يعاني الاقتصاد التركي من تدهور متزايد بسبب الأزمات المحيطة في
تركيا منذ المحاولة الانقلابية في شهر تموز/ يوليو الماضي، وما أعقبها من تدخل عسكري في الشمال السوري، من خلال عملية "نهر الفرات"، ومعركة الموصل ضد تنظيم الدولة في العراق.
وفي الوقت ذاته، تخوض الدولة قتالا ومعارك شرسة جنوب شرق البلاد، مع مسلحي حزب العمال الكردستاني، بعد انهيار اتفاق السلام بين الطرفين قبل نحو عام.
وبدأت بوادر الأزمة الاقتصادية التركية بعد انخفاض قيمة سعر صرف
الليرة التركية أمام الدولار، إضافة لتأثيرات عالمية، مثل انتخاب دونالد ترامب رئيسا لأمريكا، ما أدى لارتفاع سعر الدولار عالميا.
وحاولت الحكومة التركية الأسبوع الماضي، من خلال دعوات أطلقها المسؤولون على رأسهم الرئيس رجب طيب أردوغان للمواطنين، بتحويل العملات الصعبة لديهم للعملة المحلية أو شراء الذهب، ما أطلق حملة شعبية واسعة، استجاب لها الأتراك بشكل كبير.
وأدت الحملة لارتفاع سعر الليرة التركية من 3.55 إلى 3.35، قبل أن تعود للارتفاع مع مباحثات حزب العدالة والتنمية مع حزب الحركة القومية المعارض في موضوع التعديلات الدستورية التي ستطرح لاحقا، لتحويل النظام الرئاسي في البلاد من برلماني إلى رئاسي.
وأعقب هذا كله، وقوع تفجيري إسطنبول مساء السبت، ما أدى لمقتل أكثر من 38 قتيلا و150 جريحا، ليقود تركيا نحو مزيد من التعقيد في وضعها الاقتصادي.
انخفاض صرف الليرة
من جهته، قال الصحفي التركي، رامي عبد العال، في حديث مع "
عربي21"، إن الاقتصاد التركي يقاس بارتفاع سعر الدولار والبنزين، وبذلك ترتفع الأسعار طبقها لها.
وقال عبد العال، إن إسطنبول تعاني من التفجيرات منذ عام 2015، لذلك انخفضت أعداد السياح فيها بشكل كبير، وتحول عدد منهم نحو مدن أخرى، مثل بورصة أو مدن البحر الأسود.
وأوضح عبد العال، أن التفجير الأخير سيؤثر بشكل مباشر على ارتفاع الدولار بشكل رئيس، وتخوفات من عدم عودة المستثمرين للبلد.
وشدد الصحفي على أن الحكومة حاولت مواجهة ارتفاع الدولار، من خلال التعامل بالعملة المحلية مع روسيا والصين، من خلال عمليات التبادل التجارية بين البلاد، وقال إن تركيا تهدف لرفع التبادل التجاري مع روسيا إلى 100 مليار دولار أمريكي.
خوف المستثمرين
من جانبه، قال المختص بالشأن التركي، صالح عياد، في حديثه لـ"
عربي21"، إن عملية تفجير إسطنبول ستؤثر بشكل سلبي على الاستثمارات الأجنبية.
واتفق عياد مع الصحفي عبد العال في تأثير التفجير على سعر صرف الدولار، الذي سيؤدي لهبوط سعر صرف العملة المحلية.
وأضاف عياد أن هناك حالة من الخوف تتملك المستثمر الأجنبي، ولا تشجعه على العودة بسبب الظروف الأمنية السائدة، ما يؤثر على الاقتصاد بشكل كبير.
وشدد على أن الاستقرار السياسي والأمني مرتبط بشكل مباشر بالاقتصاد، وقال: "الاقتصاد التركي سيستقر في حال استقرار الأمور الأمنية والسياسية، وهو لن يعود إلى سابق عهده دون هذا الاستقرار".
وأشار عياد إلى أن مسودة الدستور كان يجب أن تقود استقرار سياسي، ولكن التفجير الذي حصل سيبدد هذه الآمال.
وختم عياد حديثه، قائلا: "الحكومة تضع على أجندتها الاقتصاد بشكل مستمر، ولكن الأمر غير مرتبط بها كما قلت، بل هو سياسي أمني".