كشفت مصادر أمنية تركية، الإثنين، أن النظام السوري تعمد ترك مضادات "دروع" و"طيران عالي النطاق" لتنظيم الدولة في مدينة "تدمر" وسط البلاد، بهدف تسليحه ضد فصائل
الجيش السوري الحر التي تقاتل في إطار عملية درع الفرات.
وقالت المصادر الأمنية، إنهم "توصلوا إلى نتيجة بأن النظام السوري يسلح
تنظيم الدولة بشكل متعمد، وأنه لم يقم بتدمير مضادات الدروع والطيران قبل انسحابه من مدينة تدمر التابعة لمحافظة حمص".
وكان تنظيم الدولة أعاد سيطرته على تدمر في حمص، بعد غض نظام بشار
الأسد والداعمين له، النظر عن هجمات التنظيم التي استمرت أياما، ليغتنم التنظيم بذلك كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر.
وأعلنت حسابات مقربة من تنظيم الدولة على شبكات التواصل الاجتماعي، أن التنظيم اغتنم 30 دبابة و6 ناقلات جنود و6 مضادات طيران عيار 122ملم، و7 مضادات طيران عيار 23ملم، و4 مستودعات أسلحة خفيفة وذخائر، وكميات كبيرة من مضادات الدروع.
وأكد ناشطون إعلاميون من تدمر، أنهم لم يتمكنوا من تثبيت سوى غارة جوية روسية واحدة ضد تنظيم الدولة، أثناء تزود عناصر التنظيم بالوقود.
واللافت أن تنظيم الدولة سيطر بسرعة فائقة على مدينة تدمر بواسطة قوة قوامها 200 مسلح فقط، مقابل 6 آلاف من قوات النظام السوري والمليشيات الموالية له، التي كانت في المدينة، فضلا عن روسيا.
وأثار ترك النظام المدينة لتنظيم الدولة في وقت قصير، الشكوك من تكرار سيناريو، كان قد تحدث عنه القاضي السوري محمد ناصر، لا سيما وأن عملية استعادة المدينة من قبضة تنظيم الدولة في المرة الماضية استغرقت أكثر من شهر.
كما أن هناك مخاوف من أن تنعكس نتائج الوضع في مدينة تدمر سلبا على عملية درع الفرات، حيث أن الأسلحة التي اغتنمها التنظيم في تدمر، يعزز من احتمال استخدامه ضد القوات المسلحة التركية، وفصائل الجيش السوري الحر، التي تحارب التنظيم بفعالية في عملية درع الفرات، لا سيما بعد امتناع النظام السوري والداعمين له من الحرب عليه مؤخرا.
وأما الشكوك الأخرى، فتتمثل بأن تكون الأسلحة الجديدة التي اغتنمها التنظيم في تدمر، مضادة للأسلحة المستخدمة في عملية درع الفرات.
وكانت قوات النظام السوري استعادت السيطرة على المدينة بدعم جوي روسي، في 27 آذار/ مارس الماضي، قبل أن يستعيدها تنظيم الدولة ثانية أمس.
وتجاهلت روسيا والمليشيات الإيرانية وقوات النظام السوري التي حشدت كل قوتها ضد فصائل المعارضة في الأحياء الشرقية لمدينة حلب، تهديد تنظيم الدولة ضد المدينة على مدار 5 أيام من التقدم بمئات السيارات والعناصر.
وسيطر التنظيم لأول مرة على مدينة تدمر في أيار/ مايو 2015، المصنفة على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو".
وكان القاضي محمد قاسم ناصر، الذي عمل نائبا عاما لمدينة تدمر بين 2013 - 2015، قد أدلى بتصريحات للأناضول في شباط/ فبراير الماضي، شرح خلالها كيف سلم النظام السوري مدينة تدمر لتنظيم الدولة بشكل متعمد، ولاقت تصريحاته حينها صدى واسعا لدى وسائل الإعلام العالمية.
وقال ناصر في تلك التصريحات: "كان العقيد محمد جابر الضابط بقوات النظام، يقوم بصفقات بيع أسلحة لعناصر تنظيم الدولة، وذلك بطريقتين، إحداهما تكون بصفقات بيع بشكل مباشر ويقوم بتهريب الأسلحة ليلا لعناصر التنظيم، ويقوم وسطاء بينه وبين تنظيم الدولة بدفع المبالغ المالية ثمنا للأسلحة".
وأضاف: "أما الطريقة الثانية فكانت أكثر استخداما، حيث كان العقيد محمد جابر عبر وسطاء، منهم الشيخ الحمودي، يتفق مع تنظيم الدولة على كمية معينة من السلاح، ثم مع الوسيط على سعر هذه الكمية ونوعيتها".
واستطرد: "ثم تقوم عناصر التنظيم بالهجوم على أحد نقاط أو حواجز عناصر لواء ميليشيا صقور البادية (تتبع للنظام) الذي يقوده جابر بعد أن يكون قد ملأه بالذخيرة والعتاد الذي طلبه تنظيم الدولة".
وتابع: "يعطي جابر أمرا بالانسحاب حرصا على حياة عناصره، وعندها يسيطر تنظيم الدولة على الأسلحة وينقلونها لمراكزهم،فتعود عناصر صقور البادية للسيطرة مجددا على الحاجز بعد أن يتم إفراغه".
وأردف: "ثم يقوم الوسيط بين الطرفين بنقل ملايين الدولارات من تنظيم الدولة إلى العقيد المذكور، وكل الضباط في مدينة تدمر والمسؤولون كانوا يعرفون بالخروقات التي كانت تحصل من قبله (جابر)، ولكن لا أحد كان يعترض".