نشرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" تقريرها السنوي، تطرقت فيه إلى وضع حقوق الإنسان في الوطن العربي وأبرز الانتهاكات التي تمت فيه.
الإمارات
لفت التقرير إلى استمرار عدم تسامح الإمارات مع الانتقادات في 2016 بمحاكمة أكاديمي إماراتي وصحفي أردني، من بين آخرين؛ بسبب ممارستهما حقهما في حرية التعبير.
كما أشارت المنظمة إلى تبرئة محاكم الإمارات عدة مواطنين ليبيين أخفتهم الدولة قسرا في 2015، وقد أدلوا بشهادات قابلة للتصديق حول التعرض للتعذيب في مقار احتجاز تتبع أمن الدولة.
كما ظهرت أدلة أخرى حول سوء المعاملة المتكررة للمعتقلين. فعّلت حكومة الإمارات برمجية للمراقبة على الإنترنت مكلفة ماديا؛ لاستهداف الناشطين الحقوقيين البارزين.
وقالت الصحيفة إن الحكومة الإماراتية واصلت منع المنظمات الدولية لحقوق الإنسان من زيارة البلاد. وواصلت قوانين مكافحة الإرهاب التقييدية منع الضحايا وعائلاتهم من التحدث علنا ضد الانتهاكات.
السعودية
في الشأن السعودي، فعلى مدار 2016، استمر التحالف بقيادة
السعودية في حملة القصف الجوي ضد القوات الحوثية في اليمن، التي اشتملت على غارات جوية عديدة غير قانونية قتلت وأصابت آلاف المدنيين.
وتقول المنظمة: "استمرت السعودية أيضا في الاعتقالات التعسفية والمحاكمات والإدانات للمعارضين السلميين".
كما استمر عشرات المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء في قضاء فترات مطولة بالسجن؛ جراء انتقاد السلطات، والمطالبة بإصلاحات سياسية وحقوقية. واستمرت السلطات في التمييز ضد النساء والأقليات الدينية.
سوريا
أشارت المنظمة إلى فشل جهود الولايات المتحدة وروسيا، وتدخلهما المتعاظم بسوريا للتوصل إلى تسوية سياسية عام 2016، إلى حد كبير، في تقليص الانتهاكات الفادحة لقانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي التي باتت سمة النزاع المسلح هناك.
وقالت إن عدد القتلى جراء الصراع بلغ 470 ألفا حتى فبراير/ شباط 2016، وفقا لمنظمة "المركز السوري لبحوث السياسات" البحثية المستقلة. أدى توسّع القتال وتصاعده إلى أزمة إنسانية أليمة، مع 6.1 مليون نازح و4.8 مليون طالب لجوء، وفقا لـ"مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية". بحلول منتصف عام 2016، كان هناك ما يقدر بمليون نسمة يعيشون في المناطق المحاصرة، ومحرومون من المساعدات الضرورية للحياة والمساعدات الإنسانية.
ولفتت إلى أنه اعتُقل أو اختفى أكثر من 117 ألف شخص منذ عام 2011، غالبيتهم العظمى على يد القوات الحكومية، من بينهم 4557 شخصا بين يناير/ كانون الثاني ويونيو/ حزيران 2016، وفقا لـ"الشبكة السورية لحقوق الإنسان". يتفشى التعذيب وسوء المعاملة في مراكز الاحتجاز، كما قُتل الآلاف في المعتقلات.
وحملت "رايتس ووتس" تنظيم "الدولة" و"جبهة فتح الشام" المسؤولية عن انتهاكات منهجية واسعة النطاق، بما فيها استهداف المدنيين بالمدفعية، وعمليات الخطف والإعدام.
وقالت إن جماعات مسلحة معارضة للحكومة ارتكبت أيضا انتهاكات خطيرة، تشمل الهجمات العشوائية ضد المدنيين، واستخدام الجنود الأطفال والاختطاف والمنع غير القانوني للمساعدات الإنسانية والتعذيب.
وأوضحت أن قوات الحكومة السورية استخدمت المواد الكيميائية في هجوم في إدلب في مارس/ آذار 2015، كما وجدت اللجنة أيضا في وقت سابق أن داعش استخدم غاز الخردل الكبريتي في هجوم على مناطق تسيطر عليها جماعات معارضة مسلحة في أغسطس/ آب 2015.
وحثّ عدد من منظمات حقوق الإنسان والإغاثة الإنسانية، بما فيها "هيومن رايتس ووتش"، الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على مساءلة روسيا عن تورطها في جرائم حرب محتملة.
مصر
وفيما يخص الشأن المصري قالت المنظمة إنه في 2016، ظل الانتقاد العلني للحكومة محظورا في مصر بحكم الأمر الواقع. اعتقلت الشرطة العديد من الأفراد على صلة بمظاهرات، وتم توقيف الكثيرين منهم استباقيا.
وقال إن السلطات أمرت بحظر سفر وتجميد أموال منظمات حقوقية بارزة ومديريها، ووجهت اتهامات جنائية إلى نقيب الصحفيين وأكبر مسؤول معني بمكافحة الفساد. اقترح البرلمان قانونا جديدا خاصا بالمنظمات غير الحكومية، سوف يقضي على أي نشاط حقوقي مستقل في مصر.
وأكدت المنظمة استمرار عناصر قوات الأمن -لا سيما "جهاز الأمن الوطني" بوزارة الداخلية- في تعذيب المعتقلين كممارسة عامة، وأخفوا قسرا مئات الأفراد دون محاسبة تُذكر على انتهاك القانون. كان إخفاء وتعذيب ومقتل طالب الدكتوراه الإيطالي جوليو ريجيني -ويُرجح أن هذا قد حدث على يد الأجهزة الأمنية- قد ألقى الضوء على هذه الانتهاكات، وسبب أزمة دبلوماسية بين مصر وإيطاليا.
كما أشارت إلى تشكيل تحقيقات أعوان الأمن الوطني -عادة دون أدلة ملموسة- الأساس لعدد كبير من المحاكمات العسكرية لمدنيين، بلغت 7400 محاكمة منذ أن أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قرارا يوسّع من ولاية القضاء العسكري في 2014.
وأشارت إلى أنه "ظلت الظروف بمراكز الاحتجاز قاسية"، واستمر "المجلس القومي لحقوق الإنسان" شبه الحكومي في إصدار تقارير عن ازدحام السجون الشديد ومراكز الاحتجاز الأخرى. كانت الظروف قاسية بصفة خاصة في "سجن العقرب" بالقاهرة، حيث عانى النزلاء -وأغلبهم من المعتقلين السياسيين- من انتهاكات على يد أعوان وزارة الداخلية، منها الضرب والإطعام القسري والحرمان من التواصل مع الأقارب والمحامين وإعاقة الرعاية الطبية، ما أسهم في وفاة 6 محتجزين على الأقل في 2015.
ليبيا
وفيما يخص الشأن الليبي، تقول المنظمة إن "حكومة الوفاق الوطني" المدعومة من طرف الأمم المتحدة، المعترف بها دوليا في 2016، كافحت من أجل فرض نفسها في العاصمة طرابلس؛ إذ استمرت سلطتان، واحدة في طرابلس، وأخرى في شرق
ليبيا، في التنافس على الشرعية والسيطرة على الموارد والبنى التحتية.
وأضافت أن "القوات المتحالفة مع جميع الحكومات وعشرات المليشيات واصلت التصادم، ما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية مع وجود قرابة نصف مليون نازح داخليا. كافح السكان المدنيون من أجل الحصول على الخدمات الأساسية، مثل الرعاية الصحية والوقود والكهرباء".
ولفت إلى أن "المليشيات والقوات المسلحة التابعة للحكومتين شاركت في الاعتقالات التعسفية والتعذيب وعمليات قتل غير قانونية، والهجمات العشوائية والاختطاف والإخفاء القسري. اختطفت العصابات الإجرامية والمليشيات سياسيين وصحفيين ومدنيين، بينهم أطفال، لتحقيق مكاسب سياسية ومالية. ظل نظام العدالة الجنائية الوطني مختلا، ولم يقدم أي آفاق للمساءلة، في حين لم تفتح "المحكمة الجنائية الدولية"، رغم امتلاكها سلطة قضائية على ليبيا منحها إياها مجلس الأمن الدولي أي تحقيق جديد في الجرائم المستمرة".
بحسب تقارير، وسعت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا والإمارات أنشطتها العسكرية في ليبيا؛ لدعم القوات في محاربة المتطرفين في سرت وبنغازي.
ولفتت رايتس ووتش إلى فقدان تنظيم "الدولة" السيطرة على أجزاء كبيرة من سرت، التي أعلنها عاصمة له، حيث استقر منذ يونيو/ حزيران 2015، وظل متورطا في القتال مع القوات الليبية والأجنبية.
وأعدم التنظيم الناس من دون محاكمات؛ بسبب مزاعم ممارسة السحر و"الخيانة"، وفرض تفسيرا متشددا وضيقا للشريعة الإسلامية في المناطق الخاضعة لسيطرته.
عشرات آلاف المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين من أفريقيا والشرق الأوسط عبروا ليبيا في طريقهم إلى أوروبا، مع فقدان أو غرق 4518 شخصا على الأقل أثناء عبور البحر المتوسط على متن قوارب غير آمنة. بينما كانوا في ليبيا، عرّضت الجماعات المسلحة والحراس في مرافق احتجاز المهاجرين العديد منهم للعمل الإجباري والتعذيب والاعتداء الجنسي والابتزاز.
فلسطين
وقالت المنظمة إن إسرائيل واصلت خلال عام 2016 فرض قيود صارمة وتمييزية على حقوق الفلسطينيين؛ لتسهيل نقل المدنيين الإسرائيليين إلى الضفة الغربية المحتلة، وفرض قيود مشددة على حركة الأفراد والبضائع من قطاع غزة وإليه.
وأشارت إلى الرد الإسرائيلي على الهبة الشعبية الفلسطينية في القدس المحتلة، حيث استخدمت قوات الأمن الإسرائيلية القوة المميتة ضد المهاجمين المشتبه بهم في أكثر من 150 حالة، بما في ذلك الأطفال، في ظل ظروف تشير إلى ممارسة القوة المفرطة، وأحيانا الإعدام خارج نطاق القضاء.
وبينت أنه في الفترة بين 1 يناير/ كانون الثاني و31 أكتوبر/ تشرين الأول 2016، قتلت قوات الأمن الإسرائيلية 94 فلسطينيا على الأقل، وجرحت 3203 فلسطينيين على الأقل في الضفة الغربية وقطاع غزة وأراضي الـ48، فيما قتل الفلسطينيون ما لا يقل عن 11 إسرائيليا، بينهم ضابطا أمن.
وقيدت السلطات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة حرية التعبير، وعذبت المحتجزين، وأساءت معاملتهم، وفي غزة أعدم 4 أشخاص على الأقل، بينهم شخص متهم بإقامة علاقات جنسية مثلية.
في الضفة الغربية، وتشمل القدس الشرقية، أفادت الأمم المتحدة بأن مستوطنين إسرائيليين هاجموا وجرحوا 26 فلسطينيا، ودمروا ممتلكاتهم، في 66 حادثا حتى 31 أكتوبر/ تشرين الأول.
في يناير/ كانون الثاني 2016، وُجه الاتهام لرجل إسرائيلي وصبي في سن المراهقة، معتقلين منذ ديسمبر/ كانون الأول 2015، لدورهما في هجوم متعمد أسفر عن مقتل فلسطيني وزوجته وطفلهما عام 2015. وفي مايو/ أيار 2016، حكم على رجل إسرائيلي بالسجن مدى الحياة لحرقه طفلا فلسطينيا حتى الموت في يوليو/ تموز 2014.
كذلك في الضفة الغربية، دمرت السلطات الإسرائيلية منازل وممتلكات أخرى -في إطار الممارسات التمييزية التي تقيد بشدة حصول الفلسطينيين على تصاريح البناء- وهجرت قسريا، حتى 17 أكتوبر/ تشرين الأول، 1283 من السكان الفلسطينيين في مناطق الضفة الغربية الواقعة تحت السيطرة الإدارية الإسرائيلية المباشرة.