وسط جدران لا يزال بعضها يحمل عبارات تمجد دولة "الخلافة" قرب الموصل، يبدأ وسام غانم يوما رتيبا لبيع الفودكا والويسكي في بلدته
بعشيقة التي غادرها
الجهاديون.
واستعادت القوات العراقية بعشيقة التي تبعد 20 كلم شمال شرق الموصل من قبضة الجهاديين في كانون الأول/ديسمبر، لكنها تعرضت لأضرار جسيمة وعاد قليل من السكان إليها.
ويقول غانم بينما كان في محله الضيق مرتديا السروال الفضفاض التقليدي: "أربعون عائلة فقط عادت، والكهرباء والمياه لا تزال غير متوفرة ولم تتم إعادة فتح المدارس".
وغانم أحد أبناء الأقلية الايزيدية التي كانت تشكل الغالبية في بعشيقة قبل اجتياح
تنظيم الدولة في حزيران/يونيو 2014.
وعرفت بعشيقة بتنوعها الاثني والديني كما أنها شهيرة بإنتاج الكحول. ويعد إنتاج العرق بطعم اليانسون من أبرز منتجاتها.
ويعتبر الجهاديون أن الايزيديين، وهم ليسوا عربا أو مسلمين، من الكفار وارتبكوا بحقهم جرائم وصفتها الأمم المتحدة بأنها إبادة جماعية.
ولم يتردد غانم وعائلته الذين نزحوا لأكثر من عامين بالعودة إلى بعشيقة بعد أن تمكنت قوات
البشمركة الكردية من إلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة واستعادة السيطرة على البلدة. لكن ابن عمه جلال خليل كان أقل حظا.
وقال غانم ن عناصر: "داعش احرقوا محلي، ونهبوا بيتي وأزالوا جميع العلامات التجارية للكحول من واجهات المتجر باسم القيم الإسلامية".
وأضاف: "لكن عندما عدنا عثرنا على زجاجات كحول فتحت حديثا في منازلنا، وكذلك علب سجائر مفتوحة وأعقاب سجائر. الجهاديون يدخنون ويحتسون الخمر"، من دون أن يكون لديه دليل على من فعل ذلك.
وعلى بعد بضع مئات الأمتار من محل غانم، يدير باسم عبد المحمود محلا تجاريا يحوي المواد الأساسية.
ويقول إن "مبيعات المشروبات الروحية تشكل 50 بالمئة" من تجارته.
ويفتح محمود محله من الساعة الثامنة صباحا حتى الثامنة مساء، رغم ندرة الزبائن والطقس البارد ما يحيل عودته إلى مسقط رأسه أكثر صعوبة.
بدوره، يقول جلال خليل وهو ابن عم غانم: "كانت بعض جثث الجهاديين في الشارع، عناصر داعش فخخوا منازلنا وفجروا أماكن العبادة. جدران البلدة كانت مغطاة بعبارات تمجد الدولة".
وقد وجه التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة النسبة الأكبر من الضربات الجوية مستهدفا مسلحي تنظيم الدولة دعما لقوات البشمركة على الأرض.
وفر سكان بلدة بعشيقة عندما استولى تنظيم الدولة عليها ما أتاح للطرفين استخدام أسلحة ثقيلة لم تبق الكثير من المباني على حالها.
وتمت إزالة المنازل المدمرة وتم تكديس الركام بشكل مرتب على جانبي الشارع، لكن معظم المركبات في الشوارع عسكرية أو جرارات تسحب خزانات لبيع المياه.
من جانبه، يقول مراد خيري وهو طالب هندسة معمارية: "نحن من بعشيقة، لكننا لا نزال في بلدة مجاورة حيث حصلنا على مأوى".
وأضاف وعلى وجهه ابتسامة كبيرة بينما كان يقوم بطلاء عبارات تنظيم الدولة على الجدران باللون الأبيض: "نأتي مع مجموعة من الأصدقاء كل جمعة للاعتناء ببلدتنا".
وبعد منتصف الظهر، بدأت اول مجموعة من الزبائن تصل الى محل غانم.
ويبلغ نزار عامر الذي عاد الى بعشيقة مع والديه في بداية الأسبوع، 15 عاما، لكنه يشتري ست زجاجات بيرة ليتقاسمها مع أصدقائه.
وتتجه عيناه نحو تقويم ترويجي يعود لعام 2011، لأحد العلامات التجارية الأوروبية الكبرى لصناعة البيرة ويحمل كذلك صورا لعارضات يرتدين البكيني وملابس داخلية.
ويقول غانم بذهول إن "تنظيم الدولة حافظ على ملصقات كهذه مانعا تمزيقها".