رأى الكاتب البريطاني المعروف والمتخصص في قضايا الشرق الأوسط ديفيد هيرست، أن سقوط مدينة حلب في أيدي النظام السوري المدعوم من روسيا وإيران لا يمكن أن يعني أن الحرب انتهت، أو أن نظام الأسد حسم المعركة لصالحه، مؤكدا أنه "من غير المحتمل أن تشكل أطلال حلب رمزا لانبعاث دولة سورية جديدة".
وقال هيرست في مقال طويل نشره موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، وترجمته "عربي21"، إن "سقوط حلب لن يشكل نهاية الحرب، وإنما بداية فصل جديد، والطريقة التي سيرد بها الثوار هي التي ستحدد ما إذا كانت سوريا الموحدة ستخرج من تحت الرماد".
وأضاف: "على الأغلب أن تتحول أطلال مدينة حلب إلى أرض معركة لمقاومة القوى العسكرية الغازية المتفوقة، والتي منها الروس، ومنها الإيرانيون، ومنها كذلك حزب الله".
ويتوقع هيرست أن تنجر روسيا تدريجيا إلى تواجد عسكري مباشر في سوريا مستقبلاً، وهو ما سيجعل جنودها تحت نيران الثوار السوريين، حيث يقول إن "روسيا ستضطر إلى البدء في إقامة المستشفيات وتوفير الأطباء في المناطق التي تحولت إلى ركام بفعل قصف طائراتها، وهو الأمر الذي بدأوا بتنفيذه في شرق حلب، وهذه المرافق بدورها ستحتاج إلى حماية يوفرها الجنود الروس الذين لا مفر من وجودهم على الأرض، والذين سيتحولون من بعد إلى أهداف لهجمات الثوار".
وفي إشارة واضحة الى أن سوريا قد تتحول إلى أفغانستان أخرى بالنسبة للقوات الروسية، فإن هيرست يؤكد أنه "لا جدوى من استخدام سلاح الجو في حرب الشوارع داخل المدن".
ومن المعروف أن هيرست هو واحد من الصحافيين الغربيين القلائل الذين قاموا بتغطية الحرب الروسية في الشيشان، حيث إنه أقام هناك مدة طويلة تحول خلالها إلى خبير في الشؤون العسكرية الروسية.
ويقول هيرست إنه "بعد سقوط حلب يوجد سيناريوهان اثنان، أحدهما أن المعارضة السورية بكل تشكيلاتها، بما في ذلك الجيش السوري الحر والتنظيمات الإسلامية، سوف تتفسخ وتتلاشى، وسيبقى الأسد في السلطة بينما تستمر المحادثات حول المرحلة الانتقالية إلى الأبد. وسيصبح الحفاظ على النظام هو الهم الأكبر لكافة القوى الأجنبية التي دعمت الأسد ووقفت معه، والتي دفعت ثمنا باهظا لإبقائه في السلطة".
وتابع: "ولهذا السبب، فإنه حينما تسقط حلب، سوف يضطر بوتين ولافروف إلى العمل ساعات إضافية لإعلان أن المهمة قد أنجزت، تماما كما فعل بوش في العراق، لإنهاء الحرب بشكل رسمي. إلا أن ذلك مجرد أماني وأحلام. لقد كانت فيديريكا موغريني، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، محقة حينما حذرت لافروف في روما الأسبوع الماضي من أن سقوط حلب لن يكون نهاية الحرب. ما لحق بالبلاد من دمار وبالبشر من تشريد في هذه الحرب الأهلية سيكون بمثابة الوقود الذي سيغذي مزيدا من المقاومة. نحن لسنا أمام تكرار لما جرى في حماة، التي شهدت انتفاضة الإخوان المسلمين في عام 1982، والتي تم احتواؤها عندما دمرت المدينة عن بكرة أبيها على يدي حافظ، والد بشار الأسد".
وأضاف: "لن ينجم عن سقوط حلب سوى تعميق أزمة القيادة السنية، ولا مفر من أن يأتي رد الفعل. والسؤال الاستراتيجي الكبير هو: هل سيكون رد الفعل لاعقلانيا، يقوده الجهاديون ويؤدي إلى مزيد من الدمار؟ أم إن الثوار يمكن أن يصيغوا رد فعل رشيد؟".
ويؤكد هيرست أن "هذا هو السيناريو الثاني.. هل سيتعلم الثوار دروسا من فشلهم العسكري الاستراتيجي الهائل؟ هناك الكثير مما يمكن الحديث عنه في هذا الصدد. لقد صدقوا التأكيدات المتنوعة التي كانت تأتيهم من قبل الأمريكان ومن المملكة العربية السعودية ومن تركيا ومن قطر، بأنهم كانوا سيتلقون الأسلحة التي كانوا بحاجة إليها لخوض هذه الحرب. إلا أن الأسلحة لم تصل أبدا".
وينتهي الكاتب البريطاني إلى القول: "الدرس الذي يمكن استخلاصه من ذلك هو أن المعارضة السورية لا يمكنها الاعتماد على أحد، ولكن لكي يكونوا مكتفين بذواتهم فإن عليهم أن يتحدوا. بكل بساطة لم يتمكن الجناح السياسي للمعارضة السورية، والذي تشكل من الدبلوماسيين المنشقين والأكاديميين المنفيين في الشتات، من القيام بالمهمة المناطة به. بل لقد مزقهم الاختلاف والشقاق، وكانوا في غاية الضعف، منوا أنفسهم بالمساعدات التي كانوا يرجون أن تصلهم من أمريكا، وتفوق عليهم خصومهم مكرا وكيدا".
ويختم هيرست مقاله بالقول: "لا مفر من استعادة السمت الأصلي لهذه الثورة إذا ما أريد لسوريا الموحدة أن تنهض من جديد من تحت الرماد الذي آلت إليه حلب".
لمطالعة المقال كاملاً إضغط هنــــا