نشرت صحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية تقريرا؛ تحدثت فيه عن إغلاق مدرسة إسلامية في مدينة تولوز الفرنسية، وهي قضية تسلط الضوء على الصعوبات التي تواجهها المؤسسات
التعليمية الإسلامية في
فرنسا، في ظل العوائق القانونية أمام حصولها على تراخيص.
وجاء إغلاق مؤسسة "البدر" الإسلامية في مدينة تولوز، على يد الشرطة بالقوة، بعد مرور شهرين تقريبا على إصدار حكم قضائي بحق هذه المؤسسة.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن الشرطة قامت يوم الاثنين الماضي بتنفيذ الحكم الصادر في 15 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، والقاضي بغلق مدرسة البدر نهائيا، بعدما كانت المؤسسة قد رفضت تطبيق قرار المحكمة، ما دفع محافظ تولوز إلى إرسال عنصرين من الشرطة البلدية مدعومين بعناصر من الشرطة القضائية لمنع فتح أبواب المدرسة، ولتسليم الأهالي أوراقا تطلب منهم تسجيل أطفالهم في
مدارس أخرى.
وفي هذا الصدد، نقلت الصحيفة على لسان أحد المقربين من وزيرة التربية الفرنسية، نجاة فالو بلقاسم، أن "قضية إغلاق مدرسة تولوز هي أكبر دليل على عجز النظام الحالي على حماية الحقوق. ونحن نعمل منذ فترة على تغيير هذا النظام".
وخلال سنة 2016، قدمت بلقاسم مقترحا لتغيير نظام تقديم التراخيص للمدارس غير الموقعة لعقود مع وزارة التربية الفرنسية. وفي هذا السياق، شهد عدد التلاميذ الملتحقين بهذه المؤسسات ارتفاعا بنسبة 26 في المئة بين سنتي 2011 و2014، رغم أن العدد الكلي لهؤلاء التلاميذ لا يتجاوز 0.4 في المئة من إجمالي عدد التلاميذ في فرنسا.
وتجدر الإشارة إلى أن تعداد المؤسسات التعليمية غير المرخص لها رسميا من قبل وزارة التربية في فرنسا يتجاوز 1300 مدرسة، بينها 300 مدرسة دينية، كمدرسة "البدر" في تولوز.
وأفادت الصحيفة أن المدارس غير المرخص لها لديها قوانينها الخاصة لتعيين المدرسين، وهي مغايرة تماما لقوانين الدولة الفرنسية، حيث أنها لا تشترط عدة مؤهلات علمية، ويكفي على المعلم أن يكون بالغا من العمر 21 سنة على الأقل وحاصلا على شهادة البكالوريوس (الشهادة الجامعية الأولى).
وفي حديثه عن مدرسة البدر، قال مدير الخدمات الأكاديمية في وزارة التربية الفرنسية، جاك غاييو، إن "هذه المؤسسة تعاني من ضعف في نظامها التعليمي منذ البداية".
وافتتحت المدرسة في أيلول/ سبتمبر 2013. وقال غاييو إن وزارة التربية أرسلت مفتشين إلى المدرسة في حزيران/ يونيو سنة 2014، لكن المفتشين لم يتمكنوا من الوصول للوثائق الرسمية للمدرس.
وأضافت الصحيفة أنه خلال شهر نيسان/ أبريل من سنة 2015، أرسلت الوزارة مفتشين للمرة الثانية، لكن لم يتمكن المفتشون من متابعة الطلاب خلال العملية التعليمية كما لم شكوا من عدم قدرتهم على الوصول إلى جميع منشآت المدرسة.
وعاد المفتشون مرة ثالثة في نيسان/ أبريل، لكن هذه المرة بصحبة رجال شرطة، حيث علق جاك غاييو على هذه الخطوة قائلا: "بما أنني مسؤول في قطاع تربوي، فليس لي نفس الصلاحيات التي لدى كل من القضاء وأجهزة الشرطة. في المقابل، ليس لي خيار آخر سوى الاستنجاد بوكيل الجمهورية بعد أن تجنبت عدم اتخاذ هذا الإجراء".
من جهته، شجب مدير المؤسسة التعليمية عبد الفتاح الرحاوي، قرار إغلاق مدرسته خلال سنة 2016. وذكر محامي المدرس أنه "تم فتح تحقيق جزئي فيما يخص مدى شرعية المدرسة، ومع غياب الأدلة الكافية، فإن القضاء قد أصدر حكما في قضية سجلاتها فارغة".
ويقول عمر، الذي تدرس طفلته في روضة تابعة لمؤسسة البدر، مستهجنا: هناك نقص في الأماكن المتوفرة في المدارس الحكومية. ومنذ إغلاق مدرسة البدر، تقبع طفلتي البالغة من العمر أربعة سنوات في المنزل. وأضاف عمر متسائلا: "لماذا أغلقت الحكومة مركز الحضانة، رغم أن قرار المحكمة لم يصدر سوى في حق المدرسة؟".
ونقلت الصحيفة على لسان أحد ممثلي المجلس الإسلامي في مدينة تولوز، عبد اللطيف الملوكي، في تعليقه على قرار إغلاق مدرسة البدر، أن "هدف الحكومة يتمثل في تعطيل إنشاء وتركيز مؤسسات تعليمية إسلامية".
وأضاف الملوكي أنه "لم يبق في تولوز سوى مدرستين إسلاميتين تستوعب قرابة 180 تلميذا".
وأكد عبد اللطيف الملوكي أن سبب استماتة الحكومة الفرنسية في مطاردة المدارس غير المرخص لها من قبل وزارة التربية، يتمثل أساسا في رفضها للتعليم الديني، حيث علق قائلا: "يبحث الأولياء عن بدائل بسبب الظروف السيئة التي يمر بها أبناؤهم في المدارس الحكومية".