نشرت صحيفة "أغورا فوكس" الإيطالية تقريرا سلطت فيه الضوء على
مصر، التي تعتبر أكبر بلد عربي من حيث القمع وانعدام القانون وتطبيق حقوق الإنسان وحرية الرأي في فترة حكم رئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن السلطات المصرية أفرجت في الآونة الأخيرة عن اثنين من المعارضين الذين سجنوا لمدة طويلة، وهما الطبيب أحمد سعيد والناشط الحقوقي سيف صنعاء، اللذان صرحا بأن آلاف المعارضين لا زالوا يقبعون في السجون، وأن نظام السيسي قد خصص لوائح إلكترونية جديدة لتسهيل عمليات اعتقال المعارضين.
وأشارت الصحيفة إلى أن
السلطة التشريعية أدخلت تعديلا على المادة 78 من القانون الجنائي ضد المنظمات غير الحكومية. ويعمل مجلس الدولة على دراسة هذا التعديل، الذي يمهد لتكريس سيطرة الدولة على المنظمات غير الحكومية التي يجب أن تكون "مطيعة"، وتحت إشراف السلطة التنفيذية ورئاسة الجمهورية، وإلا ستتم عرقلة كل أنشطتها المستقبلية.
وذكرت الصحيفة أن تطبيق نظام الرقابة سيستهدف المنشآت الأجنبية بصفة خاصة، التي يمكن أن تشكل خطرا على الأمن القومي. وبالتالي، يجب السيطرة عليها من قبل السلطات المصرية التي تقوم بطرد العمال وبفرض عقوبات جنائية أو غرامة أو الحكم بالسجن لمن لا يمتثل لأوامرها.
وتجدر الإشارة إلى أن منظمة العفو الدولية وممثلي مصر لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ينددون بصفة مستمرة بأعمال القمع التي تشنها حكومة السيسي وبانعدام القانون في المؤسسات المصرية.
وتحدثت الصحيفة عن تمرير رئيس المحكمة الدستورية العليا في مصر، عدلي منصور، في نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر 2013 مشروع قانون يمنع التجمع في أي ساحة من ساحات البلاد. ولم يكن ذلك من أجل تجنب حصول تجمعات أو اعتصامات في ميدان التحرير أو في ميدان رابعة، ولكن لمنع تجمع أي حشد من الناس يحملون لافتات أو أبواق. وبالتالي، يعتبر هذا القانون انتهاكا لحرية التعبير، والتفكير والقرار في مصر.
وأفادت الصحيفة أن ما يسمى بقانون مكافحة الاحتجاج الذي يطمح بعض الموالون لحكومة السيسي إلى تركيزه في البلاد هو أيضا يتناقض مع أحكام الدستور، فهم يرغبون في ضمان حرية التجمع والتعبير، إذا كانت تلك التجمعات سلمية. ولكن على الرغم من ذلك، تم حل وتفكيك عشرات الاجتماعات العامة، عن طريق استخدام العنف في 25 كانون الثاني/ يناير 2014، واعتقال الكثير من المتظاهرين في ذلك التاريخ.
وأضافت الصحيفة أن نظام السيسي ما زال يرغم الكثيرين على الصمت، مواصلا عملية التضليل حول بعض الحقائق والحيثيات التي تحصل بعلمه. كما أنه مازال ينفي دائما عدم التزامه بتطبيق الحريات والحقوق في البلاد، على الرغم من أن هذه المسألة كانت موضوع نقاش خلال مؤتمر منظمات حقوق الإنسان، الذي انعقد في الأيام الأخيرة في روما.
وبينت الصحيفة أن هذا المؤتمر جاء تحت عنوان "فلنواجههم"، وهو يهدف إلى النظر في سياسات القمع التي تنتهجها الحكومات تجاه المواطنين سواء في الدول غير
الديمقراطية أو حتى في الدول الديمقراطية. والجدير بالذكر أن المحامي المصري مالك عدلي، الذي لا زال يبحث في قضية مقتل الشاب الإيطالي جوليو ريجني، كان من بين الناشطين الحقوقيين الذين حضروا هذا المؤتمر.
وأكدت الصحيفة أن مالك عدلي قد وجه اتهامات ضد أجهزة القمع وكل من قام بأعمال وحشية سجلت في تاريخ البلاد. وأشارت إلى أن هذا المحامي قد سجن في شهر مايو/ آيار الماضي، بسبب معارضته لقانون الحكومة المتعلق ببيع جزر تيران للمملكة العربية السعودية.
كما أن العديد من الناشطين والحقوقيين والصحفيين قد سجنوا، على غرار المحامي عدلي، وعانى هؤلاء من العزلة بسبب دفاعهم عن حقوقهم وحقوق غيرهم.
وفي الختام، ذكرت الصحيفة دعوة مالك عدلي إلى ضرورة إيقاف كل أشكال القمع والاضطهاد في مصر، وهو ما لن يحدث إلا بإجراء حملة دولية تهدف إلى الدفاع عن حرية الفكر والتعبير والتجمع ومشاركة المواطنين، وإلا ستتواصل عمليات الصمت والتضليل وإخفاء الحقائق مستقبلا.