تغيب رئيس وزراء الانقلاب بمصر
شريف إسماعيل، في الفترة الأخيرة، عن حضور عدة مناسبات واجتماعات هامة مع قائد الانقلاب عبدالفتاح
السيسي، كان آخرها المباحثات التي عقدها السيسي الاثنين مع رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيلة والوفد المرافق له.
وتغيب إسماعيل عن حضور افتتاح السيسي لمستشفى حكومي بالقاهرة الأسبوع الماضي، وأوضحت الحكومة حينها أن تغيبه كان بسبب شعوره بالإجهاد جراء العمل المتواصل.
وبسبب هذه الغيابات المتكررة؛ فقد راجت شائعات على مواقع التواصل الاجتماعي بأن شريف إسماعيل قدّم استقالته من منصبه "لأسباب صحية".
متاعب صحية
وذكرت تقارير صحفية أن رئيس وزراء الانقلاب طلب من السيسي إعفاءه من منصبه "لأسباب صحية" تحتم عليه السفر إلى الخارج لتلقي العلاج، مؤكدة أن إسماعيل مصاب بأورام في الأمعاء "بقي يعالج بسببها في ألمانيا لمدة ثلاثة أسابيع في شهر حزيران/ يونيو الماضي؛ قبل تكليفه برئاسة الحكومة خلفا لإبراهيم محلب".
ونقلت صحيفة "فيتو" عن مصادر مقربة من شريف إسماعيل، قولها إن "الحالة الصحية لرئيس الوزراء باتت لا تتحمل الاستمرار في منصبه"، وإنه "يفكر في تقديم استقالته ليستريح، خاصة بعدما تعرض لوعكة صحية الأسبوع الماضي نقل على إثرها إلى المستشفى".
وتعليقا على هذه الأنباء؛ فقد نفى المتحدث باسم مجلس الوزراء ما تردد عن تقديم شريف إسماعيل مذكرة رسمية للسيسي يطالب فيها بإعفائه من منصبه، مؤكدا أن رئيس الوزراء مستمر في منصبه ولن يترك موقعه "إلا إذا طالبه السيسي بذلك".
وشدد على أن "رئيس الوزراء بصحة جيدة، وأن ما حدث له في الأيام الأخيرة كان مجرد إجهاد فقط، وأصبح الآن يمارس عمله بشكل عادي".
خليفة عسكري
وخلال الأسابيع الأخيرة؛ زادت الانتقادات الحادة من معارضي النظام ومؤيديه على حد سواء، لشريف إسماعيل وحكومته؛ بسبب الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي تعاني منها البلاد، وخاصة ارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق. وطالب كثيرون بتغيير الحكومة بسبب "فشلها" في حل مشكلات المواطنين.
وشن إعلاميون مؤيدون للنظام هجوما حادا على رئيس الوزراء، وطالبوا بإقالته. وقال الإعلامي عمرو أديب إن الحكومة الحالية شديدة البطء والضعف، ولم تلبِّ الحد الأدنى من تطلعات الشعب. بينما قال الإعلامي محمد الغيطي إن المواطنين لم يعودوا يحتملون مزيدا من الفشل الحكومي على يد شريف إسماعيل.
وترددت أسماء عدة لخلافة إسماعيل في رئاسة الحكومة، وتركزت في معظمها حول الشخصيات العسكرية، على رأسها وزير الإنتاج الحربي اللواء محمد العصار، ورئيس المخابرات السابق اللواء مراد موافي، ورئيس الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة اللواء كامل الوزير.
الأوضاع لن تتغير
من جهته؛ قال مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية جمال عبدالجواد، إن تغيير رئيس الوزراء لن يغير شيئا من حيث الإجراءات أو كفاءة الحكومة "لأن الدولة دخلت في مسار للإصلاح الاقتصادي، وهذه القرارات ليس مسؤولا عنها رئيس الحكومة وحده".
وأضاف عبدالجواد لـ"
عربي21" أن تغيير الحكومة وتعيين وجوه جديدة؛ يمكن فقط أن يريح الأجواء المتوترة قليلا من الناحية النفسية فقط لدى المواطنين؛ لأن الناس أصبحت تحمل هذه الحكومة مسؤولية ارتفاع الأسعار، "لكن الحقيقة أن الحكومة قامت فقط بتطبيق قرارات تم اتخاذها من سلطة أعلى منها، وبالتالي فلن تتغير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تمر بها البلاد".
وحول الدعوات لتولي شخصية عسكرية رئاسة الوزراء؛ قال عبدالجواد إن هذه الفكرة لن تقدم جديدا، موضحا أنه متحفظ على مزيد من عسكرة الدولة "لأن الدولة لن تتقدم بهذا الشكل".
الأزمات ستستمر
وفي السياق ذاته؛ قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، مصطفى كامل، إنه لا يعتقد أن وجود رئيس وزراء عسكري سيحل الأزمة التي تعاني منها البلاد.
وأضاف لـ"
عربي21" أن "وزاة التموين يتولى حقيبتها الآن رجل عسكري، وعلى الرغم من ذلك؛ ما زالت الأزمات التموينة متكررة، وأزمة السكر شاهدة على ذلك، كما أن أسعار السلع والخدمات في ارتفاع مستمر".
وتابع: "هذه الأزمات ستستمر؛ لأنها وليدة فكر وقرارات أكبر من رئيس الوزراء، فالنظام الحالي يتبع هذه السياسات، ورئيس الوزراء ما هو إلا منفذ للقرارات فقط".
وحول ترشيح اللواء محمد العصار لرئاسة الحكومة؛ قال كامل لـ"
عربي21" إن "هناك عسكريين كثيرين يتم تداول أسمائهم لهذا المنصب، والعصار واحد منهم، لكن هل هو الشخص المناسب أم لا؟ أنا غير متأكد من ذلك".
واستدرك: "أرى أنه من الأفضل سياسيا عدم إقحام شخصيات عسكرية في السلطة التنفيذية أو المناصب العامة في هذه المرحلة الصعبة، حتى نحمي الجيش وقياداته وسمعته من تحمل مسؤولية فشل سياسات ليست في استطاعتهم".