تقدمت قوات النظام السوري باتجاه بلدة دير حافر، أحد آخر معاقل
تنظيم الدولة في
ريف حلب، حيث بات لا يفصلها عن هذه البلدة سوى ستة كيلومترات تقريباً، وذلك بعدما سيطرت فصائل الجيش المنضوية تحت لواء "
درع الفرات" على مدينة الباب.
وكانت قوات النظام قد جمدّت منذ العاشر من الشهر الجاري؛ عملياتها في محيط مدينة الباب، بعدما سيطرت على قرية أبو طلطل المحاذية لبلدة تادف، كما وسعت بالمقابل من رقعة المعارك في محيط مطار كويرس العسكري، حيث سيطرت على عدد من القرى في محيط المطار.
ويأتي توقف النظام السوري عند حدود بلدة تادف، قبل أن يتوحه مجددا إليها بعد سيطرة "درع الفرات على الباب، وتوجهه لشن عملية عسكرية واسعة شرق حلب، استجابة لضغوط روسية، حسب رأي الصحفي السوري فواز الشلال، وهو أحد أبناء المنطقة.
ويقول الشلال، في حديث لـ"عربي21"، أن هذه الخطوة جاءت بعد أن سيطر النظام السوري على أكثر من 20 قرية في محيط مدينة الباب من المحور الجنوبي، مستغلاً الانسحابات التي قام بها تنظيم الدولة، في مسعى منه لجر قوات درع الفرات للدخول في مواجهة مباشرة مع النظام السوري، بالشكل الذي يمكن أن يخلط أوراق معركة الباب، مثلما جرى عند قرية أبو الزندين، والتي كادت أن تؤثر على التفاهم الروسي - التركي.
واستطاعت قوات النظام السوري تحقيق تقدم ملحوظ شرق حلب في محورين، أحدهما بالقرب من دير حافر، والآخر من خلال توجهها نحو بلدة الخفسة، ويأتي ذلك على الرغم من تحصين تنظيم الدولة مواقعه في المنطقة، وقيامه بخطوات تهدف لعرقلة تقدم النظام، حسبما أكد الناشط الحقوقي في "المعهد السوري للعدالة"، أحمد محمد.
وبيّن أحمد لـ"عربي21"؛ أن تنظيم الدولة ضخ كميات كبيرة جداً من المياه على الأراضي الزراعية والقرى في محيط مطار كويرس، ما يعيق حركة العربات والآليات التي يستخدمها عناصر النظام السوري، بسبب كثافة الوحل.
تأمين مياه حلب
وحول أهم أسباب توجه النظام السوري لتوسيع نطاق سيطرته شرق حلب، والوصول لبلدة الخفسة، يقول الصحفي فواز الشلال: "قوات النظام تسعى إلى الوصول لنهر الفرات والسيطرة على محطات الضخ، شريان الحياة لمدينة حلب، بالقرب من البلدة، وتأمين تدفق مياه الشرب إلى أحيائها التي تعاني من أزمة مياه خانقة، لا سيما وأن المعلومات القادمة من المنطقة تشير إلى أن تنظيم الدولة قد أغلق المحطة عدة أيام وطرد الموظفين منها، ليعود إلى تشغيلها مجدداً، لكنه قام بتفخيخ المصافي والمضخات".
وينوه الشلال إلى أن النظام السوري شن العملية العسكرية شرق حلب، بعد قيام تنظيم الدولة بقطع المياه عن أحياء مدينة حلب مدة 27 يوماً، قبل أن يعاود ضخها في 12 شباط/ فبراير الجاري، وقد تسبب ذلك بازدياد الاستياء لدى الأهالي، لا سيما وأن مسؤولي النظام في المدينة عزوا الأمر لانقطاع التيار الكهربائي المغذي للمحطة ولباقي محطات معالجة المياه في ريف حلب الشرقي.
وكانت مدينة حلب قد شهدت منذ كانون الأول/ ديسمبر 2015، حتى آذار/ مارس 2016، انقطاعاً للمياه القادمة من نهر الفرات عبر محطة الخفسة، إلى مدينة حلب، حيث قام تنظيم الدولة بإعادة ضخ المياه بعد أن نفذ النظام السوري تعهده للهلال الأحمر، بإصلاح ضخ المياه في عين البيضا بريف حلب الشرقي، والتي تضخ المياه منها إلى مدينة الباب التي كانت خاضعة حينها لسيطرة التنظيم؛ الذي سمح مقابل ذلك بضخ مياه نهر الفرات نحو أحياء مدينة حلب.
قطع طريق درع الفرات
وفي مقدمة الأهداف العسكرية التي يحملها تحرك النظام السوري شرق حلب، هو توسيع نطاق سيطرته حول مدينة حلب انطلاقاً من تأمين مطار كويرس العسكري، وهي خطوة تشكل ضغطاً عسكرياً يمكن أن ينعكس بطبيعة الحال على خيارات المسار السياسي، خصوصاً وأن قوات درع الفرات توسع من رقعة سيطرتها في الشمال، كما يقول الخبير العسكري أحمد الحمادة.
ويوضح الحمادة في حديث خاص لـ"عربي21" أن حملة النظام السوري تؤشر لمساعيه الحثيثة خلال المرحلة بإظهار قواته على أنها تحارب الإرهاب، ما يعكس رغبة حلفائه الإقليميين والدوليين بالمشاركة في معركة الرقة، لذا فإن السيطرة على بلدة دير حافر هي الخطوة الأولى لتحقيق ذلك، ومن ثم مطار الجراح العسكري، وهي محطة هامة باتجاه السيطرة على بلدة مسكنة، ومن ثم مدينة الطبقة الاستراتيجية جنوب الرقة.
وباعتبار أن بلدة دير حافر ومطار الجراح يتحكمان بالطريق المار نحو الرقة، يعتقد الصحفي فواز الشلال، أن سيطرة النظام عليهما تعني قطع الطريق أمام تقدم قوات درع الفرات المدعومة من الجيش التركي نحو مدينة الرقة، لا سيما وأن الخطة التركية المقدمة لواشنطن الخاصة بالمشاركة في عملية تحرير الرقة، تقضي بتقدم درع الفرات جنوب الباب باتجاه الرقة، لذا يمكن الاعتقاد بأن حلفاء النظام السوري خصوصاً روسيا، تسعى جاهدة لقطع الطريق على درع الفرات، ما يساهم في ضرب التفاهم التركي الأمريكي في حال حصوله، وفق تقديره.