كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت"
الإسرائيلية، في افتتاحيتها، الاثنين، عن ملياردير ماروني لبناني، أنه شريك في أبو ظبي، ويبني سفن "ساعر 6" لإسرائيل.
وكشف الصحفيان سمدار بيري وتمار شبك، عن لقاء على يخت فاخر في الريفيرا الفرنسية. بين شاب إسرائيلي، عرض نفسه باسم عاموس، والصحفي الفرنسي روجيه أوك، قال له خلاله: "لدينا طيار، يدعى رون أراد، محتجز في الأسر منذ 1986"، فأجابه عاموس بلا مقدمات زائدة: "نحن نعتقد بأن من حررك من الأسر يمكنه أن يساعدنا".
وأوضح أوك في كتاب السيرة الذاتية الذي نشر بعد موته، أنه عرف بالضبط عن من يدور الحديث: رجل الأعمال اللبناني،
إسكندر صفا، الذي حظي بلقب "ساندي".
وكشفت "يديعوت أحرونوت" الأسبوع المنصرم، أن حوض السفن الذي يبني لسلاح البحرية السفن من طراز "ساعر 6" يوجد بملكية شركة من أبو ظبي، وأن مدير الشركة الذي يملك 30 في المئة من أسهمها، هو إسكندر صفا ذاته.
ولكن بحسب كتاب أوك، فإن العلاقات بين ساندي وإسرائيل ولدت قبل سنوات طويلة من ذلك، في 1989، في ذاك اللقاء في الريفيرا الفرنسية، حيث ادعى أوك في كتابه أن الإسرائيليين طلبوا منه ربطهم بصفا، الذي أنقذه بعدما اختطفه حزب الله عندما كان في بيروت، و"بالمقابل وعدوني بمقابلة صحفية مع الشيخ عبيد"، بحسب قوله.
ويروي أوك أنه تلقى عرضا ووصل إلى إسرائيل، حيث انتظره عاموس مع عميل
الموساد "طوني" ومع أوري لوبراني، الذي كان في حينه منسق أعمال الحكومة في لبنان، ولم تخرج المقابلة إلى حيز التنفيذ، ولكن بدلا منها تلقى أوك قصة أخرى، واستعاد أوك في كتابه الفكرة، فقال: "حين عدت إلى باريس قمت بنصيبي في الصفقة وربطت بين لوبراني وصفا".
وقال لوبراني الأحد في حديث مع "يديعوت أحرونوت": "التقيت مع الكثيرين جدا من الشخصيات اللبنانية بهدف جمع معلومات عن مصير رون أراد، وأذكر أنه كان بينهم أيضا شخص يدعى صفا"، ويكشف أوك النقاب في كتابه عن أن اللقاءات تمت في شقة صفا الواسعة في أحد الأحياء الفاخرة والغالية من باريس.
مواطن العالم الكبير
وقالت "يديعوت أحرونوت" إن إسكندر صفا ولد قبل 64 سنة لعائلة مسيحية مارونية ثرية في بلدة جدير في شمال لبنان، ووالده، الذي كان موظفا حكوميا كبيرا، مول له دراسة الاقتصاد وإدارة الأعمال في الولايات المتحدة، وحرص على أن يعد له شبكة متفرعة من العلاقات في الساحة التجارية.
وفي عامه الثاني والعشرين، عمل صفا في شركة مقاولات في السعودية وأشرف على مشروع كبير: بناء المطار العسكري في الرياض، وتعلم الماجستير في مدرسة "إنساد" العليا في فرنسا، وبدأ يستثمر في الصفقات العقارية، وفي مرحلة لاحقة أقام مع شقيقه أكرم شركة سفن وكسب لنفسه خصوما ومنافسين، ودرج على أن يقضي إجازاته في سان تروبيز.
ويروي صفا أن "لبنان هو وطني ولكن بعد 20 سنة من الحرب الأهلية أشعر بأني في البيت في فرنسا وفي بريطانيا أيضا"، وشرح تنقلاته بين لندن وباريس وإمارات النفط في الخليج، كما أنه كشف ذات مرة بطنه أمام عدسة الكاميرات وعرض ندوبا لحقت به جراء إصابتين بالرصاص في أثناء الحرب الأهلية، حين قاتل في إطار المليشيات المسيحية، وفي حينه أيضا التصق به لقب "ساندي".
صفا، الذي يعرف نفسه بأنه "مواطن العالم الكبير"، يفضل إدارة أجزاء كبيرة من نشاطاته السرية من إمارة أبو ظبي في الخليج العربي. وحيث يسكن اليوم في أبو ظبي، يمكنه أن يهبط بطائرته الخاصة، يخرج ويدخل دون أن تلوح صوره في وسائل الإعلام، واحد لا يحقق معه من هم رجال الاتصال الذين من خلالهم يدير أعماله التجارية.
معروف في فرنسا
ولكن رغم محاولاته الابتعاد عن الأضواء، بحسب "يديعوت أحرونوت"، فإن صفا اسم معروف للجمهور الفرنسي بسبب دوره في قضيتين في الثمانينيات والتسعينيات:
الأولى، في نهاية الثمانينيات، ترتبط بالفدية التي دفعتها الحكومة الفرنسية لتحرير مجموعة من الدبلوماسيين والصحافيين الفرنسيين الذين اختطفوا في لبنان.
وفي القضية الثانية، المسماة "أنغولا- غيت"، فقد تفجرت في 1991، عندما تبين أن سياسيين من اليمين في فرنسا حاولوا أن ينقلوا أسلحة بقيمة نحو 790 مليون دولار إلى رئيس أنغولا جوزيه إدواردو دوس سانتوس، الذي قاتل ضد الثوار في بلاده.
وفي الحالين اختفى قسم من المبلغ على الطريق، وطرح اسم "صفا" في التحقيق كمن توسط بين الطرفين واقتطع سمسرة سمينة. وروى مصدر مغفل لصحيفة فرنسية في تلك الفترة أن إسكندر لديه "علاقات في كل المجتمعات في الشرق الأوسط، بما في ذلك إسرائيل والموساد".
ومنذئذ تمكن صفا من أن يقيم مع أخيه شركة "فريبنفست" للسفن، التي تقيم مكاتبها في باريس وفي بيروت، وهما يسيطران على شركة الاستثمارات "ترياكورب"، وعلى حوض سفن "CMN" الفرنسي، وكذا على حوض سفن "أبو ظبي مار"، الذي يبني سفن "ساعر 6".
وفي عام 2010، ذكر اسم "صفا" كوسيط بين السعودية وشركة "داسو" الفرنسية، التي تحاول أن تبيع للسعوديين طائراتها القتالية من طراز "رفائيل". وفي 2012 نشر أن صفا، صديق سيف الإسلام، ابن معمر القذافي، حاول التوسط في صفقات بين ليبيا وأحواض سفن مختلفة في العالم، كما أنه توسط في صفقة شراء سفينتين قتاليتين لسلاح البحرية الجزائري من شركة السفن الألمانية "TKMS".
وقبل سنتين، في مقابلة نادرة، شرح صفا أن "التجارة في الطائرات والسفن القتالية أكثر جدوى من البناء وسمسرة السفن المدنية".