تحصي
الجزائر حاليا 71 حزبا سياسيا شرعت قياداتها في التحضير لدخول سباق
الانتخابات النيابية المقررة مطلع أيار/ مايو القادم سواء منفردة أو في إطار تحالفات.
وأعلن حزبان فقط مقاطعة هذا الموعد الانتخابي بدعوى عدم وجود ضمانات لنزاهته، هما حزب طلائع الحريات (وسط) الذي يقوده علي بن فليس رئيس الحكومة الأسبق (2000/ 2003)، وكان أبرز منافس للرئيس بوتفليقة في انتخابات الرئاسة التي جرت في 2004، وأيضا في 2014.
كما قاطعها حزب جيل جديد (علماني) وهو حزب أسسه عام 2012 جيلالي سفيان، القيادي المنشق عن حزب التجديد الجزائري.
اقرأ أيضا: "إسلامي" يرأس لجنة الانتخابات الجزائرية.. ما دلالاتها؟
وقبل قرابة ثلاثة أشهر عن هذا الاقتراع تصب تصريحات الموالاة والمعارضة وحتى السلطات، في أن أهم رهان فيها سيكون نسبة المشاركة الشعبية بسبب العزوف القياسي المسجل في آخر انتخابات نيابية في 2012 أين بلغت نسبة المشاركة 43% فقط.
وبلغ عدد الناخبين المسجلين في الجزائر إلى غاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، 23 مليون ناخب (من أصل أكثر من 40 مليون نسمة)، حسب وزارة
الداخلية في انتظار إنهاء إحصاء جديد أطلقته الحكومة مؤخرا.
وتنظم هذه الانتخابات لأول مرة بإشراف من "هيئة عليا مستقلة لمراقبة الانتخابات" نص عليها تعديل دستوري جرى مطلع 2016، وتتكون من 410 أعضاء؛ نصفهم قضاة والنصف الآخر من مستقلين عينتهم الرئاسة، ويرأسها الوزير الإسلامي السابق عبد الوهاب دربال.
وعوضت هذه الهيئة لجنتين؛ قضائية، وأخرى تتكون من ممثلي الأحزاب، كانتا تشرفان سابقا على مراقبة العملية الانتخابية.
وتقول الموالاة إن استحداث الهيئة هو "خطوة عملاقة" لضمان نزاهة الانتخابات، فيما تؤكد أطياف من المعارضة أن الأمور لن تتغير ما دامت وزارة الداخلية هي الجهة المكلفة بالتنظيم ولم تنسحب من العملية نهائيا، وبالتالي فخطر التلاعب بنتائج الانتخابات لصالح أحزاب
السلطة قائم.
وميز التحضيرات لهذه الانتخابات في الجزائر الإعلان عن تحالفات سياسية وانتخابية، مست فقط الأحزاب الإسلامية دون غيرها.
وتتشكل خارطة التيار الإسلامي في الجزائر من ستة أحزاب رئيسية، هي: حركة مجتمع السلم (أكبر حزب إسلامي)، وجبهة العدالة والتنمية، بقيادة المعارض عبد الله جاب الله، وحركة النهضة، وحركة الإصلاح الوطني، وجبهة التغيير، وحركة البناء الوطني.
وأعلنت جبهة التغيير، التي أسسها وزير الصناعة الأسبق عبد المجيد مناصرة، في 2012، انصهارها في حركة مجتمع السلم ودخول الانتخابات
البرلمانية بقوائم موحدة.
ويعد هذا التحالف الاندماجي عودة لوضع سابق، حيث إن جبهة التغيير، ظهرت بعد انشقاق قيادات من حركة مجتمع السلم، إثر أزمة داخلية في 2008.
من جهة أخرى، أعلنت ثلاثة أحزاب إسلامية هي جبهة العدالة والتنمية، التي يقودها الشيخ عبد الله جاب الله، وحركة النهضة بقيادة محمد ذويبي، وحركة البناء الوطني (المنشقة عن حركة مجتمع السلم) بقيادة مصطفى بلمهدي، في حزب واحد وبالتالي دخول الانتخابات بقوائم موحدة.
واستثنى هذان التحالفان حركة الإصلاح الوطني، التي فضلت دخول الانتخابات منفردة.
وأصل هذه الأحزاب يعود إلى تشكيلين سياسيين (حركة مجتمع السلم، وحركة النهضة) ظهرا عام 1989، إثر بدء التعددية السياسية، بعد العمل السري في عهد الحزب الواحد، وتفرخت منهما أحزاب عدة خلال السنوات الأخيرة؛ بسبب الصراعات والانشقاقات، ما أدى إلى تراجع تأثيرهما في الساحة السياسية.
ويعول قادة هذه الأحزاب بعد التحالف على العودة إلى واجهة النشاط السياسي خلال هذه الانتخابات، بحصد أكبر عدد من المقاعد في البرلمان.
وقال رئيس جبهة التغيير عبد المجيد مناصرة في مقابلة صحفية، إن "حظوظ الإسلاميين في هذه الانتخابات لن تقل عن 40% من الأصوات في حال تنظيم انتخابات نزيهة، أي قرابة 180 مقعدا من بين 462 إجمالي عدد مقاعد المجلس الشعبي الوطني التي ستعرض للتنافس.
وفي آخر انتخابات برلمانية جرت في 10 أيار/ مايو 2012 حصدت الأحزاب الإسلامية 60 مقعدا من أصل 462 إجمالي عدد مقاعد المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان)، أي ما يقارب نسبة 15% من مجموع أصوات الناخبين.
وجاءت مقاعد الإسلاميين (ثالث قوة في البرلمان) موزعة بين "تكتل الجزائر الخضراء" الذي ضم 3 أحزاب إسلامية هي: حركة مجتمع السلم، وحركة النهضة، وحركة الإصلاح الوطني، بـ 48 مقعدا، وجبهة العدالة والتنمية التي دخلت منفردة فحصلت على 8 مقاعد، أما جبهة التغيير فلم تحصد سوى 4 مقاعد.
وعادت الأغلبية لحزب جبهة التحرير الوطني (الحاكم) بـ 220 نائبا، متبوعا بشريكه في الحكومة حزب التجمع الوطني الديمقراطي (يقوده أحمد أو يحيى مدير ديوان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة) بـ 68 مقعدا، وسط اتهامات بتزوير النتائج نفتها السلطات.
ويقول الحزب الحاكم إنه سيحافظ على موقعه كأكبر كتلة نيابية في البرلمان خلال الانتخابات القادمة.
ويأتي في المقام الرابع من حيث التمثيل في البرلمان الحالي (26 مقعدا) حزب جبهة القوى الاشتراكية (يساري ويوصف بأقدم حزب معارض في الجزائر)، وتتركز معاقل الحزب في منطقة القبائل التي تضم محافظتين رئيسيتين شرق العاصمة هما: تيزي وزو وبجاية، بالإضافة إلى انتشاره في دوائر شرقي محافظة البويرة.
وينافس الحزب في هذه المحافظات غريمه التقليدي حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (علماني)، الذي قاطع الانتخابات النيابية لعام 2012 ويستعد للمشاركة في الاقتراع القادم.
ويعد حزب العمال (يساري) بقيادة التروتسكية ومرشحة الرئاسة السابقة لويزة حنون، خامس قوة سياسية في البرلمان بـ 24 مقعدا، ويليه حزب الجبهة الوطنية الجزائرية (وسط محافظ/ معارض)، وكذا الجبهة الشعبية الجزائرية (علماني/ موالاة) ويقوده وزير التجارة السابق عمارة بن يونس.
كما تحصي الجزائر عشرات الأحزاب التي توصف بـ"المجهرية"، حيث ظهرت بعضها تباعا منذ 2012، بعد فتح الاعتماد في قانون الأحزاب الجديد إلى جانب أخرى قديمة، لكنها دون حضور في الساحة السياسية.
وجاء قانون الانتخابات الجديد الصادر صيف 2016، بشروط جديدة لمشاركة أي حزب في الانتخابات، حيث يشترط حصول أي حزب على نسبة 4% من الأصوات في آخر ثلاث انتخابات وطنية لكي يدخل السباق القادم، وإلا فهو مطالب بجمع التوقيعات (التوكيلات) لقوائمه.
وصرح مدير الحريات بوزارة الداخلية لخضر عمارة، منذ أيام لوسائل إعلام محلية، أن هذه الأحزاب يمكنها تشكيل تحالفات للحصول على التوكيلات المطلوبة لدخول السباق الانتخابي وتجاوز شرط 4%.
وسيؤدي هذا الاقتراح من وزارة الداخلية وفق مراقبين محليين إلى ظهور تحالفات بين أحزاب، توصف بالصغيرة وحديثة النشأة، خلال الأيام القادمة من أجل تجنب الإقصاء الجماعي من السباق.
غير أن هذه الأحزاب ستجد نفسها في حال تجاوز شرط نسبة 4%، أمام مقصلة أخرى هي ضرورة حصول قوائمها على نسبة تفوق الـ 7% من الأصوات المعبر عنها في الانتخابات، لكي تتنافس على مقاعد كل دائرة انتخابية، وإلا ستقصى قائمتها آليا خلال توزيع المقاعد.