أثارت الأنباء الواردة بخصوص مطالبة
حكومة الوفاق الليبية، القيادي السابق في حركة فتح
محمد دحلان، بإعادة 500 مليون يورو استلمها من سيف الإسلام
القذافي، نجل الرئيس المخلوع، خلال ثورة شباط/ فبراير 2011، تساؤلات حول ملف الأموال الليبية المنهوبة والمهربة، ومدى قدرة الدولة الحالية على استعادة هذه الأموال.
وأكد وزير الخارجية الليبي، محمد سيالة، أن
ليبيا "حريصة على استعادة أموالها المنهوبة من جميع الجهات التي تلقت أموالا في عهد القذافي"، موضحا أن بلاده "ستلجأ للوسائل القانونية والقضائية لاستعادة حقوق الشعب الليبي".
وبعث دحلان برسالة إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي، فائز السراج، طالبه فيها بغض الطرف عن هذه المطالبة تحت ذريعة اعتبار هذه الأموال مساعدة للشعب الفلسطيني، بحسب تقرير نشرته صحيفة "الحياة الجديدة" الفلسطينية، السبت الماضي.
سذاجة
وقال أستاذ علم الاجتماع السياسي الليبي، رمضان بن طاهر، إن "استعادة الأموال الليبية المنهوبة يتطلب وجود دولة قائمة تحظى بشرعية حقيقية، وليبيا الآن منهارة، ما يجعل عودة هذه
الأموال المنهوبة هراء فارغا، وليس له أي قيمة قانونية أو سياسية".
وأضاف لـ"
عربي21": "أما بخصوص الأموال التي نهبها دحلان؛ فقد كانت في سياق إجهاض الثورة من خلال دعم النظام من الخارج، سواء بشراء السلاح، أم بنشر الاضطرابات والفوضى، أو وضعها في حسابات خارجية يجدها سيف الإسلام القذافي عند الحاجة، واستردادها صعب جدا".
لكن المحامي الليبي عصام التاجوري، رأى أن "دحلان مؤسس لأحد أبرز الأجهزة المخابراتية بالمنطقة العربية"، مضيفا لـ"
عربي21" أنه "إذا كانت معلومات حكومة الوفاق صحيحة؛ فمن الغباء الاعتقاد بأن دحلان ساذج ليترك وراءه أدلة إثبات تُدينه، وبالتالي فإن مجرد المطالبة بإرجاع الأموال لا تتجاوز مجرد تصريح ذي بعد سياسي فقط".
خطة لاستعادة الأموال
من جهته؛ أكد أستاذ القانون الدولي العام بجامعة الزقازيق المصرية، السيد أبو الخير، أن "استعادة الأموال الليبية تتطلب استراتيجية تستغل للاتفاقيات الدولية، ومنها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد".
وقال إنه "طبقا للمواد 54 و55 و57 من الاتفاقية؛ فإن الحكومة الليبية تستطيع محاكمة دحلان، وإصدار حكم عليه، ثم يقدم النائب العام الليبي صيغة الحكم لأمين عام الأمم المتحدة، مطالبا بإبلاغ الإنتربول الدولي واسترداد الأموال".
وأوضح لـ"
عربي21" أنه "يمكن استغلال مبادرة "أستار" التي أطلقها البنك الدولى عام 2008، التي "أسقطت أي حصانات سياسية أو دبلوماسية على مهرب الأموال"، مطالبا الحكومة الليبية "بالتقدم بطلب التحفظ على أموال ليبيا الموجودة في أي من بلدان العالم الأعضاء في الاتفاقية".
وأضاف: "هناك عدة طرق لاسترداد الأموال المنهوبة، أولها إقامة دعوى قضائية أمام المحاكم الدولية في الدول التي توجد فيها هذه الأموال، وذلك بعد ثبوت الإدانة في المحاكم الليبية، وثانيها الطرق الدبلوماسية الضاغطة بين الحكومات، والتعاقد مع شركة دولية متخصصة في التحرى والبحث عن هذه الأموال، كما حدث في رومانيا والمجر، وثالثها تفعيل جهد منظمات المجتمع المدني الليبية؛ بتقديم بلاغات ضد السارق في الدول التي يقيم فيها، أو الدول الموجودة بها الأموال".
هدف سياسي
أما الكاتب الصحفي الليبي، عبدالله الكبير، فرأى أن "مطالبة حكومة الوفاق لدحلان بإعادة الأموال في هذا التوقيت؛ هدفها سياسي، وذلك لعقد صفقة تضمن للمجلس الرئاسي موافقة رئيس البرلمان على الاتفاق السياسي، مقابل التوقف عن مطالبة دحلان بالأموال، بالنظر إلى قدرة الأخير على التأثير على رئيس البرلمان الليبي".
وقال لـ"
عربي21" إن "من حق الحكومة الليبية السعي لتحصيل أي أموال تعود ملكيتها لليبيا، لكن ماذا عن أموال ليبيا الأخرى؟ هل طالبت بها حكومة الوفاق أيضا، أم إنها اكتفت بدحلان؟".
وكانت صجيفة "الحياة" الجديدة، المقربة من السلطة الفلسطينية، نشرت تقريرا حول مطالبة الحكومة الليبية الحالية لمحمد دحلان، من خلال إحدى الدول الخليجية، بإعادة المبلغ المذكور آنفا، والذي استلمه دحلان، ومحمد رشيد، المستشار السابق لياسر عرفات، بخصوص صفقة أسلحة إسرائيلية لدعم القذافي، وهو ما لم ينكره "دحلان" نفسه، بحسب الصحيفة.
وتواصلت "
عربي21" مع المتحدث الرسمي لحكومة الوفاق الليبية، أشرف الثلثي، للتعليق على الأمر وتأكيد الطلب، إلا أنه امتنع عن الحديث، مكتفيا بالقول إنه "لا يملك معلومات عن تفاصيل القضية".