ذكرت صحيفة "الغارديان"، أن تقريرا لمنظمة الأزمات الدولية في بروكسل كشف عن اجتماعات سرية بين المسؤولين الأتراك والإيرانيين حول
سوريا.
وجاء التقرير، الذي يتحدث عن العلاقات التركية
الإيرانية، بناء على مقابلات مع مسؤولين بارزين، ونشر في الوقت الذي تقدمت فيه القوات التابعة للنظام السوري في عمق المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية في حلب الشرقية، وسط تقارير عن ارتكاب جرائم ضد المدنيين.
وتشير الصحيفة، بحسب ما ترجمته "
عربي21"، إلى أن التقرير يأتي ضمن سلسلة تقارير أعدتها المنظمة، وتحاول فيها تحليل المحاولات الدبلوماسية الفاشلة لحل الأزمة السورية، التي مضى عليها ستة أعوام تقريبا.
وتلفت "الغارديان" إلى أنه بعد انتخاب الرئيس الإيراني الإصلاحي حسن روحاني بثلاثة أشهر، فإن طهران قدمت في أيلول/ سبتمبر لأنقرة خطة سلام، تم إعدادها بالتشاور مع قائد فيلق القدس للعمليات الخارجية في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني.
وبحسب التقرير، فإن الخطة تحدثت عن وقف لإطلاق النار، يتبعه تشكيل حكومة وحدة وطنية، ومن ثم إصلاحات دستورية، تهدف إلى تخفيض صلاحيات الرئيس، بالإضافة إلى أن الخطة تضمنت انتخابات رئاسية وتشريعية بإشراف الأمم المتحدة.
وتفيد الصحيفة بأن الخطة كانت نتاجا لدبلوماسية مكوكية، قام بها كل من وزير الخارجية التركي السابق أحمد داود أوغلو ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف، لافتة إلى أن الخطة انهارت في النهاية؛ بسبب الخلاف حول دور رئيس النظام السوري بشار
الأسد.
وينقل التقرير عن ظريف، قوله: "لقد اتفقنا على التفاصيل كلها، باستثناء بند واحد يتعلق بالمرحلة النهائية للخطة، التي تدعو إلى عقد انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة، وطلب المسؤولون الأتراك منع الأسد من المشاركة"، وأضاف: "لقد كان رأيي أن هذا يجب ألا يكون مصدر قلق في انتخابات تعقد بإشراف دولي، خاصة في ظل اعتقاد الأتراك أن الأسد لديه سجل مريع وقاعدة دعم صغيرة، لكن داود أوغلو رفض، وذهبت جهودنا هباء".
وتكشف الصحيفة عن أنه بحسب التقرير، الذي اطلعت عليه "الغارديان"، وعنوانه "
تركيا وإيران: أصدقاء مريرون ومتنافسون بالأحضان"، فإن المسؤولين الأتراك لم يكونوا يثقون بمصداقية الأسد، وبأنه سيقبل بأي عملية لنقل السلطة تضعف من سيطرته على الحكم، مشيرة إلى أن تركيا كانت تعتقد أن هزيمته محتومة.
وتورد الصحيفة نقلا عن الرئيس التركي السابق عبدالله غول، قوله: "لم تواصل حكومتنا الجهود مع إيران؛ لاعتقادها أن الأسد سيطاح به في غضون أشهر"، ويعلق معدو التقرير بالقول: "من وجهة نظر أنقرة، فإنه لم تكن هناك حاجة للتنازلات في ضوء هزيمة الأسد، أو حتى تعديل شروط الصفقة".
وجاء في التقرير أن فرصة أخرى ظهرت لعقد صفقة تركية إيرانية بشأن سوريا، بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة في تموز/ يوليو هذا العام، عندما عبرت إيران، وبشكل سريع، عن دعمها للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ما أدى إلى ترطيب العلاقات بين البلدين، وإن بشكل مؤقت.
وتنوه الصحيفة إلى أن تقدم قوات حماية الشعب الكردية في سوريا أدى إلى عودة العلاقات بين أنقرة وموسكو، مستدركة بأنه رغم استمرار الخلاف بين الإيرانيين والأتراك حول مصير الأسد، إلا أنهم ركزوا نقاشاتهم على قضايا أخرى، بما في ذلك الحديث عن نظام برلماني أم رئاسي، وكيفية التشارك في السلطة.
وتستدرك الصحيفة بأن
المحادثات غرقت في مناخ من عدم الثقة المتبادلة، خاصة بعد قرار أنقرة التدخل مباشرة في سوريا، ومنع قوات حماية الشعب التقدم نحو غرب الفرات، في عملية أطلقت عليها "درع الفرات".
ويعلق التقرير قائلا إن "المسؤولين الإيرانيين عبروا عن عن دهشتهم؛ لأن تركيا لم تبلغهم عن العملية، رغم وجود مسؤول إيراني بارز في أنقرة قبل يوم من العملية، وربما خافت تركيا من قيام إيران بتحذير قوات حماية الشعب".