نشرت صحيفة "التايمز" تقريرا لمراسل شؤون الشرق الأوسط ريتشارد سبنسر، يقول فيه إن مناطق المسلمين في وسط آسيا تبدو الآن مصدرا لتوريد الجهاديين إلى
سوريا والعراق.
ويشير الكاتب إلى ما ورد في بعض التقارير الصحافية التركية، من أن منفذ هجوم مدينة إسطنبول، الذي أدى إلى مقتل 39 شخصا عشية احتفالات السنة الميلادية الجديدة، جاء من الصين، وينتمي إلى أقلية الإيغور المسلمة، التي تقطن مقاطعة تشنيجيانغ في شمال البلاد، لافتا إلى أن هجوم إسطنبول سيبرز النزاعات التي تشهدها مناطق المسلمين في وسط آسيا.
ويعلق التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، قائلا إنه "عندما أصدر
تنظيم الدولة عام 2015 شريطا دعائيا، الذي ظهر فيه أكبر المحاربين عمرا (80 عاما) واسمه محمد أمين، اعتبر ظهوره نوعا من الإثارة ومحاولة للترفيه، لكن قصته أعمق من هذا كله، فقد قال إنه سئم عقودا من الاضطهاد الصيني، وقرر الانضمام لابنه، الذي قتل فيما بعد وهو يحارب في صفوف تنظيم الدولة في سوريا".
وتقول الصحيفة إنه "مثل منفذ عملية إسطنبول، فقد أحضر الرجل العجوز معه زوجته وابنته وأربعة أحفاد، ولم يقل كيف وصل إلى سوريا، إلا أن الطريق الوحيد هو عبور الجبال بين الصين وقيرغيزستان، حيث أخذ طائرة من عاصمتها بشكيك إلى إسطنبول، وبعدها واصل الرحلة من خلال شبكات التهريب التي نقلته إلى سوريا".
ويلفت سبنسر إلى أن الحكومة الصينية قدرت في عام 2015 عدد مواطنيها الذين يقاتلون في سوريا بحوالي 500 مقاتل، ومعظمهم انضم للفصيل المعروف باسم الحزب الإسلامي التركستاني، الذي يبلغ تعداد مقاتليه بالمئات، إن لم يكونوا بالآلاف، ويدير عملياته بالتنسيق مع جبهة فتح الشام أو جبهة النصرة سابقا، الموالية لتنظيم القاعدة.
ويفيد التقرير بأن وثائق مسربة تابعة لتنظيم الدولة كشفت عن أن عدد الإيغور الذين انضموا إليه هم 114 مقاتلا، ومعظمهم مثل أمين، أحضر عائلته معه، ما يعد دليلا على عدم وجود نية للعودة إلى الصين، مشيرا إلى أن أطفال الإيغور والقزق والقيرغيز برزوا بصفتهم عناصر غالبة في ما يطلق عليهم "أشبال الخلافة"، وشاركوا في أول عملية قتل جماعي لـ"الجواسيس".
وبحسب الصحيفة، فإن المحللين يقدرون عدد الجهاديين من وسط آسيا، قزق وقيرغيز وأوزبك وطاجيك وتركمان وإيغور، بما بين ألفين إلى أربعة آلاف مقاتل، لافتة إلى أن النظام السياسي في كل الدول التي جاءوا منها يتسم بالقمعي والفاشل، ويتميز السكان في المناطق الريفية بالمحافظة، ونظرا للتقارب الثقافي واللغوي مع
تركيا، فإن أبناء هذه الدول يستطيعون الاندماج بسهولة.
وينقل الكاتب عن تشارلي وينتر، الذي يقوم برصد الدعاية الجهادية في كينغز كوليج في لندن، قوله إن أبناء
آسيا الوسطى ينظر إليهم على أنهم وحدة نخبة داخل تنظيم الدولة، ويتم استخدام الكثير منهم في عمليات انتحارية، وتوقع وينتر أن تظهر الوحدات المقاتلة بشكل مستقل في السنوات المقبلة.
وينوه التقرير إلى أن الكثير من المحللين توقعوا عندما انهار الاتحاد السوفيتي عام 1991، أن تشهد الدول السابقة فيه حروبا اثنية أو تحولات اقتصادية، وقيل إن قيرغيزستان، التي تتمتع بوجود جبال يعلوها الثلج ووديان خضراء ستصبح سويسرا وسط آسيا، مشيرا إلى أنه لم يحدث أي من هذا، بل برزت الحركات الإسلامية بصفتها طريقا ثالثا بين الأنظمة الديكتاتورية وروسيا، التي حاولت السيطرة على المنطقة، التي كانت خاضعة لنفوذها سابقا، وساعد قرب هذه الدول من أفغانستان على انتشار الحركات والأفكار الإسلامية.
وتورد الصحيفة نقلا عن تيودور كراسيك من "غالف ستيتس أناليتكس"، الذي يقوم بمتابعة علاقة دول الخليج مع وسط آسيا، قوله: "أعتقد أن هناك استراتيجية كبيرة لدى تنظيم الدولة للدفع باتجاه دول آسيا الوسطى"، لافتا إلى أن إقليم تشينجيانغ الصيني هو جزء من هذه الاستراتيجية.
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول كراسيك: "أعتقد أن جزءا من استراتيجية تنظيم الدولة زعزعة استقرار تركيا، وإثارة الانتباه لهذه المجتمعات، وما يقوم به هو تمرين للتجنيد".