يعاني اتحاد الإذاعة والتلفزيون
المصري، المعروف باسم "ماسبيرو"، من أزمة مالية غير مسبوقة، تسببت في تأخر صرف
رواتب العاملين به عن شهر كانون الثاني/ يناير الماضي، لأول مرة منذ تأسيسه في ستينيات القرن الماضي.
وفي أعقاب احتجاجات محددوة للعاملين، قالت وزارة المالية في بيان لها الثلاثاء الماضي؛ إنها وافقت على إتاحات مالية عاجلة بقيمة 220 مليون جنيه لدفع الرواتب المتأخرة.
رصاصة الرحمة
وقالت صحيفة "اليوم السابع" إن هناك أعدادا كبيرة من الموظفين لا علاقة لهم بالعملية
الإعلامية، مثل 5000 من موظفي الأمن، و3000 موظف في إدارة الأندية الإعلامية والكافتيريات والكراج، مؤكدة أن الاتجاه داخل النظام، هو التخلص من ماسبيرو وإطلاق رصاصة الرحمة عليه.
وكشف تقرير للجهاز المركزي للمحاسبات، في حزيران/ يونيو الماضي، أن المبالغ التي تتكبدتها الدولة جراء خسائر ماسبيرو بلغت 32 مليار جنيه. كما أوضح الحساب الختامي لموازنة اتحاد الإذاعة والتلفزيون للسنة المالية 2015 / 2016، الذي صادق عليه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، أن مصروفات ماسبيرو بلغت نحو 6.3 مليار جنيه، بينما كانت إيراداته 1.7 مليار فقط.
وشن الإعلامي الموالي للسيسي، عمرو أديب، هجوما حادا على العاملين بالإذاعة والتلفزيون، عبر برنامجه على قناة "أون إي"، قائلا إن الحل هو تسريح العمالة الزائدة وتأجير الاستوديوهات لشركات خاصة.
في المقابل، سادت حالة من الغضب بين العاملين بماسبيرو بسبب تأخر الرواتب، حيث هددوا بتنظيم وقفة احتجاجية أمام مبنى
التلفزيون، للتعبير عن استيائهم الشديد لتكرار الأمر للشهر الثاني على التوالي، حسبما ذكرت صحيفة الوطن.
وتصاعدت شكاوى العاملين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قال بعضهم إن كل مؤسسات الدولة أصابها الضعف، ولكن هذا لا يعني التخلص منها، بل إصلاحها وتقويمها.
أزمات متراكمة
الخبير الاقتصادي وائل النحاس؛ قال لـ"عربي21" إن مجموع خسائر ماسبيرو حتى الآن وصل إلى 23 مليار جنيه، "وهو رقم كبير جدا، وسببه الرئيسي أن أكثر من 60 في المئة من أنشطة اتحاد الإذاعة والتلفزيون هو نشاط خدمي، و40 في المئة منه نشاط اقتصادي، وبالتالي فإن عائد النشاط الاقتصادي لا يغطي تكلفة ماسبيرو ككل"، وفق قوله.
وأوضح النحاس أن اتحاد الإذاعة والتلفزيون مصنف كهيئة مدنية اقتصادية، مثل العديد من الهيئات الاقتصادية التي لا تحقق عائدات، "لأنها تقدم خدمة عامة ولا تتحكم في سعرها، مثل هيئة النقل العام أو هيئة السكة الحديد التي لا تستطيع رفع سعر التذكرة لتربط بين التكلفة وسعر البيع".
وأضاف أن تأخر دفع الرواتب للعاملين سببه الأزمات المتراكمة التي لا تجد الحكومة حلا لها، مشيرا إلى وجود أكثر من 42 ألف موظف يعملون في ماسبيرو، يكلفون الدولة كل يوم رواتب وخسائر.
صداع في رأس النظام
من جانبه، قال الخبير الإعلامي، صفوت العالم، إن مبنى ماسبيرو يتعرض لخسائر سنوية بالمليارات، "لأنه لم يتم تجديده، لا من حيث المحتوى ولا من حيث الإدارة أو البيئة المؤسسية، ونتيجة لذك فشل في تحقيق نسب مشاهدة مقبولة أو جذب أي إعلانات تغطي تكاليفه ورواتب العاملين فيه"، وفق قوله.
وأكد العالم لـ"عربي21" أن ماسبيرو "بات يمثل صداعا للدولة، وخاصة وزارة المالية المطالبة كل شهر بتدبير رواتب العاملين، دون أن تكون هناك جدوى حقيقة من المبني بكل قنواته وجيش العاملين به".
وأوضح أن ماسبيرو حتى الآن غير قادر على تغطية نفقاته بسبب الفشل الإداري والاقتصادي المستمر منذ سنوات طويلة، كما قال.
وأشار إلى أن هناك العديد من الحلول لعودة ماسبيرو من جديد، على رأسها التخلص من الفائض الكبير في العمالة، وتشغيل الموظفين في أنشطة تدر إيرادات، عن طريق تحويل مجموعة من القنوات المتخصصة أو مجلة الاذاعة والتلفزيون لشركات مستقلة تعتمد على الإعلانات وتتم محاسبتها أولا بأول وفقا لمعدلات الإنجاز التي تحققنها، لإجبارهم على تحقيق أرباح، أو "إغلاقها وإحالة العاملين للمعاش المبكر".
مطالبات بتسريح العمالة
وفي سياق ذي صلة، انتقد النائب مصطفى بكري، ما قال إنها خطة حكومية تستهدف تصفية ماسبيرو، موضحا في بيان له الثلاثاء الماضي، أن "الحكومة ستترك ماسبيرو يواجه مصير شركات القطاع العام التي تم إهمالها ثم جرى خصخصتها".
وتقدم بكري بطلب إحاطة إلى رئيس الوزراء، بشأن "الإهمال المتعمد من الحكومة لماسبيرو، وعدم وجود أي خطة لتطويره، وتركه ينهار أمامها، وكأن هناك من يسعده ذلك، على الرغم من أنها قضية أمن قومي"، وفق قوله.
كما تقدم عضو مجلس النواب أشرف عمارة؛ ببيان عاجل حول أزمة ماسبيرو، موضحا أنه "بعد أزمة الشهر الماضي وتقليل الحكومة لمخصصات ماسبيرو الشهرية من 220 مليونا إلى 190 مليونا، ثم عودة المبلغ كاملا بعد مفاوضات، أطلت أزمة مالية أخرى بعد تأخر مستحقات الشهر الجاري، وهو أمر غير مسبوق".
وقال عمارة، فى بيان صحفي يوم الخميس، إن ماسبيرو "أصبح عبئا حقيقيا على الدولة، كما أن العاملين به يرفضون أي اقتراحات لحل أزمة العمالة الزائدة؛ لأن غالبيتهم تم تعيينهم بنظام الواسطة والمحسوبية، دون أن تكون لهم علاقة بالمهنة"، على حد وصفه.