان التوتر بين مصر وإثيوبيا تصاعد مؤخرا، بعد إلقاء الشرطة الأثيوبية القبض على مصريين اثنين في أديس أبابا، واتهامهما بالتخابر. لكن وزير خارجية المصري سامح شكري، الذي قام بزيارة لأديس أبابا قبل أسبوعين للمشاركة في مؤتمر دول جوار ليبيا، طالب الجانب الإثيوبي بالإفراج عنهما، نافيا تورط مصر في أي مخططات ضد إثيوبيا.
لكن إثيوبيا تتهم مصر أيضا بدعم مظاهرات احتجاجية شهدتها البلاد وتحولت لاشتباكات عنيفة.
اتفاقيات دفاعية واقتصادية
وبحسب الإعلام الرسمي السعودي، فإن الوفد الإثيوبي بحث مع المسؤولين السعوديين التعاون في المجال الدفاعي وزيادة التبادل التجاري.
وتم توقيع اتفاقيات استثمارية بلغت قيمتها نحو 160 مليون دولار، وفق بيان للمتحدث باسم الحكومة الإثيوبية.
كفانا عواطف
وتعليقا على هذه الزيارة، قال مصطفى علوي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، إن استقبال السعودية لرئيس وزراء إثيوبيا يعدّ أمرا طبيعيا، فالعلاقة بين إثيوبيا والسعودية خاصة، ودول الخليج بشكل عام، علاقة وطيدة منذ عقود طويلة؛ بفضل المشروعات القائمة بين الجانبين، مضيفا: "الكل يعرف أن السعودية ساهمت في تمويل سد النهضة تأكيدا لتواجد المملكة في إثيوبيا"، وفق قوله.
وأضاف علوي لـ"عربي21" أنه من الممكن أن يؤثر الاستقبال الحافل لرئيس وزراء إثيوبيا في الرياض على علاقة مصر بالسعودية، وعلى علاقة مصر بإثيوبيا أيضا، مشيرا إلى أن "العلاقات بين الدول لا تتم من خلال الروابط الأخوية، وإنما من خلال المصالح المشتركة، وعلى النظام المصري أن يتعامل مع السعودية ودول الخليج بمبدأ المصالح، وليس بالحب والعواطف".
أما جمال سلامة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة السويس، فرأى أن "العلاقات بين مصر والسعودية ثابتة بحكم الروابط التاريخية"، معتبرا أن "التوتر الذي حدث بين البلدين مؤخرا سببه اختلاف وجهات النظر حول قضايا إقليمية مثل الأزمة السورية واليمن"، لكنه اعتبر أن "هذا التوتر شيء طبيعي في العلاقات بين الدول، ولن يصل إلى قطع العلاقات الدبلوماسية أو الاقتصادية بين القاهرة والرياض".
وقال سلامة لـ"عربي21" إنه لا يعتقد أن علاقة مصر بالسعودية ستتأثر كثيرا بسبب زيارة رئيس وزراء إثيوبيا، فـ"القاهرة تعرف جيدا أن العلاقة بين الرياض وأديس أبابا وطيدة جدا، وهناك مشروعات اقتصادية مشتركة بين الجانبين الإثيوبي والسعودي".
وأضاف: "تأثير سد النهضة على مصر له أسباب أخرى، وليس من بينها استقبال رئيس وزراء إثيوبيا في السعودية".
وأشار إلى وجود مفاوضات حالية بين الحكومة المصرية والإثيوبية لحل أزمة سد النهضة، وأنه تم إنجاز جزء منها، "وما زالت هناك مفاوضات جارية للاتفاق على النقاط العالقة"، مؤكدا أن "أزمة سد النهضة سببها الحقيقي هو إهمال مصر لأفريقيا في الفترات السابقة، وعدم البحث عن بدائل تنموية لمياه النيل".