أقدم سوري يقيم في مخيم الحرمين بتجمع الكرامة، بالقرب من بلدة أطمة على الحدود السورية التركية، على بيع طفله البالغ من العمر خمس سنوات، بمبلغ قدره 300 ليرة تركية، مدعيا حاجته للنقود، بحسب الضبط الذي نظمه مخفر شرطة تجمع الكرامة.
وكان السوري (أ.ح.غ) قد نزح من حي السكري في حلب الشرقية؛ إلى مخيمات اللجوء على الحدود السورية التركية، عقب الحصار والقصف الشديدين اللذين تعرض لهما الجزء الشرقي من المدينة، من قبل قوات النظام والمليشيات الموالية له، بغطاء من الطيران الحربي الروسي، واللذين انتهيا باتفاقية قضت بإخراج المدنيين والمعارضة المسلحة من الأحياء الشرقية أواخر الشهر الماضي.
وقال رئيس مركز شرطة "الكرامة الحرة" في تجمع
مخيمات الكرامة، الحاج معمر، إن شخصا نازحا إلى المخيم من حماة؛ أخبرنا السبت الماضي، بأنه اشترى طفلا اسمه محمد (خمس سنوات) من والده المقيم بالمخيم ذاته، بمبلغ قدره 300 ليرة تركية.
وأضاف معمر لـ"
عربي21": "أرسلنا على الفور دورية إلى خيمة المدعى عليه، وقمنا بإحضاره إلى المخفر، وبعد التحقيق معه؛ اعترف بما نسب إليه فعلا، وعندما سألناه عن الأسباب التي دفعته لبيع ابنه؛ أوضح أن الحاجة الماسة للنقود هي التي دفعته إلى ذلك، حيث إنه فقد كل شيء بعد خروجه من حلب للتوجه إلى مخيمات اللجوء".
وأوضح أنه تم تنظيم الضبط بحق المدعى عليه أصولا لإحالته إلى القضاء المختص، مشيرا إلى أن والدة الطفل مطلّقة من والده، ومتزوجة من مواطن تركي، وتعيش معه في تركيا.
وتابع: "أما بالنسبة للطفل؛ فقد بقي في منزل المشتري يوما كاملا، وعندما قمنا بإحضاره؛ سلمناه لشقيقة الأب المتزوجة في المخيم".
وأكد الحاج معمر أن الشخص الذي قام ببيع طفله في كامل صحته العقلية والجسدية، ولا يعاني من أي مرض نفسي أوما شابه، مبينا أنها الحادثة الأولى من نوعها في تجمع مخيمات الكرامة، الذي يعد من كبرى المخيمات في الشمال السوري على الحدود السورية التركية.
حالة أخرى
من جهته؛ قال الناشط أبو الجود الإدلبي، إن أوضاع
النازحين القادمين من حلب وغيرها من المحافظات "صعبة للغاية، وأغلبهم انتقلوا للعيش في خيم أو مراكز إيواء تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة".
وأوضح لـ"
عربي21" أن إيجارات المنازل المرتفعة في المناطق الحدودية حرمت هؤلاء النازحين من استئجارها؛ باستثناء من كانت حالته المادية جيدة، مشيرا إلى أن إيجار المنزل يصل إلى 200 دولار شهريا، أي ما يعادل 100 ألف ليرة سورية، "وهو مبلغ كبير جدا بالنسبة لآلاف العائلات التي لا تستطيع تأمين قوت يومها".
وأضاف أنه مهما كانت الحاجة كبيرة، والضغوطات النفسية كثيرة؛ فإنه يجب أن لا يصل الأمر إلى بيع الأطفال مقابل الحصول على النقود، مشيرا إلى أن حادثة بيع الطفل محمد "تكررت في الريف الشرقي لمحافظة إدلب، حيث أقدمت امرأة منذ أشهر على بيع طفلها بسبب الحاجة، بمبلغ قدره 300 دولار أمريكي، وتم إرجاعه لها من قبل المسؤولين في المنطقة".
وحذر أبو الجود من انتشار هذه "الجريمة التي لا تتماشى مع الدين والأخلاق"، داعيا المنظمات الخيرية والإنسانية إلى تحمل مسؤولياتها تجاه الفقراء والمحتاجين، "وخاصة النازحين الذي هجروا قسرا من بلدانهم وقراهم، تاركين وراءهم منازلهم وممتلكاتهم، وتقديم المساعدة لهم، وفي مقدمتها توفير وسائل التدفئة، في ظل البرد القارس الذي تتعرض له المنطقة".