يدرس مجلس النواب
المصري قانونا جديدا لمكافحة "الجرائم" المرتكبة عبر المواقع الإلكترونية ووسائل
التواصل الاجتماعي؛ تقدمت به الحكومة الأسبوع الماضي، استعدادا لعرضه خلال أيام في جلسة عامة للتصويت عليه.
ويتضمن قانون "الجرائم الالكترونية" المقترح عقوبات قاسية بالسجن والغرامة المالية الكبيرة؛ بحق من يُتهم بالتحريض على مؤسسات الدولة أو أفراد الجيش والشرطة أو تهديد الأمن القومي، كما يمنح الحكومة سلطة حجب أي موقع إذا رأت أنه يمثل تهديدا للأمن القومي.
وبينما تؤكد الحكومة على ضرورة سن هذا القانون بحجة "حماية الأمن القومي" و"محاربة الإرهاب"، و"الحفاظ على أجهزة الدولة من الاختراق"، وحماية خصوصية مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، يرى سياسيون ومعارضون أن هذه التهم تستند إلى عبارات مطاطة لتُمكّن النظام من قمع أي صوت معارض له، ومنع المواطنين من التعبير عن آرائهم عبر الفضاء الالكتروني.
وقال عضو لجنة الاتصالات بالبرلمان، النائب أحمد زيدان، في تصريحات صحفية، إن قانون الجريمة الالكترونية سيحظى باهتمام كبير من جانب اللجنة، وأنه ستكون له أولوية قصوى، مشيرا إلى أن هناك مشروعا آخر مماثل سبق أن تقدم به النائب تامر الشهاوي للجنة، حيث سيتم دمج المشروعين معا للوصول إلى صياغة موحدة للقانون، كما قال.
والشهاوي، وهو لواء سابق بجهاز المخابرات الحربية، تقدم بمشروع قانون تضمن عقوبات تصل إلى الإعدام، بحق من يُتهم بارتكاب جرائم الكترونية يترتب عليها وفاة شخص أو "تهديد" للأمن القومي.
يكره وسائل التواصل الاجتماعي
وكثيرا ما تعلن وزارة الداخلية عن إغلاق حسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي؛ بحجة التحريض على مؤسسات الدولة أو نشر أخبار كاذبة لتكدير السلم العام.
وبحسب بيان رسمي صادر عن الوزارة في نهاية كانون الأول/ ديسمبر الماضي، فقد أغلقت أجهزة الأمن 1045 صفحة على موقع التواصل الاجتماعي بحجة أنها تابعة لجماعة الإخوان المسلمين، كما تم ضبط العديد من الأشخاص بتهمة إدارة بعض هذه الصفحات.
وتشغل مواقع التواصل الاجتماعي جزءا كبيرا من خطابات وتصريحات قائد الانقلاب عبد الفتاح
السيسي؛ الذي لا يمل من تحذير المصريين من خطورتها، وكثيرا ما يتهمها بتيئيس المصريين ونشر الإحباط بينهم، وتضخيم الأزمات السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد.
وفي حديث سابق له في نيسان/ أبريل الماضي، هاجم السيسي مواقع التواصل الاجتماعي واتهمها بالمسؤولية عن تعقيد قضية مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني في مصر، كما اتهمها في حزيران/ يونيو الماضي بالتسبب في تحريض الرأي العام ضد النظام استغلالاً لأزمة جزيرتي تيران وصنافير، كذلك قال في حوار سابق له مع شبكة "سي إن إن" الأمريكية في أيلول/ سبتمبر الماضي، إن مواقع التواصل الاجتماعي تستخدم للترويج لأفكار "الإرهابيين" وجذب العناصر الجديدة لـ"الجماعات الإرهابية".
يقطع الإنترنت بالقانون
وهاجم عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، عبد الغفار شكر، القانون بشدة، ورأى أنه "معيب وخطير، ويعكس بوضوح حالة حقوق الانسان في مصر التي وصلت لأكثر مراحلها تدهورا في السنوات الأخيرة".
وأضاف شكر، لـ"عربي21"، أنه "لم تعد هناك حياة سياسية أو حقوقية محترمة في مصر"، مشيرا إلى أن القانون الذي يدرسه مجلس النواب البرلمان يعاقب أي مخالف لمواده بالسجن ثلاث سنوات، وغرامة مالية تصل إلى مليوني جنيه، لمن يمتنع عن حجب أحد المواقع أو الروابط المجرمة بنصوص القانون".
وأكد أن القانون يحتوي على الكثير من "العبارات المطاطة" مثل كلمة الأمن القومي، مشيرا إلى أن "السلطات لو رأت أن صاحب موقع الكتروني أو صاحب حساب على فيسبوك ينشر كلاما يضر بالأمن القومي، فمن الممكن أن تصل عقوبته إلى السجن المؤبد، وغرامة تصل إلى 20 مليون جنيه".
وأكد شكر أن مصر "تحولت إلى دولة عسكرية؛ كل قرارتها قمعية دون رؤية أو فكر، وتسعى لفرض سيطرتها المطلقة على مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي وخدمات الإنترنت"، لافتا إلى أنه بعدما كان مبارك يقطع الإنترنت بالمخالفة للقانون، فإن السيسي الآن سيقطعه بالقانون"، وفق تعبيره.
يواجه الممارسات المجرمة
من جهته، رأى أستاذ العلوم السياسية محمد كمال؛ أن القانون يتضمن بنودا مهمة، يمكن على أساسها تنظيم التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرا أن كثيرا من الناس أصبحوا يستخدمون تلك المواقع بـ"طريقة خاطئة، ويتم استغلالها في جرائم إرهابية أو تجسس على الآخرين أو مخالفة الآداب العامة"، على حد قوله.
وأضاف كمال لـ"عربي21" أن القانون يواجه أيضا العديد من "الممارسات الإلكترونية السلبية الأخرى، مثل التزوير الإلكتروني، كما أنه يجرّم إنشاء صحفات للجماعات الإرهابية مثل داعش، والمواقع التي تنشر عليها عملياتها الإجرامية، كما يجرّم إنشاء مواقع التشجيع على الإرهاب، أو نقل المعلومات أو تداول البرامج بغرض استخدامها في ارتكاب أو تسهيل ارتكاب أي جريمة أو إخفاء أثار أو أدلة"، كما قال.
ونوه إلى أنه مختلف مع بعض مواد القانون، خاصة تلك التي تعاقب من يحرض على التظاهر أو قلب نظام الحكم؛ لأن القوانين الموجودة تحتوي بالفعل هذه العبارات ولا داعي لتكراراها في قانون جديد، مشيرا إلى أن هناك أيضا تجريما للمواقع التي تهدد الأمن القومي، "دون تعريف ما هو الأمن القومي تحديدا، وبذلك يمكن لأي شخص استخدام هذه المصطلحات المطاطة بطرق كثيرة للتنكيل ببعض معارضي النظام"، على حد قوله.