أعلنت فصائل المعارضة السورية تعليق
اتفاق وقف إطلاق النار، الذي عقد قبل أيام في العاصمة التركية أنقرة.
وفي بيان صادر عن 12 فصيلا تابعا للجيش السوري الحر، أرجعت المعارضة سبب تعليقها وقف الاتفاق إلى الخروقات التي أحدثها الجانب النظامي، ولم تتوقف منذ اليوم الأول لسريان الاتفاق.
وأوضح البيان أن خروقات النظام تركزت في مناطق بريف دمشق، أبرزها
وادي بردى، عين الفيجة، والغوطة الشرقية، إضافة إلى مناطق أخرى في حماة ودرعا.
وقالت الفصائل الموقعة على البيان إنه وبعد الخروقات المتكررة، تم تعليق وقف جميع المحادثات المتعلقة بمؤتمر الأستانة، ووقف إطلاق النار.
واعتبر البيان أن النظام أحدث خرقا في أحد أبرز بنود الاتفاق، وهو "إحداث تغييرات في السيطرة على الأرض".
وأكد البيان أن الضامن للاتفاق سيصبح في محل تساؤل في حال عدم قدرته على إجبار الطرف الآخر على وقف خروقات الاتفاق.
"
عربي21"، بدورها، تواصلت مع مأمون حاج عيسى، الناطق الرسمي باسم ألوية "صقور الشام"، الذي أكد أن البيان الجديد يعدّ تعليقا رسميا لاتفاقية وقف إطلاق النار.
وأكد حاج عيسى أن "الاتفاق حاليا بحكم المنتهي، ما لم يحدث إعادة الأمور إلى وضعها قبل إتمام الاتفاق، كون هناك تقدم للنظام في منطقة وادي بردى".
واعتبر حاج عيسى أن "ما حصل هو أكبر من مسألة خروقات، حيث اجتاح النظام مناطق في وادي بردى والغوطة الشرقية.
وخلص حاج عيسى إلى أن "حق الرد أصبح متاحا لجميع الفصائل في أماكن الخرق وكافة مناطق
سوريا". وبالتالي، فحق الرد أصبح متاحا لجميع الفصائل".
بدوره، قال أسامة أبو زيد، الناطق باسم الوفد المفاوض عن المعارضة السورية، إن الضامن التركي لم يكن يتوقع أن يتم خرق الاتفاق بهذه السرعة من قبل النظام وحلفائه.
وقال أبو زيد إن المعارضة تواصلت مع
تركيا حول الخروقات، مبينا أن الجانب التركي بدوره تواصل مع الضامن الآخر، روسيا، إلا أن النظام واصل خرقه للاتفاق حتى مساء الاثنين.
وأضاف أبو زيد، في تصريحات لقناة الجزيرة، أنه "لا يمكننا الانتظار طويلا، لا يمكن أن نبقى نتفرج على ما يحصل في وادي بردى والغوطة الشرقية؛ بحجة أن هذه استثناءات واهية".
ونص اتفاق رعته روسيا وتركيا على وقف إطلاق النار في سوريا، وإجراء مفاوضات في كانون الثاني/ يناير في كازاخستان، في محاولة لإنهاء النزاع الذي خلف أكثر من 310 آلاف قتيل، وملايين النازحين منذ 2011.
وأكدت الفصائل المعارضة في بيانها، أنها "التزمت بوقف إطلاق النار في عموم الأراضي السورية، لكن النظام وحلفاءه استمروا بإطلاق النار، وقاموا بخروقات كثيرة وكبيرة، خصوصا في منطقة وادي بردى والغوطة الشرقية، وريف حماة ودرعا".
وأضاف البيان أنه "على الرغم من تكرار الطلب من روسيا، وهي الطرف الضامن للنظام وحلفائه، لوقف هذه الخروقات الكبيرة، إلا أن هذه الخروقات ما زالت مستمرة، وهي تهدد حياة مئات الألوف من السكان".
اتفاق "بحكم المنتهي"
وشددت فصائل الثوار على أن "إحداث النظام وحلفائه لأي تغييرات في السيطرة على الأرض، هو إخلال ببند جوهري في الاتفاق (وقف النار)، ويعدّ الاتفاق بحكم المنتهي، ما لم تعود الأمور إلى وضعها قبل توقيع الاتفاق فورا، وهذا على مسؤولية الطرف الضامن".
وحذّرت الفصائل من أن "عدم إلزام الطرف الضامن ببنود وقف إطلاق النار، يجعله محلّ تساؤل حول قدرته في إلزام النظام وحلفائه بأي التزامات أخرى، مبنيّة على هذا الاتفاق".
ودخلت الهدنة التي أعلنتها روسيا الخميس ووافقت عليها قوات النظام والفصائل المعارضة، يومها الرابع في سوريا، مع استمرار الهدوء على الجبهات الرئيسة، رغم تكرار الخروقات.
وتم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في ضوء التقارب الأخير بين موسكو، حليفة دمشق، وأنقرة الداعمة للمعارضة. وهو أول اتفاق برعاية تركية، بعدما كانت الولايات المتحدة شريكة روسيا في اتفاقات هدنة مماثلة تم التوصل إليها في فترات سابقة، لكنها لم تصمد.
ويستثني اتفاق وقف إطلاق النار التنظيمات المصنفة على أنها "إرهابية"، وبشكل رئيس تنظيم الدولة،وكذلك جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا)، بحسب موسكو ودمشق، الأمر الذي تنفيه الفصائل المعارضة.
ومن الفصائل الموقعة على البيان "جيش الإسلام" و"فيلق الرحمن"، وهما فصيلان نافذان في دمشق، و"فرقة السلطان مراد" المدعومة من تركيا و"جيش العزة" الناشط في محافظة حماة (وسط).
تقدم ميداني
من جهته، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، الاثنين، "بقصف جوي ومدفعي لقوات النظام على محاور عدة في منطقة وادي بردى، تزامنا مع معارك عنيفة بين قوات النظام ومقاتلين من حزب الله اللبناني من جهة، والفصائل المقاتلة وعناصر من جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا)".
وأشار إلى مقتل "مدنيين اثنين برصاص قناصة من قوات النظام في قرية دير قانون، تزامنا مع غارات جوية مكثفة استهدفت القرية وقرى مجاورة في وادي بردى".
وقال مدير المرصد، إن "قوات النظام ومقاتلين من حزب الله اللبناني أحرزوا تقدما في المنطقة، وباتوا على أطراف عين الفيجة، نبع المياه الرئيس في المنطقة، ويخوضون مواجهات عنيفة مع الفصائل لتأمين محيطه".
وأضاف أن "هذا التصعيد العسكري يعد خرقا للهدنة، رغم أن قوات النظام بدأت هجومها قبل أسبوعين بهدف السيطرة على منابع المياه التي تغذي معظم مناطق العاصمة".
وأفاد المرصد بتسجيل خرق رئيس في مدينة الرستن في محافظة حمص (وسط)، حيث قتل مدنيان اثنان جراء قصف لقوات النظام على المدينة الخاضعة لسيطرة فصائل معارضة موقعة على الاتفاق. وتعرضت مناطق في حماة ودرعا (جنوبا) للقصف مساء الاثنين.
ومنذ 20 كانون الأول/ ديسمبر، بدأت قوات النظام هجوما عسكريا على المنطقة بهدف السيطرة عليها، أو الضغط للتوصل إلى اتفاق مصالحة، ينهي العمل العسكري للفصائل، على غرار اتفاقات مشابهة جرت في محيط دمشق خلال الأشهر الماضية، وفق المرصد.
محادثات أستانة
ومن شأن استمرار وقف إطلاق النار في سوريا، أن يسهل محادثات سلام تعمل روسيا وتركيا، إلى جانب إيران، على عقدها الشهر الجاري في أستانة، عاصمة كازاخستان.
وأصدر مجلس الأمن الدولي السبت، قرارا بالإجماع، يدعم الخطة الروسية التركية لوقف إطلاق النار في سوريا، والدخول في مفاوضات لحل النزاع المستمر منذ نحو ست سنوات، دون أن يصادق على تفاصيل الخطة.
وحرصت كل من تركيا وروسيا على التأكيد أن محادثات أستانة لا تشكل بديلا من مفاوضات جنيف التي أملت الأمم المتحدة باستئنافها في الثامن من شباط/ فبراير.
وأفاد قرار مجلس الأمن بأن المفاوضات المرتقبة في أستانة تعد "مرحلة أساسية، استعدادا لاستئناف المفاوضات برعاية الأمم المتحدة".