تتواصل معاناة سكان
ريف حمص الشمالي خاصة النازحين منهم والذين يعيشون ظروفا غاية في الصعوبة في ظل نقص مواد التدفئة والأغذية والمساعدات الطبية الأمر الذي دفعهم للاعتماد على مواد ضارة كالبلاستيك والنايلون وإطارات السيارات والملابس المهترئة للحصول على الدف في البرد القارص.
وتلجأ العديد من الأسر في الريف الشمالي لحمص إلى جمع
القمامة واثاث المنازل المدمرة جراء القصف لغايات حرقها والحصول على الدف في ظل انعدام مقدرتهم الاقتصادية على شراء مواد التدفئة والمحروقات بحسب الناشط الإعلامي مهند بكور.
وقال بكور إن الأهالي لجأوا لاستخدام مادة "التمز" أو(البيرين) والمستخرجة من بقايا عصر الزيتون لكنها على الرغم من فعاليتها في التدفئة إلا أنها مرتفعة الثمن.
ولفت إلى أن سعر الطن الواحد منها يبلغ 70 ألف ليرة سورية مشيرا إلى وجود 5 معاصر للزيتون تقوم بتجهيزها وتجفيفها بعد جمعها تمهيدا للبيع.
بدوره أشار الناشط الإعلامي حسام بدرخان إلى أنه وعلى الرغم من ارتفاع سعر هذه المادة للأهالي وحاجتهم الماسة لها للحصول على
الدفء إلا أن عددا من التجار يلجأون لاحتكارها والغش في إنتاجها وإضافة مخلفات القمح والتبن وروث الحيوانات والأتربة لخداع الأهالي.
وقال إن عمليات الغش تسببت في انتشار العديد من
الأمراض منها التهاب القصبات والحساسية الجلدية والقمل والجرب بين سكان قرى الريف وسط غياب الرقابة وانعدام الرعاية الصحية.
وأدى الانخفاض الحاد في درجات الحرارة، واعتماد الأهالي في التدفئة على البلاستيك والنايلون والحطب و "التمز" وغيرها من المواد التي تصدر أدخنة مضرة بالصحة، إلى تسجيل عدة حالات وفيات بين صفوف الأطفال نتيجة الإصابة بمرض التهاب القصبات، وفقاً لمصادر أهلية.
وتحدثت مصادر أهلية في المنطقة، عن توثيق المشافي الميدانية لما يقارب من 21 حالة وفاة بسبب التهاب القصبات معظمهم من الأطفال، بالإضافة لاستقبال مشفى الرستن الميداني الشهر الماضي، أكثر من 500 حالة، أي بمعدل 15 حالة يومياً، على حد تقدير المصادر الطبية، نتيجة غاز الكربون الناتج عن احتراق الحطب أو البيرين، ونتيجة الظروف السيئة التي يمر بها الريف المحاصر.
بدوره أوضح مدير مشفى تلبيسة المركزي الدكتور "فيصل السعيد" في بيان أنه "في كل عام، وفي هذا الفصل من السنة، يحدث انتشار لحالات التهابات طرق تنفسية علوية، مع حالات من الانفلونزا الموسمية، نتيجة لتقلبات الطقس، والعوامل الجوية والظروف المناخية"
وأضاف:" في هذا العام تفاقمت نسب الإصابة بهذه الأمراض وساهم في هذا الانتشار عدة عوامل أهمها سوء الحالة الاجتماعية والمعيشية، وعدم توافر عوامل التدفئة في المنازل، والمدارس، مما دفع بالأهالي لاستخدام وسائل غير صحية للتدفئة، مثل مشتقات المواد البلاستيكية، والتي تفاقم وتزيد الحالة سوءاً" وفقاً لما جاء في البيان.
وأشار إلى انتشار بعض حالات التهاب "السحايا "، حيث تم تشخيص 5 حالات تم قبولها ومعالجتها.
من جانبه أشار "بدرخان" إلى عدم قدرة المشافي الميدانية، على مواجهة الاصابات بأمراض الجرب والقمل والتهاب القصبات، والتي انتشرت بكثافة بين الأطفال، تزامناً مع فصل البرد.
ومما فاقم من حجم المعاناة في ريف حمص الشمالي، هو ارتفاع الأسعار، بعد أن وصل سعر لتر البنزين إلى أكثر من 600 ليرة بعد أن كان سعره 400 ليرة، فيما قفز سعر لتر المازوت إلى 450 ليرة بعد أن كان ب 375 ليرة سورية، وسط مطالب من الأهالي، بضرورة وجود جهات رقابية لضبط الأسعار وملاحقة التجار.
كما يشتكي سكان ريف حمص الشمالي، من غياب دور الجمعيات الاغاثية والإنسانية، عن دعم العوائل المنكوبة والأشد فقراً، بمواد التدفئة، من محروقات وملابس شتوية وغيرها.
وفي هذا السياق، قال مدير المكتب الاغاثي في مجلس محافظة حمص الحرة "عبد الكريم العلاوي" إن الجمعيات والمؤسسات الخيرية، تساهم في تامين هذه المواد من السوق المحلية، وتعمل على توزيعها على الاهالي، لافتاً في الوقت ذاته، أنها لا تغطي إلا ما نسبته 10 بالمئة من احتياجات الناس".
يشار إلى أن معاناة الأهالي في فصل الشتاء، لم تقتصر فقط على تأمين البدائل عن المحروقات، بل تعد أزمة المياه وانقطاعها وارتفاع أسعارها، من المشاكل التي تطفو على سطح الهموم اليومية، بعد أن وصل سعر صهريج المياه إلى حدود الـ 800 ليرة سورية، كما يعاني الأهالي من صعوبة تأمين ربطة الخبز، وفي حال توافرها فإن سعر الربطة الواحدة يصل لـ 400 ليرة تقريباً، وسط استمرار عجز المجالس المحلية عن دعم الأهالي، نتيجة ضعف الإمكانيات، بسبب قلة الدعم.