قالت منظمة "
هيومن رايتس ووتش"، الثلاثاء، إن قانونا جديدا مقترحا من مجلس النواب
المصري سيمنع المنظمات غير الحكومية المستقلة من العمل؛ لأنه سيجعل عملها وتمويلها خاضعين لمراقبة السلطات الحكومية، بما في ذلك الأجهزة الأمنية.
ووافق مجلس الدولة، الهيئة القضائية التي تراجع التشريعات، على مشروع القانون يوم 28 تشرين الثاني/ نوفمبر، ما مهد الطريق أمام مجلس النواب لإرساله مباشرة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي لتوقيعه؛ ليصبح قانونا.
صاغ أعضاء مجلس النواب مشروع القانون، وناقشوه وراء أبواب مغلقة، قبل تقديمه رسميا للنقاش يوم 14 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، ثم الموافقة على جميع مواده الـ89 في اليوم التالي.
وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "يحاول مجلس النواب المصري تفادي تدقيق الجمهور، بالتعجيل في اعتماد قانون من شأنه حظر ما تبقى من جماعات المجتمع المدني المستقلة في البلاد. إذا مُرر هذا القانون، فسيكون من المضحك القول بأن مصر تسمح بعمل المنظمات غير الحكومية؛ لأنه سيجعلها تحت رقابة الأجهزة الأمنية".
ودعت هيومن رايتس ووتش السيسي إلى رفض التوقيع على مشروع القانون.
كما طالبت الحكومة بإعداد مشروع جديد، مع الأخذ برأي المنظمات غير الحكومية المستقلة، وبما يتوافق مع الدستور المصري والقانون الدولي.
وقال ماينا كياي، المقرر الخاص للأمم المتحدة، المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، في 23 تشرين الثاني/ نوفمبر، إن القانون "سيدمر المجتمع المدني في البلاد لأجيال، وسيحوله إلى ألعوبة في يد الحكومة".
ويشبه المشروع مشروعا مماثلا اقترحته حكومة السيسي في 2014، ونحّته جانبا، بعد انتقادات واسعة، من بينها انتقادات من هيومن رايتس ووتش. ويذهب هذا المشروع، مقارنة بالسابق، لمستويات أبعد، مثل زيادة العقوبة القصوى لانتهاكه إلى 5 سنوات سجنا، وفرض توافق عمل الجماعة "مع خطة الدولة واحتياجاتها التنموية".
ويبدو أن مجلس النواب تجاهل المشروع المقدم إليه من حكومة السيسي في أيلول/ سبتمبر، بيد أن المشروع القديم احتوى البنود المرهقة ذاتها، إنما دون أن ينص على عقوبة السجن في حال المخالفة.
ويجرم مشروع القانون المقدم من مجلس النواب مجموعة من الأنشطة المذكورة بشكل فضفاض، مثل إجراء استطلاعات رأي أو بحوث ميدانية دون موافقة الحكومة، أو أي عمل "ذي طابع سياسي"، أو "ضمن نطاق" الأحزاب السياسية أو النقابات العمالية. لا يحدد مشروع القانون هذه المصطلحات، ما يجعلها مفتوحة لتفسير السلطات.
ووفق هيومن رايتس، فإن القانون سيؤثر على 47 ألف جماعة محلية و100 أجنبية تعمل في مصر، وفقا لتقديرات حكومية.
ووصف ناصر أمين، عضو "المجلس القومي لحقوق الإنسان" شبه الحكومي، المشروع "بالكارثي".
وسيمنع قانون مجلس النواب الجماعات غير الحكومية من العمل دون ترخيص ضمن ما تدعوه "المناطق الحدودية"، يشمل ذلك أجزاء من شبه جزيرة سيناء، التي تشن فيها الحكومة حملة مكافحة "إرهاب" مسيئة، والحدود الجنوبية مع السودان، مكان احتجاج جماعات نوبية للحصول على حق العودة إلى أرض أجدادها.
ورفضت الحكومة منذ عام 2013 السماح بذهاب معظم الصحفيين أو أي جماعات حقوقية إلى شمال سيناء، مكان الاشتباكات، ما صعّب التأكد ما إذا كانت القوات المسلحة ملتزمة بالقانون الدولي.