عادت حمى
الاشتباكات لتفرض نفسها كأمر واقع على سكان مخيم
عين الحلوة جنوب
لبنان، إثر اندلاع معارك بين حركة "فتح" و"جند الشام" خلال تشييع كل من محمود عبد الكريم صالح وسامر حميد اللذين قتلا الأربعاء.
وكان حميد، المعروف باسم "سامر نجمة"، والمنتمي إلى "عصبة الأنصار" وهي من التيارات الإسلامية الأقوى في المخيم، قد اغتيل الأربعاء، فيما قتل صالح في الاشتباكات التي استمرت طوال ليل الأربعاء وحتى فجر الخميس، بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، كما ألقيت قنابل يدوية عدة في منطقة الصفصاف- البركسات.
واندلعت الاشتباكات مجددا الخميس؛ في المنطقة نفسها، وامتدت إلى محور طيطبا عرب زبيد، فيما حوصرت عشرات العائلات في منازلها.
وأسفرت الاشتباكات الجديدة عن مقتل عبد الله محمد الغار، بينما سُجلت حركة نزوح كثيفة لأهالي المخيم.
وأسفرت جهود قيادة الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية في لبنان عن احتواء الاشتباكات، وشُكّلت لجنتان لسحب المسلحين من الطرقات.
وأفادت مصادر من حركة حماس، لـ"
عربي21"، أن المساعي نجحت في التوصل إلى وقف المعارك، والحصول على ضمانات لعدم تجددها، لكن المصادر أبدت تخوفها في الوقت عينه من الأجواء المشحونة والانفلات الحاصل.
ويضم مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، الواقع قرب مدينة صيدا الساحلية في جنوب لبنان، فصائل ومجموعات مسلحة عدة، أبرزها الأذرع العسكرية لحركة فتح، ومجموعات إسلامية أبرزها "عصبة الأنصار" إضافة إلى "جند الشام".
هل تتكرر الخروقات الأمنية؟
وقال رئيس "الحركة الإسلامية المجاهدة" في مخيم عين الحلوة، الشيخ جمال خطاب، إن "حدوث الخروقات الأمنية أمر وارد عندما يكون السلاح متاحا لمجموعات تريد أن تعبث بأمن واستقرار المخيم"، لكنه أشار، في حديث لـ"
عربي21"، إلى أن المساعي أفضت إلى "تدارك الأمور قبل أن تنفلت وخلال وقت قصير"، مشددا على ضرورة "معالجة الأزمة من جذورها"، وفق قوله.
وتابع: "الاجتماعات متواصلة من قبل الفصائل كافة، ونعمل على مراقبة أي خروقات من أي طرف، ونسعى للحصول على ضمانات لعدم تجدد جولات العنف، بما يضمن لأهالي المخيم ما ينشدونه من أمن واستقرار"، على حد تعبيره.
وعن تردي الأوضاع من النواحي كافة في المخيم، قال خطاب: "نعيش واقعا صعبا يتطلب صبرا ومشاركة من جميع المعنيين في إيجاد العلاجات الناجعة لأزمة تتكرر في المخيم". ورأى أن على "أبناء المخيم مسؤولية، إلى جانب الفصائل والقيادات السياسية والإسلامية، بأن يشكلوا عاملا داعما وضاغطا من أجل تحقيق أمن مستدام".
أهداف الاغتيالات
من جهته، اعتبر قائد القوة الأمنية الفلسطينية في
المخيمات، اللواء منير المقدح، في تصريحات خاصة لـ"
عربي21"، أن الاغتيالات التي تحصل بين فينة وأخرى هي موجهة للمخيم وأبنائه، ومنفذوها يحملون أجندات تريد توتير الأجواء وخلق نزاعات مستمرة وبث روح الفرقة بين أطيافه"، كما قال.
ولفت إلى أن "الموقف السياسي للقيادات الفلسطينية في لبنان موحد، حيث توجهت لجان للتأكد من إعادة الأمور إلى نصابها عبر انتشار القوة الأمنية التي تمكنت من السيطرة على الأمور، وإيقاف الدوامة التي استمرت لساعات وبثت الذعر لدى الأهالي".
وأبدى المقدح أسفه لتكرار "الاشتباكات بين شهر وآخر، وخروج الأمور عن السيطرة بفعل مخططات يحاول البعض من خلالها ضرب أمن المخيم عبر تنفيذ جولات اغتيال واقتتال بشكل متكرر"، على حد وصفه.
ولفت إلى أن "هناك قرارا بتسليم المشتبه بهم في تنفيذ عملية الاغتيال الأخيرة؛ للعدالة، ومن ثم ملاحقة المطلوبين في تهم تنفيذ عمليات اغتيال سابقة، وذلك لضمان عدم انفلات الأمور مجددا".
وعن تعذر الوصول إلى المتهمين في تنفيذ عمليات الاغتيال سابقا، قال المقدح: "هناك قسم من المشتبه بهم تم تسليمه فعلا إلى الدولة اللبنانية، بينما تعذر تسليم القسم الآخر لاعتبارات أمنية، ولكن القرار السياسي الجامع من القوى الفلسطينية كافة هو اجتثاث من تسبب بجرّ الأمور الى العنف والاقتتال".
وأردف: "هناك غطاء سياسي فلسطيني كامل للجنة الأمنية في مخيم عين الحلوة لملاحقة مرتكبي الجرائم وسوقهم إلى المحاكمة، وذلك عبر تنسيق كامل مع الدولة اللبنانية، حيث نسعى جميعا إلى ضبط الأمن وتنظيم السلاح داخل المخيم"، لافتا إلى أن "هناك مذكرة تعدّ في هذا المجال سيتم الإعلان عنها قريبا".
وعن المعاناة التي يكابدها أهالي مخيم عين الحلوة جراء تجدد الاشتباكات، قال: "أنا أقطن وسط أبناء مخيم عين الحلوة، وأعلم حجم المأساة التي يعانيها اللاجئون من النواحي كافة، ولذلك ترتكز جهودنا على حصر الأزمات الأمنية ومنع امتداد تأثيراتها على الأهالي، وآمل أن ننجح قريبا بتنظيم السلاح وإنهاء جولات العنف تماما وقفل هذا الباب المؤلم نهائيا".
اجتماع الفصائل
وكانت قيادة الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية في لبنان؛ قد عقدت اجتماعا طارئا في مقر سفارة فلسطين في بيروت، الخميس، بحضور السفير أشرف دبور.
وشدد المجتمعون في بيان على "ديمومة العمل المشترك، وتحمّل المسؤولية من الجميع وبالوتيرة نفسها من الجهد ضمن قناعة مؤكدة ومشتركة للعمل الموحد".
وندد المجتمعون بالاشباكات الأخيرة و"جريمة قتل ثلاثة من أبناء المخيم"، داعين إلى "توقيف المشتبه فيهم من القوة الأمنية المشتركة في المخيم وتسليم كل المتهمين بجرائم القتل إلى الدولة اللبنانية".
واستنكروا "استخدام السلاح في الخلافات الداخلية في المخيمات، وترويع الآمنين من أهلنا في المخيمات نتيجة إطلاق النار العشوائي".