واصل طيران النظام السوري والطيران الروسي، الأربعاء، قصفه المكثف لأحياء شرق
حلب الواقعة تحت سيطرة الفصائل المقاتلة، فيما تمكنت الفصائل المقاتلة في "درع الفرات" من السيطرة على قرى أخرى في ريف حلب الشمالي.
وفيما يبدو المجتمع الدولي عاجزا عن إحباط عزم دمشق وحليفتيها موسكو وطهران على استعادة حلب التي تعد جبهة الصراع الرئيسية في
سوريا، أعلنت فرنسا عقد اجتماع مطلع شهر كانون الأول/ ديسمبر القادم يضم الدول الغربية والعربية الداعمة للمعارضة.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت: "لا بد من أن تكف الأسرة الدولية عن غض النظر. فما يجري هناك واقع رهيب (...) والتحرك أمر ملح"، وذلك بعد نحو أسبوع من إطلاق النظام السوري هجوما واسعا من أجل استعادة الأحياء الشرقية لمدينة حلب حيث يقطن نحو 250 ألف مدني يخضعون لحصار خانق.
مقتل مدنيين في حلب
وقضى مدنيون وجرح آخرون، الأربعاء، بقصف جوي طال أحياء متفرقة في مدينة حلب، حسب ما أفاد الدفاع المدني وناشطون لوكالة "سمارت" المعارضة.
وقال ناشطون، إن طائرات النظام الحربية شنت غارات بالصواريخ على حي الفردوس، ما أسفر عن مقتل ستة مدنيين وجرح آخرين، وأضافوا أن قصفا جويا بالصواريخ الفراغية طال حي الشيخ خضر، ما أسفر عن مقتل مدنيين اثنين وجرح أكثر من 30 آخرين، كما جرح مدنيون جراء غارات بالقنابل العنقودية على حي طريق الباب، فيما لم تسجل إصابات بقصف جوي مماثل على أحياء مساكن هنانو وضهرة عواد وكرم البيك والإنذارات وباب النيرب والمواصلات.
محاولات للخروج
وفي الأحياء الشرقية لمدينة حلب، "تجمعت مئات العائلات مساء الثلاثاء بالقرب من ممر يصل حي بستان الباشا للعبور نحو حي الشيخ مقصود"، حسبما ذكر مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، مضيفا أن "إطلاق نار سجل فيما كان المدنيون يحاولون العبور إلى الجهة الثانية".
ويقع حي الشيخ مقصود، وهو القطاع الشمالي من المدينة الذي يخضع لسيطرة القوات الكردية، بين الأحياء الغربية التي تسيطر عليها القوات النظامية والأحياء الشرقية التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة.
واتهم النظام السوري الثلاثاء مقاتلي المعارضة بمنع المدنيين من الخروج من أجل "اتخاذهم كرهائن ودروع بشرية".
وألقت مروحيات النظام مناشير تدعو مقاتلي الفصائل المعارضة إلى مغادرة المدينة. كما طالب الجيش المقاتلين في بيان بالسماح "لمن يرغب من المواطنين بالمغادرة".
ونفى عضو المكتب السياسي لحركة نور الدين الزنكي يوسف اليوسف أي محاولة لمنع المدنيين من المغادرة، مؤكدا أن "هذه المعلومات لا أساس لها من الصحة"، مشيرا إلى أن النظام يحاول بشتى الوسائل نشر الشائعات للإساءة إلى تصميم الثوار ومؤيديهم من السكان في حلب.
وأحرزت القوات النظامية التي تشن هجوما عنيفا على الأحياء الشرقية لحلب منذ أسبوع تقدما سريعا نحو الأحياء الشمالية الشرقية وخصوصا في مساكن هنانو، و"باتت تسيطر على نصفها تقريبا"، بحسب عبد الرحمن.
وتسمح السيطرة على مساكن هنانو للنظام بفصل القسم الذي تسيطر عليه الفصائل المقاتلة إلى قسمين وذلك بعزل الشمال عن الجنوب.
وضاعف تقدم القوات الحكومية نحو الأحياء التي تسيطر عليها الفصائل المقاتلة من معاناة السكان الذين لم يتلقوا مساعدات منذ 7 تموز/ يوليو.
"لا مكان آمن"
واستنكر منسق المساعدات الإنسانية لدى الأمم المتحدة ستيفن أوبراين اللجوء إلى استراتيجية الحصار في سوريا التي باتت تطال نحو مليون شخص، معتبرا أنها "شكل عنيف من العقاب الجماعي".
وقال إن السكان في هذه المناطق "معزولون وجياع ويتعرضون للقصف ومحرومون من المساعدة الطبية والرعاية الإنسانية بهدف إجبارهم على الخضوع أو الفرار".
وأكدت مديرة "سايف ذا تشيلدرن" في سوريا، سونيا خوش، أنه ليس هناك "أي مكان آمن للأطفال في هذا النزاع"، وانتقدت ابتزاز طرفي النزاع والهجوم الذي استهدف الأحد مدرسة تقع في الأحياء الغربية لحلب، وأسفر عن مقتل ثمانية أطفال على الأقل.
وأفاد المرصد عن حدوث حالات اختناق في الأحياء الشرقية لحلب إثر سقوط أربعة براميل متفجرة على القطرجي وضهرة عواد، تعتقد مصادر طبية أنها تحتوي على مادة الكلور.
ووافقت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التي تنظر في "أكثر من عشرين" اتهاما باستخدام أسلحة كيميائية في سوريا، الثلاثاء على عرض موسكو تقديم معلومات "يمكن أن تكون مفيدة" في التحقيق.
"درع الفرات" تتقدم
وسيطرت، الأربعاء، فصائل "درع الفرات" على خمس قرى بريف حلب الشرقي، عقب معارك مع "وحدات حماية الشعب" الكردية وتنظيم الدولة.
وقالت "غرفة عمليات حوار كلس" على حسابها في موقع "تويتر"، إن الفصائل سيطرت على قريتي "برشايا وجب الدم" بعد اشتباكات مع "الوحدات الكردية"، كذلك على قرى "جب البرازي ودويرة وبرات"، شمال شرق وشمال غرب مدينة الباب بعد معارك مع تنظيم الدولة.
كما تصدت الفصائل العسكرية لمحاولة تنظيم "الدولة" اقتحام قرية كفيرا، شمال مدينة الباب، وفجرت عربة مفخخة على أطراف القرية، وفق "حوار كلس".
وسيطرت فصائل من الجيش السوري الحر، الاثنين، على قريتي عرب ويران والشيخ ناصر غرب مدينة منبج بريف حلب الشرقي، بعد اشتباكات مع "وحدات حماية الشعب" الكردية، ضمن عملية "درع الفرات"، وفق ما أكدت "فرقة السلطان مراد".
تصعيد في "التل"
ومن جانب آخر، صعدت قوات النظام، الأربعاء، عملياتها العسكرية على مدينة التل في ريف دمشق، بعد هدوء نسبي دام نحو عامين.
وجاء التصعيد عقب محاولة "فاشلة" لميليشيا النظام، جرت الثلاثاء لاقتحام المدينة، لفرض شروط تسليمها على الفصائل العسكرية في المنطقة.
وقالت وكالة "سمارت" نقلا عن ناشطين في التل، إن طائرات النظام المروحية ألقت ثلاثة براميل متفجرة على منطقة وداي موسى على أطراف المدينة، تزامنا مع استهداف قوات النظام المتمركزة في "جبل الدخان" القريب بالمدفعية الثقيلة وقذائف "هاون"، أحياء المدينة.
ودفع هذا التصعيد أهالي مدينة التل إلى النزوح باتجاه العاصمة دمشق، إلا أن حواجز قوات النظام والميليشيات التابعة لها، منعتهم من الخروج، ما اضطرهم إلى النزوح باتجاه منطقة حرنة الشرقية جنوبي التل، وسط قصف مدفعي متقطع للنظام على أطراف المدينة.
وجاءت هذه التطورات بحسب الناشطين، بعد محاولة ميليشيا "درع القلمون" التابعة لقوات النظام، عصر الثلاثاء، اقتحام مدينة التل، بعد رفض فصائل الجيش الحر فيها تسليم المدينة، مضيفين أن الفصائل تصدت للميليشيا باشتباكات استمرت حتى صباح اليوم، وأسفرت عن مقتل عنصرين للنظام، وفق مصادر من "الحر".
وسبق أن استهدفت قوات النظام بالمدفعية والرشاشات الثقيلة، الثلاثاء، الأحياء السكنية في التل، وذلك بعد ساعة من إعلان ضابط برتبة لواء في فرع الأمن السياسي التابع للنظام، رغبة النظام في التفاوض مع وجهاء المدينة لمعرفة مطالبهم، بحسب ناشطين.
وكانت لجنة التواصل في مدينة التل دعت وفق بيان صادر عنها، في الـ 16 من الشهر الجاري، الفصائل المقاتلة في المدينة (المحاصرة منذ أكثر من عام)، إلى تسمية ممثلين عنها لبدء المفاوضات مع النظام، معتبرة أن ذلك يساهم في "إبعاد المخاطر عن المدينة ورفع المعاناة عن أهلها".