أعلنت شركة "شيرى ميديا" المصرية، التي يملكها رجل الأعمال
إيهاب طلعت، استحواذها على شبكة قنوات "العاصمة" المملوكة لعضو مجلس النواب سعيد حساسين.
وكشفت الشركة، في بيان لها الأحد، أن نائب رئيس مجلس إدارتها،
العميد محمد سمير، المتحدث الرسمي السابق باسم القوات المسلحة، سيتولى إدارة "العاصمة" بدءا من اليوم.
وجاء تسلم العميد محمد سمير لعمله الجديد بعد أسبوعين فقط من تركه منصبه السابق، حيث عمل متحدثا باسم القوات المسلحة لنحو عامين.
متهم بالفساد
وفي كانون الأول/ يناير الماضي؛ أعلن طلعت عن تأسيس وكالة إعلانية جديدة أطلق عليها اسم زوجته المطربة "شيرين وجدي"، وبعدها بأيام؛ أعلن حساسين الاتفاق على بيع حصة حاكمة من قنوات العاصمة لطلعت؛ ليتولى مسؤوليتها بدءا من منتصف كانون الثاني/ يناير الجاري.
ويعد إيهاب طلعت أحد رجل الأعمال المتخصصين في مجال الإعلان والإعلام منذ عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، لكنه هرب من مصر عام 2005 بعد اتهامه بالعديد من قضايا الفساد، وعاش في لندن لعدة سنوات، قبل أن يعود إلى مصر في 2013 بعد إعلانه التوصل إلى تسويات مالية مع دائنيه.
من جانبه؛ أكد العميد محمد سمير أن الإدارة الجديدة للقنوات "تسعى إلى تقديم محتوى إعلامي هادف؛ يتسم بالمهنية والحرفية، ويساهم في رفع الوعي المجتمعي تجاه مختلف القضايا"، مضيفا أن قنوات العاصمة فى ثوبها الجديد "ستضم مجموعة من الكوادر
الإعلامية المتميزة في مصر، وسيكون للشباب النصيب الأكبر فيها".
عسكرة للإعلام
ورأى أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، محمود علم الدين، أن "من الطبيعي أن يتولي العميد محمد سمير إدارة إحدى القنوات؛ لأنه استقال من الخدمة العسكرية وأصبح شخصا مدنيا"، مشيرا إلى أن "الأمر ليس له علاقة بالرقابة على الإعلام".
وأضاف لـ"
عربي21" أن العميد سمير أصبح لديه خبرة إعلامية من عمله كمتحدث عسكري، "لكن أنا لم أكن أفضل أن يكون دخوله الحقل الإعلامي بهذه السرعة، حتى لا يفسر الأمر من قبل المعارضة بأن النظام يعسكر الإعلام".
وأعرب علم الدين عن توقعه بأن تحقق قنوات العاصمة بشكلها الجديد "نجاحا ملحوظا؛ بشرط أن يستعين المسؤلون عنها بكوادر إعلامية محترمة ليس لها علاقة بالقوات المسلحة"، مشيرا إلى أن "هناك إعلاميين كثيرين على الساحة لديهم خبرة كافية؛ يمكن الاستعانة بهم".
من جهته؛ هنأ الإعلامي أحمد موسى،
المتحدث العسكري السابق بمنصبه الجديد، وقال عبر برنامجه "على مسؤوليتي" مساء الأحد: "نحتاج 20 أو 30 قناة وطنية مثل العاصمة، لمواجهة الأعداء في الداخل والخارج، وتعريف الشعب بالمؤامرات عليه".
التحكم في وعي الناس
وفي المقابل؛ قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حسن نافعة، إن هذا الوضع يعكس طبيعة النظام الحاكم الذي يريد أن يجعل الجيش طرفا أصيلا في أي شيء يدور داخل مصر، حيث لا يثق
السيسي في أي جهة سوى الجيش.
وأضاف لـ"
عربي21" أن خريطة الإعلام المصري تشهد تغيرات كبيرة منذ بداية العام الماضي، فرأينا قنوات تباع لرجال أعمال ذوي خلفية عسكرية، وبعضهم ضباط سابقون في المخابرات وأجهزة أمنية أخرى، فضلا عن قنوات "دي إم سي" التابعة للمخابرات وعدد من رجال الجيش بشكل غير رسمي.
وتابع: "لكنني دهشت لتولي المتحدث العسكري السابق مسؤولية قنوات مثل العاصمة؛ بعد استقالته من الجيش بأيام، فهذا الأمر يدعونا للتساؤل عن الدور الذي سيقدمه الجيش وأجهزته الأمنية في الفترة القادمة".
وأكد نافعة أن هذه الخطوة تعد "تطورا خطيرا لعسكرة كل شيء في الدولة؛ لأن الجيش بهذه الطريقة يريد أن يتحكم في وعي الناس أكثر من المرحلة السابقة، التي كنا نرى فيها توجيهات من الجيش فقط لإعلاميين بعينهم، لكنه الآن يريد الاستحواذ تماما على القنوات الجديدة المحسوبة على الأجهزة الأمنية؛ عن طريق ضباط من الجيش لا يملكون أي خبرة إعلامية تذكر"، متوقعا "مزيدا من الفشل في إدارة العملية الإعلامية في الفترة القادمة".
المسطرة الحربية
وعلق الكاتب الصحفي علاء الأسواني، عبر حسابه في "تويتر" بقوله: "قناة تلفزيونية جديدة يديرها عميد في الجيش.. هل يملك العميد خبرة أو دراسة تؤهله لهذا المنصب؟"، مضيفا أن "حرية التعبير في مصر غير مسبوقة كما قال السيسي".
وتساءل الناشط أحمد زين على حسابه في موقع "فيسبوك": "إزاي ممكن واحد سوي يكون عميد أركان حرب، ومتحدثا باسم جيش بلد كبير زي مصر، يستقيل ويضحي بمستقبله المهني وبخبراته العسكرية؛ عشان في النهاية يبقى مدير شركة اسمها شيري ميديا؟ و(شيري) بالمناسبة هو دلع الفنانة شيرين وجدي مرات (زوجة) صاحب الشركة اللي هو إيهاب طلعت اللي كان هربان بعد الثورة من عدد من قضايا الفساد".
وقال الصحفي أحمد عبد العليم: "الجيش بيطبق نظرية (كل السوق قبل ما ياكلك) وبيغرق السوق بفضائيات تابعة ليه بشكل مباشر أو غير مباشر؛ علشان يسهل التزامهم بسياسة تحريرية واحدة، وكله هيمشي ع المسطرة الحربية، وبكده يضمن إنه بعد ما يسيطر على كل منفذ اقتصادي في البلد؛ محدش هيتكلم غير باللي هو عاوزه".