دفعت الأوضاع الاقتصادية المتردية التي يعاني منها كثير من السوريين، بالمرأة السورية إلى دخول ميادين عمل جديدة لم يعتد المجتمع السوري عليها من قبل، وعلى رأسها العمل في المطاعم والمقاهي، سواء في مناطق النظام، أو في بلدان اللجوء كتركيا.
وفي مقابل محافظة
المرأة السورية على مهنها التقليدية المسموح بها في مناطق سيطرة فصائل الثورة، كالتعليم والصحة والزراعة؛ اقتحمت قرينتها التي تقطن مناطق سيطرة النظام سوق العمل من جميع أبوابه، بينما فضلت بعضهن حمل السلاح والقتال إلى جانب قوات النظام والمليشيات المساندة له.
ووفقا لمعطيات القضاء الشرعي التابع للنظام؛ فإن دخول النساء في مهن جديدة؛ مسؤول عن ارتفاع حالات
الطلاق، وذلك بعد اعتراض الأزواج على أعمال زوجاتهم.
وفي التفاصيل التي كشف عنها القاضي الشرعي الأول لدى النظام، محمود معراوي، في تصريحات صحفية قبل أيام؛ فإن ظاهرة عمل النساء في المقاهي والمطاعم كانت الأكثر جدلا، حيث أكد القاضي استقبال المحاكم لكثير من دعاوى الطلاق، على إثر عمل الزوجة الذي كان محل اعتراض الزوج.
وعن الأسباب التي تدفع بالمرأة السورية إلى العمل في مهن قد يجمع المجتمع السوري على رفضها؛ أوضح معراوي أن سبب ذلك يعود إلى "هجرة عدد كبير من الأيدي العاملة الذكورية، ما دفع أصحاب المطاعم والمقاهي إلى توظيف النساء لتعويض النقص الحاصل من الذكور".
شائع قبل الثورة
ولكن الباحث السوري أحمد سعيد؛ رأى أن الحديث عن ظاهرة جديدة متمثلة بعمل المرأة السورية في المطاعم والمقاهي "ليس بالأمر الصحيح تماما".
وقال لـ"
عربي21" إن هذا الأمر شائع قبل الثورة في بعض المحافظات السورية، وخصوصا في المحافظات الساحلية التي تعتمد على السياحة المحلية في اقتصادها، وخصوصا في أرياف مدينة اللاذقية حيث تنتشر المطاعم الصغيرة السياحية.
وأشار سعيد إلى أنه "قد يكون هذا الأمر غير معهود في بعض المدن السورية، أو في قسم منها، كدمشق وحماة وحمص، ولذلك تحدث حالات الطلاق هناك".
وأضاف أن الظروف السيئة التي أفرزتها الحرب "أرغمت بعض الأسر التي كانت مصنفة على أنها محافظة ومنغلقة؛ على أن تسمح لبناتها بالعمل، وهذا طبيعي عند النظر إلى الغلاء الذي يطبق فكيه على كل من يعيش داخل الأراضي السورية".
وأمام عجز الكثير من الأسر على تأمين متطلباتها، وخصوصا في حال هجرة أفرادها الذكور من فئة الشباب؛ يعتقد سعيد المقيم في مدينة إسطنبول التركية، أن "هذه الظاهرة آخذة في التوسع".
المرأة السورية في تركيا
ويبدو أن واقع المرأة السورية العاملة في
تركيا؛ لا يختلف كثيرا عنه في مناطق النظام، حيث أوضح جلوار شيخ علي، وهو لاجئ سوري يعمل دليلا سياحيا في مدينة إسطنبول، أنه يصادف خلال تجواله اليومي في المدينة "العشرات من النساء السوريات اللواتي يعملن في المحال التجارية، وفي مراكز التسوق الكبيرة في المدينة".
لكن شيخ علي أكد أن قلة منهن يعملن كنادلات في المطاعم أو المقاهي، واصفا عملهن بـ"الأمر الجيد، لطالما أنه لم يخرج عن الحدود المسموح بها، وخصوصا أن المجتمع التركي لا يفرق بين رجل وامرأة في العمل".
وتجدر الإشارة إلى أن ما نسبته 87.4 بالمئة من السوريين يعيشون تحت "خط الفقر" وفقا لمعيار البنك الدولي، بحسب تقرير نشره مؤخرا مركز الرأي السوري للاستطلاع والدراسات الموالي للنظام في سوريا.