نشرت صحيفة "الغارديان" مقابلة أجراها إوين ماكسكل مع اللواء روبرت جونز، تقول فيها إن أعلى قائد عسكري بريطاني في
العراق وسوريا طالب السياسيين والدبلوماسيين بالتريث والصبر في المعركة لإزالة
تنظيم الدولة من
الموصل، بالرغم من مطالبات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد
ترامب قبل الانتخابات بتكثيف القصف ضد التنظيم.
وتنقل المقابلة، التي ترجمتها "
عربي21"، عن اللواء روبرت جونز، قوله إن الهجمات ضد تنظيم الدولة أدت إلى "قدر استثنائي من التقدم" على مدى العام الماضي، لكنه حذر من أن التنظيم يدافع باستماتة عن مواقعه، ما يتطلب أن تمارس القوات العراقية ضبط النفس.
وأضاف نائب قائد التحالف الذي تقوده أمريكا: "ما علينا أن نمارسه هو الصبر، وما نريده بعد ذلك هو أن تقوم القوات العراقية بتطهير المدينة .. بإمكانهم أن يندفعوا عبر المدينة بقوة، لكن ذلك قد يؤدي إلى إصابات كثيرة جدا في صفوف المدنيين، لكن ما يثير الإعجاب هو أن المسؤولين، من حيدر العبادي إلى الأقل منه رتبة، يهتمون بالإصابات بين المدنيين، ولذلك فإنهم يتعمدون عدم إيقاع ضحايا مدنيين".
وتشير الصحيفة إلى أن هذا الرأي يتناقض مع نفاد صبر ترامب تجاه استراتيجية منافسته هيلاري كلينتون في التعامل مع تنظيم الدولة، حيث وعد بأن التنظيم سيختفي بسرعة كبيرة عندما يصبح رئيسا، مستدركة بأنه رغم رفضه شرح خطته، إلا أنه تحدث عن القصف المكثف للتنظيم، ولحقول النفط التي يسيطر عليها، وقال ترامب العام الماضي: "أنا أعرف تنظيم الدولة أكثر مما يعرفه الجنرالات، صدقوني سأقصفهم بلا رحمة.. سأقصف هؤلاء البلهاء، نعم، وسأفجر تلك الأنابيب، وأفجر المصافي، وسأفجر كل شبر، ولن يبقى لهم شيء".
ويلفت الكاتب إلى أن جونز رفض أن يعطي توقيتا زمنيا لسقوط الموصل، أكثر من القول إن العملية تسير حسب البرنامج، مستدركا بأنه رغم أن التنظيم يدافع عن المدينة بشراسة، إلا أنه توقع أن يكون قد تم تطهير مدن وبلدات العراق من التنظيم تماما مع حلول النصف الثاني من العام القادم.
وتورد المقابلة أنه لدى سؤال جونز عن اتهام ترامب لأوباما بأنه لم يكن بالصرامة الكافية ضد تنظيم الدولة، فإنه أجاب قائلا: "لن أعلق على ما قاله ترامب خلال حملته الرئاسية، وما سأقوله هو أننا نضرب تنظيم الدولة بقوة كبيرة جدا، وقد وصفت لك التقدم الذي تم إحرازه العام الماضي، إنه قدر استثنائي من التقدم.. وقام ذلك جزئيا على ضرب تنظيم الدولة كل يوم، وفي الوقت الذي بدأت فيه القوات العراقية بدخول الموصل، كنا نقوم بضرب العدو؛ للتقليل من إمكانياته كل يوم لأشهر طويلة".
وتذكر الصحيفة أن جونز يعد اللواء الأصغر سنا في الجيش البريطاني، وهو ابن الليفتنانت كولونيل إتش جونز، الذي تمت مكافأته بصليب فيكتوريا، بعد أن قتل في حرب الفولكلاندز عام 1982.
وينقل ماكسكل عن جونز، قوله إن من المتوقع الحصول على كنز من المعلومات بسقوط الموصل، وأكد أن الوثائق التي تم الاستيلاء عليها في منبج في شمال
سوريا في شهر آب/ أغسطس، كشفت عن مخططات ضد أهداف أوروبية وغيرها في أنحاء العالم.
وتنوه المقابلة إلى أنه تمت إقامة وحدة متخصصة في الكويت؛ لتقوم بفحص أقراص الحاسوب المدمجة وذاكرة التخزين وغيرها من البيانات، التي تم الاستيلاء عليها في منبج، والتي تحتوي على تفاصيل التمويل والدعاية والخطط الإرهابية، مشيرة إلى أنه يبدو أنه كانت هناك خطط لأعمال إرهابية في أوروبا، بما في ذلك فرنسا، لكن لم يكن أي منها موجها لبريطانيا بالذات.
وقال جونز، ومقره في الكويت، حيث تدار عملية الحل المتأصل في العراق وسوريا، إن التنظيم يعاني بعد فقدانه 56% من الأراضي، التي كان يسيطر عليها في العراق، و28% من الأراضي التي كان يسيطر عليها في سوريا، لكنه أشار إلى أن تنظيم الدولة كان يتصرف ببربرية في ثاني مدينة عراقية، وقال إن التنظيم "يتصرف بلا رحمة في شوارع الموصل، في الوقت الذي نجلس فيه هنا في الشمس، فإن هناك قطع رؤوس، وقذف بالناس في خنادق النفط"، بحسب الصحيفة.
وتذكر الصحيفة أنه كانت هناك اتهامات متكررة للحشد الشعبي بارتكاب أعمال وحشية عند استعادة المناطق من تنظيم الدولة، مستدركة بأن الضباط البريطانيين قالوا إن المليشيات منعت من دخول الموصل عندما تمت استعادتها، وإنهم سوف يمنعون من دخول تلعفر أيضا.
وقال جونز للصحيفة إنه بعد سقوط الموصل، سيليه الهجوم على تلعفر، التي تم عزلها، ثم تكمل الفرقة السابعة من الجيش العراقي عبر وادي الفرات من قاعدة عين الأسد الجوية، وتوقع أن يأخذ المجتمع الدولي بعين الاعتبار السرعة التي انسحبت فيها القوات الأمريكية من العراق عام 2011، فإنها تريد البقاء في العراق بعد هزيمة تنظيم الدولة.
ويورد الكاتب نقلا عن ترامب، قوله خلال الحملة الانتخابية، بأنه سيعمل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لهزيمة التنظيم في سوريا، بالإضافة إلى أنه تحدى إدارة أوباما لثقتها بأن يقود المعتدلون في سوريا عملية استعادة الرقة، عاصمة تنظيم الدولة، وطالب بحملة عسكرية أكثر شراسة.
وتنقل المقابلة عن الجنرال الأمريكي المتقاعد مارك هيرتلنغ، قوله لقناة أخبار "سي أن أن" في وقتها، إن نهج الحزب الجمهوري سيتسبب باستقالات في الجيش، حيث من الصعب أن يبقى الجيش بعيدا عن التسييس في وجه مثل هذه التصريحات من أشخاص لم يكونوا هناك.
وتشير الصحيفة إلى أن جونز رفض التعليق على قضية الدور الروسي الحساسة، مستدركة بأنه لدى سؤاله عن تشكك ترامب عما إذا كان هناك ما يكفي من المعتدلين السوريين، فإنه قال: "نعم، أنا متأكد من أن هناك ما يكفي، ولم نكن لنتشارك مع شركائنا لو لم نكن نعتقد بأن هناك ما يكفي من المعتدلين السوريين، والخطة هي الاعتماد على أولئك المعتدلين".
وبحسب ماكسكل، فإنه لدى سؤال جونز، عما إذا كان ترامب سيغير رأيه عند تسلمه الرئاسة في 20 كانون الثاني/ يناير، بعد أن يتم اطلاعه على الأوضاع في العراق وسوريا من الجيش والمخابرات، فإن جونز أجاب قائلا: "من يعلم؟"
وتكشف المقابلة عن أن المليشيات الكردية والعربية استولت على أكثر من 10 آلاف وثيقة، وحوالي 4.5 تيرابايت معلومات من منبج، وعلق جونز على ذلك قائلا: "لن أدخل في التفاصيل، لكن عرفنا أن العمليات الخارجية كانت تدار من أراضي التنظيم، وبالذات من الرقة ومن منبج".
وتختم "الغارديان" مقابلتها بالإشارة إلى قول جونز: "كانت هذه مراكز عمليات خارجية مهمة، هناك كمية كبيرة من المعلومات، والوثائق والمواد الإلكترونية التي كانت مستغلة هناك، وتشير مباشرة ضد العديد من البلدان في العالم".