تسعى
تركيا بكل إمكانياتها إلى إفشال المخططات التي تستهدف تشويه صورتها أمام العالم وزعزعة أمنها واستقرارها، وأفادت وسائل إعلام محلية ارتفاع عدد الأشخاص المحتجزين من قبل قوات الأمن في البلاد، للاشتباه في صلتهم بحادث اغتيال السفير الروسي في أنقرة، أندريه كارلوف، إلى 5 أشخاص من بينهم والدة وشقيقة مولود ميرت ألطنطاش، قاتل الدبلوماسي الروسي.
وبعد ساعات من اغتيال السفير الروسي في أنقرة، سمع دوي إطلاق نار قرب السفارة الأمريكية في العاصمة التركية، فيما أعلنت السفارة الأمريكية إغلاق سفارتها وقنصليتها بتركيا، تزامنا مع إعلان السفارة
الإيرانية إغلاق أبوابها والقنصليات التابعة لها، في أعقاب اغتيال السفير الروسي، حسبما ذكرت وكالة "إيسنا" الإيرانية.
وأعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي الروسي، اليوم، أن لجنة تحقيق روسية فتحت بشأن
مقتل السفير قضية جنائية بموجب المادة 361 من القانون الجنائي "عمل إرهابي دولي ".
وقالت لجنة التحقيق الروسية في بيان لها بحسب وكالة "سبوتنيك" الروسية: "على إثر مقتل سفير
روسيا لدى تركيا أندريه كارلوف، فتحت مديرية التحقيق للقضايا الهامة والخاصة بمكتب التحقيق الفيدرالي الروسي قضية جنائية على أساس جريمة بموجب الجزء 3 من المادة 361 من القانون الجنائي.
وأكدت وسائل إعلام تركية منذ قليل وصول مجموعة من المحققين الروس إلى العاصمة أنقرة لبحث قضية اغتيال السفير الروسي مع الجانب التركي.
ومن جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي التركي، معين نعيم، أن تركيا تسعى لامتصاص كل تبعات الحادث بأقل الأضرار، مشيرا إلى أن رد الفعل التركي على الحادث كان قويا وعلى أعلى مستوى بدءا من الكلمة التي ألقاها رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان إلى الاتصالات المتبادلة بين البلدين بهدف طمأنة روسيا خاصة والبعثات الدبلوماسية الأجنبية في تركيا عامة.
وأكد نعيم، في تصريحات خاصة لـ"
عربي21" أن تركيا تستهدف أن تثبت عكس ما يريده أعداؤها بأنها غير آمنة وغير مستقرة، عبر التعاطي المباشر مع كل حادث بطريقة احترافية بعيدا عن العواطف.
وأضاف: "الأمر بصرف النظر عن كونه عملا ارتجاليا أو تقف وراءه منظمات أو دول فإن المحصلة تؤكد أن المستهدف هو تركيا وليس السفير الروسي وتبعات الحادث بإطلاق النار على السفارة الأمريكية خير دليل على ذلك".
وتابع معين: "تركيا تشهد أحداث مفتعلة ومقصودة ولا أستبعد وقوف أمريكا أو إيران وراء هذا الحادث، وإغلاق سفارتيهما هدفه توظيف الحادث في صناعة صورة ذهنية للعالم أن تركيا دولة غير آمنة"، مشيرا إلى روسيا ولية الدم كانت أكثر إنصافا من أمريكا وإيران في التعامل مع الحادث.
وأوضح أن استمرار الموقف الروسي في هذا الإنصاف سيفشل المخططات التي تستهدف زعزعة أمن واستقرار تركيا، لافتا إلى أن روسيا وتركيا بحاجة إلى علاقة طيبة مشتركة ولا يريد كلا منهما تعكير صفو العلاقات بينهما.
وقال معين إن العلاقات بين الدول لا تتأثر بالحوادث، ولكن الدول توظف الحوادث لتبرير قطع العلاقات أو التصعيد السياسي ضد الآخر، مؤكدا أن رد الفعل التركي على المستوى الداخلي سيكون حاسما ومباشرا بدءا باحتجاز كل عائلة منفذ الحدث للتحقيق معهم في رغبة تركية سريعة للوصول إلى نتائج نهائية، كما أن تركيا ستلجأ إلى رفع مستوى تأمين البعثات الدبلوماسية.
وفيما يتعلق بمواصلة تركيا عملية التطهير ضد جماعة فتح الله غولن، قال معين إن الأمر سيتوقف على نتائج التحقيقات والتأكد فيما إذا كانت هناك جهة بعينها تقف وراء الحادث أم أن الأمر سيقتصر على كونه مجرد حادث فردي ارتجالي.
وقال المحلل السياسي والخبير في الشأن الروسي، رائد جبر، إن هذا الاعتداء كان يستهدف العلاقات الروسية التركية، مؤكدا أن الحادث سيؤدي إلى تعزيز التعاون والمشترك ولن يؤثر على العلاقات بين البلدين.
وتابع في تصريحات خاصة لـ "
عربي21": "كل المؤشرات تقول إن هناك تفاهما مشتركا بين روسيا وتركيا، وأن الحالة الراهنة تختلف بشكل جذري عن الحالة التي أعقبت حادث إسقاط الطائرة الروسية لأن العلاقات وقتها كانت على خلاف كبير أما اليوم فهناك تعاون كبير بين البلدين".
وأكد أن المطالب الروسية ستقتصر في الإجابة على عدة أسئلة سيتم توجيهها إلى تركيا من الجانب الروسي ستكون معظمها فنية حول الثغرة الأمنية للحادث وليست سياسية.