ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" في تقرير لمراسلتها إريكا سولومون، أن رموزا من
المعارضة السورية بدأت محادثات سرية مع موسكو؛ لإنهاء القتال في
حلب.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أنه بناء على تصريحات من أربعة رموز من مناطق المعارضة في شمال
سوريا، فإن أنقرة تقوم بالوساطة لعقد محادثات مع موسكو، لافتا إلى أن
المفاوضات تركزت على موضوع إنهاء الحرب في حلب.
وتنقل الكاتبة عن أحد قادة المعارضة، الذي طلب عدم ذكر اسمه، قوله: "يتحدث الروس والأتراك دون الولايات المتحدة الآن، وقد استبعدت واشنطن من هذه المحادثات بشكل كامل، وهي لا تعرف ماذا يحدث في أنقرة".
وتلفت الصحيفة إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تعقد فيها موسكو محادثات مع رموز المعارضة السورية، لكنها المرة الأولى التي تحضرها عدة جماعات من المعارضة، مشيرة إلى أنها دليل على أن هناك محاولات لعقد صفقة، بحسب الأشخاص المطلعين على مجرى اللقاءات.
وبحسب التقرير، فإن المحادثات لم تحقق تقدما يذكر، مستدركا بأن حقيقة انعقادها دون دور أمريكي تؤشر إلى التغير في معادلات السياسة في المنطقة، خاصة أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب أكد مرارا استعداده العمل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي قال إنه يعمل على ملاحقة "التطرف الإسلامي".
وتبين سولومون أن هذا الأمر يعد تحولا عن سياسة إدارة باراك أوباما، التي قدمت سلاحا وتدريبا للمعارضة، ودعت إلى رحيل رئيس النظام السوري بشار
الأسد، لافتة إلى أن اللاعبين الإقليميين أظهروا استعدادا لتجاوز واشنطن، والبحث عن تحالفات مع موسكو، التي طورت صورة القوة الصاعدة في المنطقة والقادرة على عقد صفقات.
وتورد الصحيفة نقلا عن القيادي في مجلس حلب المحلي علي شيخ عمر، قوله إن الساسة في المنطقة الشرقية من المدينة وافقوا على تشكيل فريق للمشاركة في المفاوضات مع الروس؛ من أجل وقف الغارات الجوية، وأضاف أن "المفاوضات تعقد مباشرة مع الروس؛ لأننا نعرف الآن أن بشار الأسد ما هو إلا حاكم إقليم ينفذ أوامر بوتين".
وينقل التقرير عن دبلوماسي غربي، قوله إنه لا يملك معلومات عن المفاوضات، ويحاول الحصول على تفسيرات لها، منوها إلى أن لديه تقارير عن طائرات روسية أقلعت من القاعدة الجوية الروسية في مدينة اللاذقية باتجاه العاصمة التركية أنقرة في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر.
وتفيد الكاتبة بأنة لا أحد من الذين تحدثت إليهم الصحيفة أكد الكيفية التي أجريت فيها المفاوضات، وعما إذا تمت وجها لوجه مع الروس، أم من خلال وسطاء أتراك.
وتورد الصحيفة عن الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية إميل هوكاييم، قوله إن مفاوضات مع الروس ستترك تداعيات أبعد من سوريا، التي بدأ فيها تهميش الولايات المتحدة في ظل أوباما، الذي أبدى ترددا في توريط واشنطن في التنافسات الإقليمية، وهو ما دفع قادة في الشرق الأوسط للتوجه نحو موسكو، وأضاف: "لقد ضمن النهج الأمريكي من النزاع هامشية دور واشنطن، التي لم تعد مهمة، ليس فقط في سوريا، ولكن في ديناميات إقليمية أوسع، وخسرت ماء وجهها ونفوذها"، وتابع قائلا: "حدث تحول في سياسات المنطقة، وقد حدث هذا في ظل أوباما، سواء بقرار أم نتيجة فشل".
وينوه التقرير إلى زيارة الجنرال الليبي خليفة حفتر، الذي زار موسكو طالبا دعمه بالسلاح في النزاع الذي تشهده ليبيا، بالإضافة إلى أن تركيا حلت خلافاتها مع
روسيا في الصيف، بعد فترة من التوتر عقب إسقاط الطائرة الروسية العام الماضي، حيث يعتقد أن أنقرة قد توصلت إلى تفاهم مع موسكو يسمح لها بنشر قوات تركية في شمال سوريا، كما زادت مصر ودول خليجية أخرى من اتصالاتها مع موسكو.
وتنقل سولومون عن تشارلز ليستر من معهد الشرق الأوسط، قوله إن أول لقاء عقد في أنقرة بين روسيا وتركيا والمعارضة كان يوم الاثنين، ومن المحتمل عقد لقاء آخر يوم السبت، ويضيف: "تقوم روسيا بالمراهنة، فهي تفضل عقد صفقة مع المعارضة، فلو سقطت حلب فإن النظام بحاجة إلى قوات كبيرة ليسيطر على المدينة، حيث أصبح يعتمد على المساعدة الإيرانية، التي تفضل موسكو تجنبها"، مشيرا إلى أن المعارضة ستجد صعوبة في الموافقة على المطالب الروسية المتعلقة بفك الارتباط مع جبهة فتح الشام.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن "التوتر لا يزال قائما بين أنقرة وموسكو، خاصة بعد اتهامات تركيا للنظام السوري باستهداف قواتها، وتقول المعارضة إن تركيا تعتقد أن النظام حصل على الضوء الأخضر من موسكو، وهو ما يظهر هشاشة العلاقات بين البلدين".