تتولى المملكة العربية
السعودية، أكبر مُصدر للنفط في العالم، رئاسة منظمة الدول المُصدرة للبترول "
أوبك" خلال دورتها الحالية للعام الجاري، لتواجه بذلك مجموعة من الملفات الهامة والمعقدة.
وقال خبراء اقتصاد ونفط سعوديين، إن من أبرز الملفات أمام السعودية والمنظمة المحافظة على استقرار السوق وأسعار
النفط خلال المرحلة المقبلة، من خلال خفض الإنتاج والالتزام به، ومدى القدرة على تمديد الاتفاق خلال الفترة المقبلة، والتزام الدول خارج "أوبك" بالخفض.
وتكمن صعوبة إدارة "أوبك"، في أن رئاستها إشرافية وقراراتها غير ملزمة لأعضائها، بل تعتمد على التنسيق بينهم، فهي ليست كباقي المنظمات الدولية "مجلس الأمن" أو "الأمم المتحدة" التي تتخذ قراراتها صفة الإلزام.
من بين أكثر الملفات تعقيدا داخل المنظمة، جمعها لدول بينها خلافات سياسية مما يؤدي لصعوبة التوافق، إضافة إلى تعرض بعض دول المنظمة لأوضاع سياسية واقتصادية صعبة.
وتسلمت السعودية، ممثلة في وزير الطاقة خالد الفالح، رئاسة منظمة "أوبك" للعام الجاري، بعد أن قادت قطر المنظمة العام الماضي، ممثلة في وزير نفطها محمد السادة.
ويتداول أعضاء "أوبك" رئاسة المنظمة بشكل سنوي، بجانب منصب الأمين العام للمنظمة، الذي يتم تولي منصبه لدورة مدتها 3 سنوات، يتم تمديدها متى فشل أعضاء المنظمة في الاتفاق على من سيخلفه.
وتضم "أوبك" التي تأسست عام 1960 ومقرها العاصمة النمساوية فيينا، السعودية، إيران، فنزويلا، الجزائر، أنجولا، الإكوادور، العراق، الكويت، ليبيا، نيجيريا، قطر، والإمارات.
وتسيطر دول "أوبك" على أكثر من ثلث الإنتاج العالمي من النفط، بما يفوق 33 مليون برميل يوميا، فيما الإنتاج العالمي بحدود 96 مليون برميل يوميا.
وفي ديسمبر/ كانون الأول 2016 نجحت دول منظمة "أوبك" وخارجها في الاتفاق لأول مرة منذ العام 2001، على خفض إنتاجها مجتمعه بما يقارب 1.8 مليون برميل يوميا.
وبموجب الاتفاق، تتحمل السعودية وحدها، خفض إنتاجها بنحو 486 ألف برميل يوميا، من أصل 1.2 مليون برميل موزعة على الأعضاء في "أوبك".
وقال الخبير النفطي السعودي فهد بن جمعة، إن أبرز الملفات أمام منظمة الدول المصدرة للبترول، المحافظة على استقرار السوق وأسعار النفط خلال المرحلة المقبلة، من خلال خفض الإنتاج والالتزام به.
وأضاف بن جمعة، الذي يشغل أيضا عضوية مجلس الشورى السعودي، أن نتائج خفض الإنتاج الذي قامت به دول "أوبك" وخارجها، جاءت أقل من المتوقع.. "تتراوح الأسعار حاليا بين 55 و56 دولارا للبرميل، فيما كانت 51 و52 دولارا قبل الخفض".
وعارض بن جمعة فكرة خفض الإنتاج التي انتهجتها دول "أوبك" وخارجها، معتبرا أن الأفضل هو ترك السوق لقوى العرض والطلب.
وبلغت نسبة التزام دول "أوبك" بالخفض أكثر من 90% بفضل خفض السعودية لإنتاجها بمعدلات أعلى من المتفق عليها.
ويهدف الاتفاق إلى خفض الفائض العالمي من مخزون النفط، الذي كان قد بلغ مستويات قياسية وإنهاء أكثر من عامين من أسعار النفط المتدنية، التي أضعفت ميزانيات دول عدة.
وقال الخبير السعودي، إن التحدي القادم هو مدى التزام دول "أوبك" وخارجها بخفض الإنتاج، "الفجوة بين العرض والطلب في السوق بدأت تقل، في ظل عدم التزام بعض الدول بخفض الإنتاج".
ورأى أن من العوامل المحددة لأسعار النفط الفترة المقبلة، هو مدى استقرار الأوضاع السياسية في بعض الدول المنتجة للنفط، مثل العراق، مما قد يزيد إنتاجها.
وتعرضت أسعار النفط الخام منذ منتصف 2014 إلى هبوط حاد في أسعارها، نزولا من 120 دولارا للبرميل إلى حدود 27 دولارا مطلع العام الماضي، واستقرت اليوم عند 55 دولارا للبرميل.
من جهته، قال رئيس مركز السياسات النفطية والتوقعات الإستراتيجية في السعودية راشد أبانمي، إن السعودية أمامها تحديات كبيرة على الصعيدين السياسي والاقتصادي، في قيادتها لمنظمة "أوبك".
وأضاف أن السعودية ومنذ عامين، وهي تتجه لجعل النفط أحد مصادر الدخل وليس المصدر الرئيس، كما كان سابقا.
وزاد: "الاقتصاد السعودي سابقا، كان شديد الحساسية لأسعار النفط صعودا وهبوطا، فيما حاليا بدأ العمل على إيجاد بدائل أخرى للدخل من خلال تنويع المصادر في الاقتصاد".
وأكد دور السعودية الحاسم في "أوبك"، "كونها أكبر المنتجين، بالتالي تستطيع التحرك بمعزل عن الدول الأعضاء الأخرى إذا اقتضت الضرورة ذلك".
واستبعد "أبانمي" تجاوز النفط لمستويات 60 دولارا للبرميل، كون الدول لا ترغب في الإضرار بالاقتصاد العالمي، وهذا ما تم الإعلان عنه عند الاتفاق.