90 يوما هي المدة التي حددها الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب، الأربعاء الماضي، لوزارتي الخارجية والدفاع في حكومته، لوضع خطة لإنشاء
مناطق آمنة للمدنيين داخل
سوريا والدول المجاورة، الأمر الذي أعاد الجدل مجددا حول هذه المناطق وشكلها وآلية تنفيذها، والتخوف من تقسيم سوريا.
ولم يكن سيناريو "المناطق الآمنة" طرحا جديدا، إذ أثير هذا السيناريو عام 2015 عند إعلان تركيا سعيها لإنشاء منطقة عازلة بعمق 89 كيلومترا وطول 90 كيلومترا داخل الأراضي السورية.
تخوفات من تقسيم سوريا
وأعرب رئيس الوفد السوري المعارض في مفاوضات جنيف، العميد أسعد الزعبي، عن تخوفه من "توزيع سوريا على دول الجوار" على حد تعبيره.
وقال الزعبي لـ"
عربي21" إنه "يجب معرفة الخلفية التي دفعت ترامب لإقامة مناطق آمنة، ويجب أن يكون هنالك إيضاحات حول ما هي مساحات هذه المناطق، وأماكن وجودها، وطرق حمايتها".
وأضاف: "هناك تخوف من أن ترسخ مناطق ترامب الآمنة التقسيم الداخلي، أو ربما توزيع سوريا على دول الجوار، وهذا أكثر خطورة".
ويمنح القانون الدولي الحق لبعض الدول بإنشاء مناطق آمنة وعازلة في حدود دول أخرى تشهد نزاعات؛ بهدف حماية المدنيين، وينص الفصل السابع في ميثاق الأمم المتحدة على إعطاء أطراف دولية معينة القوة القانونية والعسكرية للتدخل باستعمال القوة المسلحة؛ بهدف حماية السلم والأمن الدولي.
وتهدف المنطقة الآمنة إلى حماية مجموعة لا تستطيع حماية نفسها، ويتم فرضها بمقتضى قرار من مجلس الأمن، ويحظر تحليق أي طائرات عسكرية فوقها؛ لتجنيب سكانها من الخطر.
وقال أستاذ القانون الدولي في الأردن، أنيس القاسم، إن تصريحات ترامب حول إنشاء مناطق آمنة في سوريا "نوع من العنجهية الأمريكية، كون أمريكا لم توضح ما هي هذه المناطق، وما هي صلاحيات الرئيس الأمريكي بفرض مناطق آمنة بدولة عضو في الأمم المتحدة".
وأضاف لـ"
عربي21": "يختلف مفهوم المناطق الآمنة عن العازلة، إذ يتطلب ما أعلن عنه ترامب قرار الأمم المتحدة، بيد أن المناطق العازلة تتم بين دولتين تتفقان على إيجاد منطقة منزوعة السلاح؛ لا تتواجد فيها قوات مسلحة".
التواجد الروسي
ورأى القاسم أن "الولايات المتحدة ستصطدم بالتواجد الروسي والإيراني؛ في حال قررت فرض المناطق الآمنة بسوريا على طريقة رعاة البقر، من خلال إرسال طائراتها، وفرض حظر طيران على مناطق محددة في سوريا".
ووجدت تصريحات ترامب صدى لدى الروس إذ أعلن دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس الماضي، أن الولايات المتحدة لم تنسق مع موسكو أية خطط لإقامة "مناطق آمنة" في سوريا، داعيا ترامب إلى "دراسة العواقب المحتملة لهذا القرار".
من جهته؛ قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة اليرموك الأردنية، أحمد نوفل، إن تصريحات عديدة يطلقها ترامب "ليس بالضرورة أن تنفذ"، متسائلا حول إقامة مناطق آمنة: "هل ستوافق روسيا على ذلك؟".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "أمريكا لا تملك أوراقا للضغط على الأطراف المختلفة في سوريا"، مؤكدا أن "اللاعب الرئيس ومفتاح الحل هما روسيا، ولمسنا ذلك في لقاء الأستانة الأخير، حيث جمعت الأطراف السورية كلها معا، وأكد الجميع على وحدة التراب السوري، ووجود مثل هذه المناطق هو بداية انقسام أجزاء عن الوطن سوري".
مناطق آمنة في الجنوب السوري
بدوره؛ رجح الناطق باسم جيش الثورة بالجبهة الجنوبية السورية، أبو بكر الحسن، أن يتم إدخال مناطق الجنوب السوري المحاذية للأردن في المناطق الآمنة، وخصوصا تلك التي تسيطر عليها قوات درع الفرات، والمنطقة الخاضعة لسيطرة الجيش الحر (الجبهة الجنوبية)، مفسرا ذلك بكونها "تحت سيطرة الجبهة الجنوبية التي تتلقى دعما مباشرا من أصدقاء سوريا، ومن بينهم الإدارة الأمريكية".
وقال لـ"
عربي21" إن التوجه الأمريكي لإنشاء هذه المناطق "مؤشر على أن الحرب ستطول في سوريا، وأن أمريكا تريد أن تقي نفسها من ارتدادات هذه الحرب".
وأوضح الحسن أن إقامة مثل هذه المناطق في الجنوب السوري "سيخفف الضغط على المملكة الأردنية التي قد تعيد اللاجئين إلى تلك المناطق، وخصوصا أن أغلبهم من أبناء الجنوب السوري".
ويستضيف الأردن، حسب نتائج التعداد السكاني الذي أجري العام الماضي، ما يقارب مليونا و200 ألف سوري، منهم 655 ألف لاجئ مسجل لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مع نهاية العام 2016، بحسب المتحدث الرسمي باسم المنظمة في عمان، محمد الحواري.
بينما يتجمع على الساتر الترابي بين الأردن وسوريا في منطقتي الحدلات والرقبان 102 ألف لاجئ سوري؛ يعيشون في ظروف إنسانية صعبة، بحسب منظمات حقوقية وتقارير إعلامية.
وكان لسان الناطق باسم الحكومة الأردنية، وزير الدولة لشؤون الإعلام، محمد المومني، قد أكد في عام 2015 "ضرورة أن يكون هناك غطاء أممي لإنشاء منطقة آمنة جنوب سوريا"، مضيفا أن "الأردن يرحب بأي قرار من شأنه أن يساعد الشعب السوري على إنهاء أزمته".