كان نوري بارزان تاجر المواد الغذائية الكردي
العراقي يفكر في إغلاق مخزنه بسبب قلة النشاط عندما بدأت حملة عسكرية لدحر مقاتلي تنظيم الدولة من معقلهم في
الموصل فهدأت مخاوفه.
لكن مع استعادة القوات العراقية أجزاء من الموصل منذ تشرين الأول/أكتوبر، سرعان ما تحرك التجار في البلدات الكردية لإمداد المتاجر التي بدأت تفتح أبوابها من جديد في المناطق التي خرج منها مقاتلو تنظيم الدولة.
وقال بارزان وهو جالس في مخزنه بمدينة كلك التي تقع شرقي الموصل مباشرة إن "المبيعات قفزت 50 بالمئة منذ بدء العملية حيث يشتري التجار بضائع استعدادا لاستئناف النشاط في الموصل".
وتشمل بضائع بارزان الأرز وزيت الطهي والصابون ورقائق الذرة، وهي سلع يشتد عليها الطلب في مناطق الموصل التي بدأت الحياة تدب فيها من جديد بعد عامين ونصف العام من وقوعها في أيدي تنظيم الدولة.
ويضيف بارزان الذي يدير
المخزن مع ولديه: "كنت أفكر في إغلاق المحل مع تدهور النشاط ولكني الآن أكثر تفاؤلا. لم نعد إلى ما كنا عليه من قبل لكن الأمل يحدونا".
والتطورات الأخيرة مبعث ارتياح. فالبطالة كانت آخذة في الارتفاع في إقليم كردستان العراق شبه المستقل بشمال العراق على مدى عامين مع تهاوي أسعار النفط وتوقف حكومة بغداد عن تمويل كردستان بعد أن بدأت حكومة الإقليم في مد خط أنابيب لنقل النفط الخام إلى تركيا.
وأصبح مشهد مواقع البناء المهجورة والمتاجر المغلقة والتجار الذين يجلسون بلا عمل في مكاتبهم من المشاهد المعتادة في كلك وبقية كردستان وعاصمة الإقليم أربيل.
كانت الموصل وهي مدينة عربية، تحصل على الإمدادات أساسا من التجار في سوريا الذين يجلبون البضائع التركية والإيرانية والسورية.
ودعم المسلحون هذا الطريق من خلال ربط الموصل بالرقة في سوريا، في حين قطعوا معظم الطرق الممتدة إلى المناطق الكردية والأراضي التي تسيطر عليها الحكومة.
وقال فرحان معجل مالك إحدى متاجر البقالة التي عاودت فتح أبوابها في الضواحي الشرقية منذ اخترقت القوات العراقية دفاعات تنظيم الدولة: "بضاعتي الآن تأتي من كلك".
وأضاف قائلا: "لم أكن أعرف التجار وإنما أوصى بهم أصدقاء أكراد. قبل ذلك كان كل ما أبيعه يأتي من سوريا".
يحكي معجل أن
الأكراد يعرضون أسعارا جيدة ويسمحون له ببيع علبة المشروبات الغازية مقابل 250 دينارا عراقيا (0.22 دولار) أي نصف سعرها البالغ 500 دينار في ظل سيطرة الدولة عندما كانت الإمدادات محدودة.
لكن الأسعار ارتفعت في الأيام الأخيرة مع فرار المدنيين من مناطق استعادها الجيش العراقي وذلك بسبب التفجيرات والهجمات الصاروخية التي يقال إنها من تنفيذ مقاتلي الدولة.
ولقي الاقتصاد الكردي دفعة أيضا من تدفق عشرات الآلاف من الجنود ورجال الشرطة الذين يشاركون في حملة الموصل وعمال الإغاثة الذين يقدمون يد العون لنحو 80 ألف مدني فروا من القتال الدائر.
يقول مؤيد ماماند وهو تاجر كردي آخر في كلك: لعمل بدأ ينتعش مع مجيء التجار لشراء بضائع للموصل".
ومثل بارزان يبيع ماماند أساسا السلع الغذائية المستوردة من تركيا وبعض السلع من إيران ولكن بكميات أصغر. وتقتصر المنتجات المحلية على الجبن والحليب.
كل صباح تتدفق عشرات الشاحنات من كلك ومدن كرديةأخرى محملة بشتى الإمدادات من الماء إلى الخبز والأرز والصابون إلى معسكرين يأويان أكثر من 40 ألف نازح أو إلى قواعد الجيش العراقي.
ويمد تجار آخرون متاجر الموصل بالبضائع بعد اجتياز نقاط التفتيش العسكرية إما بإقناع الجنود أو ببعض الرشى. ويقول أحمد محمد وهو مسؤول في خبات الملاصقة لمدينة كلك "الاقتصاد تدهور بشدة ولكنه الآن مزدهر جدا".
ومن بين قوة قوامها 100 ألف جندي أرسلها الجيش إلى الشمال يتدفق الجنود على سوق خبات الرائج.
يقول محمود حكيم وهو جندي من بغداد وقف يتفقد معاطف شتوية "كلنا نأتي هنا لشراء ملابس. الجو هنا أبرد بكثير من بغداد".