في قرار أغضب
المصريين وأثار تساؤلاتهم؛ قررت سلطات الانقلاب مع بداية عام 2017؛ فرض الرقابة على الانتقال إلى شبه جزيرة
سيناء بحجة مواجهة
الإرهاب، فيما رأى محللون أن تلك الإجراءات تعد اعترافا ضمنيا ببراءة حركة
حماس من تهمة تصدير الإرهاب لمصر.
وترفض قوات أمن الانقلاب السماح للمصريين بدخول سيناء إلا لمن يحمل بطاقة صادرة من السجلات المدنية بشمال وجنوب سيناء، أو لمن يحمل كارنيه يثبت عمله بجهة حكومية هناك، أو كارنيه البحث الجنائي الخاص بدخول المصريين لشرم الشيخ المفروض على المصريين العاملين بالمدينة منذ عهد حسني مبارك.
وطالت إجراءات الأمن حركة انتقال السائحين من محافظات مصر إلى سيناء؛ حيث لا يسمح بانتقال السائحين إلا بعد التأكد من حيازتهم لعقد إيجار شقة أو شاليه أو حجز فندق بسيناء.
مخاوف
تلك الإجراءات فرضت عدة مخاوف لدى بعض المحللين الذين يرون أن منع المصريين من دخول سيناء يعد عزلا لها عن بقية المحافظات وتفريغا لها من السكان بتهجير أهلها من الحدود مع غزة وإسرائيل تارة، ومن الزائرين لها والراغبين بالعمل تارة أخرى، متسائلين لصالح من يتم ذلك؟
فيما رأى المحللون أن هذا القرار يعد اعترافا غير مباشر من السلطات بأن العناصر الإرهابية تأتي من داخل مصر، وليست من قطاع غزة، وهو ما عده البعض تبرئة ضمنية لحركة حماس من تهمة تصدير الإرهاب وتحميلها قتل قوات الشرطة والجيش بسيناء.
"غرباء في وطنهم"
الكاتب والمحلل أسامة الهتيمي، أكد أن "إجراءات التضييق الجديدة على دخول المصريين لسيناء تحمل عدة دلالات؛ من بينها تهافت الحديث عن أن مصدر الإرهاب هو قطاع غزة الفلسطيني، وهو الادعاء الذي كان يحلو للكثيرين أن يروجوه في إطار المكايدة السياسية لفصائل المقاومة الفلسطينية خاصة الإسلامية منها والتي اتخذت موقفا رافضا لتطورات المشهد السياسي المصري بعد يونيو 2013".
وأضاف الهتيمي، لـ"
عربي21": "هذه الإجراءات تكشف أيضا عن التباين في طريقة التعامل الأمني مع المصريين؛ فرغم أن سيناء جزء من التراب الوطني إلا أن الوصول إليها صار يتطلب شروطا، وكأن المصري غريب ينتقل إلى بلد آخر، في حين أن ذلك لا يحدث مع السائحين الأجانب".
"القانون والدستور"
وأشار الهتيمي إلى تعارض مثل هذه الإجراءات مع القانون والدستور المصريين؛ واعتبر أن ذلك يمثل معاناة لفئات كثيرة من العاملين في سيناء من غير موظفي الجهات الحكومية في الوقت الذي تعاني فيه البلاد إشكاليات اقتصادية.
وأكد أن هذه الإجراءات تعد تكذيبا لادعاء أنه تم القضاء على بؤر الإرهاب في سيناء؛ إذ جاءت هذه الإجراءات بالتزامن مع تصاعد حدة ووتيرة العمليات الإرهابية هناك، فيما طالب السلطات بإعادة النظر في طريقة التعامل الأمنية مع الإرهاب.
"تطويق وحصار ثم تضيق"
الكاتب المصري المهتم بالشأن الفلسطيني، هاني علي، أكد أن ما يقوم به النظام المصري من تطويق وحصار لسيناء وتضييق على الدخول والخروج منها، بدأ مع عزلها عن غزة ومنع سكان القطاع من دخول مصر بإغلاق المعابر.
وأشار علي لـ"
عربي21"، إلى أن التفتيش الدقيق للمصريين بنفق الشهيد أحمد حمدي جعل المصريين يحجمون عن السياحة والعمل في سيناء، وذكر واقعة منعه هو شخصيا من العبور بسيارة عائلية كبيرة بحجة استخدام الإرهابيين لتلك السيارات.
"لن تبرئ حماس"
وقال علي: "رغم أن الحقائق تشير لبراءة حماس مما يتهمها به النظام المصري إلا أنه لن يعلن براءة الحركة الإسلامية التي مازال ينظر إليها باعتبارها الذراع العسكري لجماعة الإخوان في مصر".
ويرى علي أن ما يقوم به النظام الآن يعد تسليما لسيناء على طبق من ذهب لإسرائيل، وأشار إلى التواجد العسكري الإسرائيلي وإجراء مناورات على الحدود، بالإضافة للتنسيق الأمني الدائم بين البلدين لضبط الحدود والاستثمار الاقتصادي والسياحي المشترك.
"فشل عسكري"
وبرر أبوالفاتح الأخرسي، أحد أهالي سيناء، تلك الإجراءات بما أسماه الفشل العسكري الذريع وعجز الانقلاب عن حل ملف الإرهاب، رغم استخدامه المدرعات الأمريكية وطائرات الأباتشي.
وأكد الأخرسي لـ"
عربي21"، أن "منع المصريين من عبور بوابات سيناء بطول القناة في بورسعيد والإسماعيلية والقنطرة والسويس ونفق الشهيد أحمد حمدي؛ لهو مؤشر خطير على زيادة هجرة الشباب المصري المحبط بفعل التعامل الأمني للنظام العسكري والفقر والبطالة؛ إلى سيناء للالتحاق بالتنظيمات الجهادية"، حسب قوله.
وأدان الأخرسي "إصرار السلطات على المواجهة العسكرية وتحميل أهالي سيناء تلك الفاتورة، التي لم تجن منها البلاد سوى زيادة الإرهاب وقتل عشرات المجندين وخسائر في العتاد والسلاح، وقتل واعتقال وتعذيب آلاف السكان والخراب والدمار وهدم المنازل وتحطيم البنية الأساسية لسيناء وهو ما لم يره الأهالي من الاحتلال الإسرائيلي؛ ما زرع الكره في قلوب الأهالي".
"شيطنة البدو.. عنصرية"
وأشار إلى "احتقار الأذرع الإعلامية للانقلاب والمحللين العسكريين لأهالي سيناء وشيطنة البدو، ومطالبتهم الجيش بقصف البشر والشجر والحجر هناك، فيما طالب البعض بوضع (أسورة إلكترونية) بأيدي الأهالي لمراقبتهم إسوة بسجون أوروبا وأمريكا، وهو ما يعتبره الأهالي نظرة عنصرية.
وطالب الأخرسي بمحاكمة القادة العسكريين الذين غيروا مفهوم الأمن القومي بقتل المصريين لحماية إسرائيل، ومحاسبتهم بسبب الحرب غير الإنسانية في سيناء وزيادة الإرهاب بها والتفريط في درع مصر الشرقي.