فتح لقاء العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، ورئيس الوزراء
العراقي حيدر العبادي، الأربعاء الماضي في الأردن على هامش أعمال القمة العربية 28، الباب أمام عديد الفرضيات والاحتمالات بشأن مستقبل علاقات البلدين، والخليج وبغداد على نحو أوسع.
إلا أن معطيات أعلن عنها خلال وقت سابق من الأسبوعين الماضي والجاري، تشي بغلبة فرضية تحفيز العراق
الاقتصادي، لهدف سياسي هو تحييد
إيران عن التدخل في شؤون العراق.
ونشرت وسائل إعلام عربية في اليومين الماضيين العديد من الفرضيات، على خلفية اللقاء، أبرزها أن العراق يحاول تقريب وجهات النظر بين المملكة وإيران، ورسائل سعودية إلى إيران عبر العراق.
وترددت أنباء لوزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري، الخميس من الأسبوع الماضي قال فيها إن الرياض تعتزم شطب الديون المترتبة على العراق للمملكة، بحسب ما أبلغه نظيره السعودي عادل الجبير، غير أن السعودية نفت ذلك لاحقا.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن الجعفري أكد أن المملكة تعتزم فتح خط جوي من الرياض إلى بغداد والنجف، في إطار تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين خلال المرحلة المقبلة.
استئناف للعلاقات
وقال عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي عباس البياتي، إن العلاقات العراقية السعودية شهدت "تحسنا كبيرا خلال الأسابيع الماضية، خاصة بعد زيارة الجبير للعراق".
وأضاف أن "فتح خط جوي بين العراق والسعودية تم بحثه خلال زيارة الوفد العراقي للسعودية.. ونتوقع أن يتم وضعه حيز التنفيذ قريبا".
وشهدت العلاقة بين العراق والسعودية توترا خلال الفترة الماضية، بعد تقديم بغداد طلبا في آب/أغسطس الماضي للرياض، باستبدال سفيرها ثامر السبهان، على خلفية اتهامه من قبل بغداد بـ"تدخله في الشأن الداخلي العراقي".
وبدأت العلاقات بين البلدين في التحسن بشكل كبير، بفضل زيارة الجبير، لبغداد، في 25 شباط/فبراير الماضي، حيث أجرى محادثات مع العبادي، وهي الزيارة الأولى لمسؤول سعودي رفيع المستوى منذ 1990.
فيما زار وفد عراقي في 12 آذار/ مارس الحالي السعودية، برئاسة وكيل وزارة الخارجية، بحث خلالها قضايا فنية تتعلق بالمنافذ الحدودية بين البلدين.
تحييد إيران
وقال خبراء اقتصاديون إن الدعم السعودي الذي يمثل وجهة نظر دول
الخليج ككل للعراق، من شأنه فتح صفحة جديدة من العلاقات الثنائية بين بغداد ودول الخليج الست، ولتحييد الأثر الإيراني على مقدرات البلاد.
ويعاني العراق من عدة مصاعب سياسية واقتصادية وأمنية، بفعل حربه ضد الإرهاب، إضافة إلى تراجع أسعار النفط الذي أدى إلى اختلالات وعجز قياسي في الموازنة العامة.
ولا يتجاوز معدل التبادل التجاري بين البلدين خلال السنوات العشر الماضية ملياري دولار سنويا، وكان أعلى ما وصله هو 3.18 مليارات دولار في 2009.
ويقترب الدعم المالي الإماراتي للعراق من ربع مليار دولار خلال الأعوام الخمسة الماضية، وذلك حسب إحصائية المساعدات الخارجية الصادرة عن وزارة الخارجية والتعاون الدولي بدولة الإمارات.
الدعم السعودي
وقال الخبير الاقتصادي وضاح ألطه (عراقي مقيم في الإمارات)، إن الدعم السعودي الإماراتي للعراق يعتبر محاولة جيدة لعودتها إلى المربع الخليجي، ولتحييد التأثير الإيراني على مقدرات البلاد.
وأضاف أن المدخل الاقتصادي هو الفاعل الرئيس لتحقيق التنمية الاقتصادية في العراق، وخلق فرص استثمار حقيقية، فضلا عن توفير فرص العمل للمواطنين وسيكون له تأثير إيجابي على تحقيق الطفرة المرجوة بعد سنوات من الدمار بسبب الحروب الطاحنة.
وأشار ألطه، إلى أن هذا التوجه من أكبر دولتين في الخليج (السعودية والإمارات)، قد يلقى عدم رضا ومقاومة كبيرة من القوى الإيرانية وحلفائها في بغداد، والتي ما يزال تأثيرها كبيرا على القرار الاقتصادي أو السياسي في العراق.
وتوقع أن تنضم قطر إلى السعودية والإمارات في هذا الشأن، لاسيما في ظل توافر الاحتياطيات النفطية الهائلة والموارد البشرية الكبيرة، حيث يتمتع بأغلبية سكنية من الشباب ما يعني تأمين الأيدي العاملة وبمختلف المهارات والمستويات التعليمية.
قرار متأخر
وقال الخبير والمحلل الاقتصادي طه عبد الغني، إن "قرار الدعم السعودي الإماراتي رغم أهميته الكبيرة للعراق، إلا أنه جاء متأخرا حيث كان من المفترض أن يصبح بعد الخروج الأمريكي من البلاد في 2011".
وأوضح أن هذا القرار سيواجه صعوبات جمة، منها الأوضاع الاقتصادية والسياسية غير المشجعة، لاسيما في ظل ضعف الإدارة والتخطيط والفساد المالي والإداري الممنهج الذي ينخر في أوصال النظام العراقي.
وقال إن السوق العراقية "متعطشة" لكافة أنواع الاستثمار في جميع المجالات الاقتصادية، وكافة أشكال الخدمات التي تهم المواطنين، "ولكن يحتاج إلى تطوير بنيته التشريعية ووجود رغبة حكومية جادة في إعادة النظر بالسياسات والقوانين والتشريعات".
وتواجه شركات خليجية حاليا صعوبات في استثماراتها بالعراق، ما دفعها إلى التحكيم الدولي للحصول على حقوقها وإلزام الحكومة بتعاقداتها.