نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لمراسلتها إيما غراهام هاريسون، حول
فندق في مدينة
بيت لحم مطل على الجدار العنصري، تزينه لوحات الفنان العالمي
بانسكي.
وتقول الصحيفة إن "فندق (ذا وول أوف هوتيل/ الفندق المسور)، الذي لا يرى فيه النزيل إلا الجدار العنصري الذي أقامته
إسرائيل على أراضي الفلسطينيين، يحمل بصمات فنان الجداريات البريطاني بانسكي، ويقول صاحبه إن الفندق لديه أسوأ منظر في العالم، ولا تحصل الغرف العشر الموجودة فيه إلا على 25 دقيقة من ضوء الشمس يوميا".
ويستدرك التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن "الفندق، الذي يقع مباشرة أمام الجدار، يمنح النزيل فيه شيئا أكثر من الرفاهية والرقي، بل هو متحف ومعرض لوحات واحتجاج، هذا كله متوفر في مكان واحد، ووضع فيه بانسكي اللوحات الجدارية التي عرف بها كلها".
وتشير الكاتبة إلى أن محتويات الفندق كلها، مثل الأسرة التي تم نقلها من ثكنة عسكرية مهجورة، تحمل رسائل سياسية، حيث إن الغرف كلها لها نوافذ تطل على الكتل الإسمنتية، وأخرى تطل على التلال التي أقيمت عليها مستوطنات تعد غير شرعية بناء على القانون الدولي.
وتنقل الصحيفة عن الفنان بانسكي، قوله: "الجدران الآن ساخنة، لكنني مهتم بها قبل أن يجعلها ترامب باردة"، في إشارة إلى الجدار العظيم الذي وعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ببنائه على الحدود الأمريكية مع المكسيك، مشيرة إلى أن الفنان، الذي يعمل على إخفاء هويته بقوة، جاء إلى بيت لحم قبل عقد من الزمان، حيث رسم عددا من اللوحات على الجدار، التي أصبحت مقصد السياح والزوار.
ويلفت التقرير إلى أنه منذ ذلك الوقت تأثر اقتصاد المدينة القائم على السياح والحجاج؛ بسبب القيود التي تمارسها إسرائيل على حركة السياحة إلى الأراضي الفلسطينية، ولهذا يعد الفندق تعزيزا للسياحة وعاملا لتنشيط الاقتصاد.
وترجح هاريسون أن تؤدي شهرة بانسكي دورا في جعل غرف الفندق محجوزة طوال أيام السنة، مستدركة بأنه يريد من الزوار ألا يتركوا غرفهم بعد التقاطهم صور "سيلفي"، بل يريدهم أن يفهموا الوضع، وقال في بيان إن "طوابقه الثلاثة تعد علاجا للتطرف، وفيها مواقف محدودة للسيارات".
وتكشف الصحيفة عن أن الفندق سيبدأ عمله الرسمي في 20 من آذار/ مارس الحالي، ويتم الحجز عبر الإنترنت، لافتة إلى أن الفريق المسؤول عن الفندق يأمل بأن يثير المشروع الجديد انتباه الإسرائيليين الذين لم يروا الجدار، أو لم يزوروا المدينة لزيارتها، مع أنهم سيخرقون القوانين لو فعلوا ذلك.
ويورد التقرير نقلا عن مدير الفندق وسام سلسع، قوله: "أود دعوة كل شخص للحضور إلى هنا، وأدعو المدنيين الإسرائيليين لزيارتنا"، وأضاف: "نريدهم أن يعرفوا المزيد عنا؛ لأنهم عندما يعرفوننا، فإنهم سيكسرون الصورة النمطية، وبعدها سيتغير كل شيء".
وتفيد الكاتبة بأن السلطات الإسرائيلية حظرت على الإسرائيليين زيارة المدينة، مع أن بانسكي اختار موقعا يسيطر عليه الجيش الإسرائيلي، ما يعني أن الزيارة تعد قانونية، إلا أن الطرق المؤدية للفندق كلها تضطرهم المرور عبر مناطق الفلسطينيين.
وتنوه الصحيفة إلى أن "الفندق كان عبارة عن ورشة لصناعة الفخار، لكنه يحمل فكرة استعمارية بائسة، في إشارة إلى الدور الذي أدته بريطانيا في تاريخ المنطقة، فقاعة الاستقبال وتناول الشاي يؤدي بشكل مثير إلى نوادي الرجال (جنتلمان)، التي كان عازف البيانو فيها يقدم خلفية صوتية للحاضرين، فيما تومض النار تحت كومة من القطع الإسمنتية، مثل حريق في منطقة انفجرت فيها قنبلة، ومن تمثال نصفي تنبعث غيمة من الغاز القادم من علبة غاز مسيل للدموع، وفي مساحات على الشاطئ مليئة بسترات النجاة التي خلفها اللاجئون وراءهم".
وينقل التقرير عن بانسكي، قوله: "مضت مئة عام بالضبط على احتلال بريطانيا لفلسطين، حيث بدأت بإعادة ترتيب الأثاث وبنتائج فوضوية"، وأضاف: "لا أعرف لماذا، لكنه وقت جيد للتفكير بما حدث عندما قامت المملكة المتحدة باتخاذ قرارات سياسية دون أن تفهم بشكل كامل نتائج ما قامت به".
وتبين هاريسون أن غرف الفندق زينت بأعمال بانسكي الفنية، فظهر في واحدة جندي إسرائيلي ومحتج فلسطيني، وكان المحتجون يقاتل كل منهم خصمه بوسادة يتناثر ريشها، وفي لوحة أخرى ظهرت مجموعة من النمور تجلس فوق أريكة جلدها مثل الحمار الوحشي، ينام عليها ثعبان أحمر داكن، مشيرة إلى أنه تم ترتيب الكتب على الرفوف بعناية وبعناوين مختارة، مثل "غرفة بمنظر" رواية فورستر، وفي الجانب الآخر "اسجني أيها الببغاء" لنويل لانغلي، بالإضافة إلى أن المصاعد مغطاة، فالباب مفتوح جزئيا، وتظهر منه كتل إسمنتية وعليه علامة "معطل".
وبحسب الصحيفة، فإن الفندق يحتوي على متحف صغير يشرح عن الجدار والسيطرة على حركة السكان، وتاريخ المنطقة المضطرب، لافتة إلى أن البروفيسور في جامعة إيسكس غافين غريندون قام بإعداد فيلم فيديو عنه، والإشراف عليه، ويقول مقدم فيلم الفيديو: "إن لم تشعر بالدهشة فإنك لن تفهم".
ويشير التقرير إلى أنه في جزء من الفندق مساحة للفن والدعوة للحوار، ففيه، كما يقول المسؤول عن المتحف حسني الخطيب شحاتة، أعمال فنانين فلسطينيين لا يستطيعون السفر والوصول إلى جمهور أوسع، حيث كان يريد أن يعرض الأعمال الفنية على جدار الفصل، الذي لا يبعد سوى خمسة أمتار عن باب الفندق، إلا أنه قرر عدم المخاطرة، وقال: "نحن خائفون جدا"، وأضاف: "لا نعرف ماذا يجري مع الجنود وما هو ممنوع".
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن بانسكي رفض المخاوف التي قد تمنع الناس من زيارة الفندق، حيث أشار إلى أنه حصل على جمهور واسع على شاطئ بريطاني غير شهير.