توقع خبراء ومحللون اقتصاديون أن يفرض النظام العسكري الحاكم في
مصر ضرائب جديدة تطال
الفقراء، وذلك مع اعتماد
الموازنة الجديدة للدولة زيادة حصيلة الضرائب من 604 مليار جنيه، مقابل 430 مليار جنيه في موازنة العام المالي الحالي.
وأقر مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، ميزانية العام المالي 2017-2018، تمهيدا لإحالتها للبرلمان، فيما تمثل حصيلة الضرائب في تلك الموازنة أكثر من 74 في المئة من إيراداتها، التي يتوقع أن تبلغ 818 مليار جنيه مصري.
وكشفت أرقام الموازنة الجديدة استهداف النظام زيادة حصيلة الضرائب إلى 604 مليار جنيه مقابل 430 مليار في موازنة العام المالي الحالي، بزيادة مستهدفة تبلغ 174 مليار جنيه.
أزمة الديون
وبلغ عجز الموازنة الجديدة 9.1% من قيمة الإيرادات، كما يبدو تأثير الدين الداخلي والخارجي على الموازنة الجديدة، حيث أكد وزير المالية، عمرو الجارحي، الخميس، أن نحو 34 % من الموازنة مستهلك في بند فوائد الدين، وأن الحكومة تستهدف تخفيض معدلات الدين من 104% حاليا إلى نحو 80% من الناتج المحلى خلال 5 سنوات.
تأثير الدولار
كما يواجه الناتج المحلي المصري في العام المالي الجديد احتمالات انخفاض من 250 مليار دولار بحسابات سعر صرف الدولار 16 جنيها، الذي بنيت عليه حسابات مشروع الموازنة، إلى 222 مليار إذا ما حُسب وفق سعر صرف الدولار اليوم، بمتوسط 18 جنيها للدولار، ما يعني زيادة عجز الموازنة، حسب محللين.
وتعاني مصر من أزمة اقتصادية غير مسبوقة، في ظل الانقلاب العسكري، تبدو في تدهور الأوضاع الأمنية، وتراجع إيرادات السياحة، وتغول العملات الأجنبية على العملة المحلية؛ ما أدى لعجز كبير بميزانية البلاد، وزيادة الدين الداخلي والخارجي بالاقتراض لتغطية النفقات، وزيادة البطالة، وتدني مستوى المعيشة، وزيادة نسب الفقر، مع ارتفاع أسعار السلع والخدمات.
وإثر نشر أرقام الموازنة الجديدة، أكد محللون أن النظام العسكري لا شك سيفرض ضرائب جديدة، متوقعين عاما ماليا أشد قسوة على المصريين، في الوقت الذي يتهرب فيه رجال الأعمال من دفع الضرائب، وتُعفى مشروعات الجيش المسيطر على أكثر من 60% من الاقتصاد من دفع أي ضريبة.
غلاء وزيادة ضرائب
ووصف الخبير الاقتصادي، مصطفى عبدالسلام، توجه النظام نحو فرض ضرائب جديدة لتغطية عجز الموازنة "بالافتراء على المصريين"، مشيرا لصعوبات جمة سوف يواجهها الشعب في العام الجديد.
وانتقد عبدالسلام، عبر صفحته بـ"فيسبوك"، رفع الحكومة حصيلة الضرائب بقيمة 174 مليار جنيه مرة واحدة، معلنا رفضه اعتماد إيرادات الدولة على فرض مزيد من الضرائب، متوقعا أن يتحمل الفقراء والموظفون فاتورة الضرائب الجديدة مع تواصل غلاء الأسعار، مشيرا لتهرب كبار رجال الأعمال من دفع تلك الضرائب.
تصرف غير سليم
من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي، الدكتور عبدالحافظ الصاوي، "أنه وبشكل عام، فإن زيادة الضرائب في وقت الركود الاقتصادي يعد تصرفا غير سليم اقتصاديا"، مضيفا أن هذا الوضع يتفق تماما مع الحالة المصرية، التي يعانى فيها الاقتصاد الآن من ارتفاع معدل التضخم بنسب غير مسبوقة، وزيادة الركود بقطاعات عديدة في السوق المصري، بجانب ارتفاع نسب البطالة.
وتعاني مصر من أزمات التضخم والركود والبطالة؛ حيث ارتفع معدل التضخم السنوي إلى 16.4% خلال آب/ أغسطس الماضي، وهو أعلى معدل منذ ثماني سنوات، فيما وصل عدد المتعطلين عن العمل 3.6 مليون شخص، بنسبة 12.5% من إجمالي قوة العمل في النصف الثاني من 2016، حسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
الإضرار بالاستثمار
وأكد الصاوي في حديثه لـ"
عربي21"، أن مشكلات التضخم والركود والبطالة "تتطلب تشجيع الاستثمار والتخلص من معوقاته؛ وذلك بالتخفيف من أعباء الإنتاج، التي يأتي على رأسها تقليل قيمة الضرائب المفروضة"، مؤكدا أن "اعتماد الميزانية المصرية على فرض الضرائب لا يخدم تشجيع وزيادة الاستثمار".
فاتورة يتحملها الفقراء
وأشار الخبير المصري إلى التأثير السلبي لفرض الضرائب على الشعب، مضيفا أن "أي زيادة في الضرائب تعنى عبئا جديدا على المواطن، فضلا عن الأعباء المعيشية الصعبة التي يتحملها في ظل زيادة الأسعار وثبات المرتبات".
وأكد الصاوي أن "فرض أي ضرائب جديدة على المنتجين والمستثمرين نتيجته المباشرة هي تحميل عبء تلك الضرائب على كاهل المستهلك".
وارتفعت نسبة الفقر في البلاد إلى 27% من السكان خلال 2016، ويقع 30 مليون مصري تحت خط الفقر، حيث يعيشون بأقل من 1.5 دولار في اليوم، حسب تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وفي نهاية حديثه، انتقد الصاوي اعتماد الموازنة المصرية على الإيرادات الضريبية بهذه النسبة التي وصلت 74% من إيرادات الموازنة، قائلا: "للأسف، هذا هو واقع الموازنة في مصر، التي تتسم بالجباية".