نشرت صحيفة "الصنداي تلغراف" مقالا تحت عنوان "استراتيجية العربية السعودية لأسعار النفط المنخفضة قد فشلت".
ويقول كاتب المقال، المحلل الاقتصادي البريطاني ليام هاليغان، إننا سنودع عام 2016 على أسعار نفط مرتفعة تصل إلى 60 دولارا للبرميل الواحد، إذا لم يحدث أي انهيار مالي. ويشير إلى أن وراء هذا الارتفاع جزئيا قرار منظمة
أوبك الأخير بتحديد سقف الإنتاج لأعضائها.
ويراجع الكاتب تاريخ انخفاض
أسعار النفط بعدما وصلت في منتصف عام 2014، إلى 115 دولارا للبرميل الواحد، إلى أن انخفض سعر خام برنت إلى 37 دولارا، وفي شباط/ فبراير وصل انخفاض الأسعار إلى أقل من 30 دولارا للبرميل الواحد.
ويقول الكاتب إن منظمة أوبك التي ظلت لنحو 56 عاما تحدد سقف إنتاجها للحفاظ على أسعار نفط مرتفعة يمكن أن تُفيد أعضاءها، اتخذت قرارا بقيادة السعودية في عام 2014 لإغراق الأسواق بالنفط لتقليل أسعاره، في محاولة لإفشال شركات إنتاج النفط الصخري الأمريكية ذي الكلفة المرتفعة التي بدأت تهدد بأخذ حصة من السوق النفطية، وتجعل أسعار النفط المنخفضة من عملية إنتاج النفط الصخري المكلفة بلا أي جدوى اقتصادية.
ويوضح الكاتب أن إنتاج أوبك النفطي، الذي يشكل نحو ثلث الإنتاج العالمي، ارتفع من 31.8 مليون برميل في عام 2014، إلى 35.4 مليون برميل، وأدت هذه الوفرة إلى انخفاض كبير في الأسعار.
مصاعب مالية
ويضيف أنه مع المصاعب المالية التي باتت تواجه السعودية ودول الخليج، فقد توصلت منظمة أوبك إلى اتفاق لأول مرة منذ عام 2008، لتخفيض سقف ضخ النفط بنحو 1.2 مليون برميل.
ويشير هاليغان إلى أن السعودية تحملت الحصة الكبرى في التخفيض بنحو 500 ألف برميل يوميا، كما أن دول الخليج الأخرى مجتمعة (الإمارات وقطر والكويت) خفضت بنحو 300 ألف برميل أخرى.
أما العراق، الذي كان يطالب بحصة أكبر لمواجهة نفقات الحرب ضد تنظيم الدولة، فقد وافق على تخفيض بنحو 200 ألف برميل من إنتاجه النفطي.
ويرى الكاتب أن إيران ضمنت عبر هذا الاتفاق زيادة في حصتها من الإنتاج، بعدما كانت تطالب بذلك لأنها استبعدت من الأسواق العالمية بسبب العقوبات الدولية التي كانت مفروضة عليها.
ويشدد الكاتب على أن هذا الاتفاق جاء بعد أشهر من الخلاف بين البلدين المتنافسين إقليميا، إيران والسعودية، بعدما وافقت السعودية على التخفيض الكبير في حصتها، بينما ضمنت إيران حصة 3.8 مليون برميل قريبة من سقف إنتاجها السابق قبل العقوبات الذي كان نحو أربعة ملايين برميل، وهو ما يراه تحولا كبيرا من السعودية في تنازلها لمصلحة منافسها الإقليمي.
ويتحدث الكاتب عن تأثير انخفاض أسعار النفط على السعودية التي خفضت كثيرا من إنفاقها العام لمواجهة العجز في الميزانية الذي يقترب من نسبة 20 في المئة من إجمالي ناتجها القومي. وعانت الكويت ودولة الإمارات المتحدة من عجز في الميزانية يصل إلى 12 و9 في المئة على التوالي من دخلهما القومي.
موقف روسيا
ويرجع الكاتب أيضا الارتفاع في الأسعار إلى ترافق قرار "أوبك" مع تخفيض في الإنتاج من روسيا والدول المنتجة خارج "أوبك"، بنحو 600 ألف برميل، لكنه يلقي شكوكا في الوقت نفسه بشأن مدى التزام روسيا، التي تنتج مثل السعودية 10 ملايين برميل يوميا، بنسبة تخفيض 300 ألف برميل كانت قد أعلنتها.
ويقول الكاتب، إن موسكو، التي يرى أنها تتمتع بموقف قوي، يمكن أن تلجأ لأسباب جيوسياسية أو أسباب أخرى لإيذاء السعودية، عبر ضخ النفط إلى الأسواق للتحكم بأسعار النفط.
ويشدد الكاتب على أن المستفيد الأول من كل ذلك هو الشركات المستثمرة في إنتاج النفط الصخري، وقد ارتفعت أسعار أسهم نحو 50 شركة إنتاج واستكشاف أمريكية عاملة في هذا المجال بنسبة 10 في المئة، في البورصات الأمريكية الأسبوع الماضي.