لا تعنيه رسومه وعباراته الثورية التي خطها بألوان زاهية على معظم جدران المدينة كثيرا، بقدر ما يعنيه تراب
حلب الذي "سيسلم للغرباء"، كما يقول الناشط الإعلامي جمعة موسى، المعروف بلقب "الإعلامي المرح"، لـ"
عربي21".
يصف موسى الشعور الذي يخالجه، قبل أن يرحل عن المدينة بموجب اتفاق إجلاء السكان من أحياء حلب المحاصرة، قائلا: "القلب يبكي قبل العين، مدينتي راحت إلى غير رجعة".
أما الناشط محمد حلواني فبدأ حديثه لـ"
عربي21"، مبتهلا إلى الله أن يلهمه الصبر على فراق حلب، التي تضم رفات رفاق دربه في الثورة، مشيرا بحزن؛ إلى أن "كل شيء سيذهب وكأنه رماد، وكأن ست سنين من الثورة لم تكن".
بدوره، لم يجد الناشط الإعلامي معتز خطاب؛ كلمات تعبر عن مدى حزنه، إلا قوله: "اللغة تقف عاجزة عن وصف كل المشاعر والصور القديمة التي التي تجتاحني كالسيل العارم"، مشيرا إلى "الشهداء ورائحة الدماء التي لا زالت تعبق بكل شبر من أزقة حلب".
ويتابع قائلا: "لله الأمر.. فكل سنتميتر واحد من أرض هذه المدينة لنا فيه حكاية"، ويتساءل: "لماذا خذلنا هذه المدينة التي أحبتنا؟".
من جانبه، يتمنى الناشط الإعلامي محمد نور، لو أن للكاميرا الخاصة به "ألف عدسة"، حتى يتسنى له تصوير كل شيء في المدينة قبل الرحيل، كما قال لـ"
عربي21"، مستحضرا يوم وداعه لبيته في حي الكلاسة للمرة الأخيرة، بالقول: "قبل يوم واحد، وحين كنت أحضر طعام العشاء في منزلي، وصلت قوات النظام إلى مشارف حي الكلاسة، وحينها فر كل سكان الحي، لكن في اليوم الثاني تراجع الجيش، وحينها عدت لأودع بيتي".
ويتابع: "في اليوم الثاني كانت مائدة الطعام على حالها، بينما كانت الأبواب والنوافذ مشرّعة، ألقيت نظرة على كل تفاصيله، وعاودت الخروج". ومن ثم يصمت قليلا قبل أن يضيف: "لم أحاول تصويره مطلقا، لأن صوره ستبقى محفورة في الذاكرة، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها".
ويستطرد نور: "في كل مرة كنت أتعرض فيها للخطر أثناء جولات التصوير، كنت أعود للبيت لأشاهد زوجتي وأمي وأبي داخل المنزل، فينسيني هذا المشهد كل ما حدث لي من قبل.. ليت الذي يجري الآن حلما ليس إلا"، ليضيف: "هو كابوس أسود، وليس حلما البتة.. حلب راحت من يدنا".