يتصاعد الحديث في
لبنان عن قانون
عفو عام يشمل متهمين ومطلوبين بقضايا مخدرات إلى جانب
الموقوفين الإسلاميين، وذلك بناء على صفقة سياسية يتم التداول بخصوصها.
وذكرت مصادر رئيس الحكومة سعد الحريري أن "هناك لجنة تعمل على موضوع الموقوفين الإسلاميين، حيث يتم التحضير لقانون عفو في صدد تجهيزه لإرساله قريبا إلى مجلس النواب، بعد التداول فيه مع الرئيس اللبناني ميشال عون".
يأتي ذلك وسط استمرار وقفات أهالي الموقوفين الإسلاميين في مناطق عدة في لبنان، للمطالبة بالإفراج عن أبنائهم.
يذكر أن هناك مئات الموقوفين الإسلاميين مسجونون منذ سنوات دون محاكمات، بتهم مختلفة، بعضها التورط بالمشاركة في معارك ضد الجيش اللبناني، أو حيازة سلاح.
هل هناك انتقائية؟
وقال عضو هيئة علماء المسلمين، الشيخ عدنان إمامة في تصريحات خاصة لـ"
عربي21": "عبّرنا كهيئة العلماء المسلمين عن رفضنا للظلم الذي يتعرض له الموقوفون الإسلاميون، حيث أثبتت الوقائع المتكررة أن هناك انتقائية واضحة في التعاطي مع الملفات في المحاكم، وهناك شواهد عرضتها قنوات فضائية إخبارية لمتهمين قضوا أكثر من سبع سنوات في السجون قبل أن يتم الإفراج عنهم وتبرئتهم من التهم المنسوبة إليهم".
وعن تعاطي القضاء مع ملفات الموقوفين الإسلاميين وفق دلائل ومسوغات قانونية كما تبرر جهات سياسية لاستمرار اعتقال الموقوفين الإسلاميين، قال: "ليس في لبنان عدالة، والسلطات إم أنها عاجزة عن تحقيق المساواة بين مواطنيها، أو عليها إثبات العكس والعفو عن المظلومين في سجونها".
وأكد أن الخيار الوحيد هو "العفو العام مخرجا لهذه الأزمة"، وفق قوله.
وشدد على أن "البلد لا يتحمل مزيدا من القهر، ما يفرض تحديات على العهد الجديد الذي استبشرنا به، وبعودة المؤسسات الدستورية إلى نصابها".
وحذر من أي استثناء للموقوفين الإسلاميين من العفو، قائلا: "إذا حصل ذلك، فإن طائفة بأكملها سيتم استثناؤها، ما يدخل لبنان في أزمة كبيرة، خصوصا في ظل الأوضاع الراهنة"، على حد قوله.
العفو والتسييس
من جهته، أكد الناشط الحقوقي نبيل الحلبي في تصريحات خاصة لـ"
عربي21"، أن "منظمات حقوق الإنسان تتبنى مفهوم المحاكمات العادلة، وليس العفو عن المتهمين، ولكن في لبنان أثبتت الوقائع حصول محاكمات جرت بشكل كيدي ومسيس، ومبنية على اعترافات حصلت على وقع التعذيب"، وفق قوله.
ولفت إلى أن "ما صدر من الأحكام بحق كثير من الموقوفين ومنهم الإسلاميون جائر، ويتطلب على الأقل عفوا عاما، خصوصا أن عددا كبيرا من السجناء أمضى فترات طويلة في الزنازين دون محاكمة، وهذا يتنافى مع حقوق الإنسان، لا سيما إذا تبين أن مجموعة من الموقوفين لم يكونوا مذنبين أصلا".
ودعا الحلبي إلى "قانون عفو عادل يشمل الموقوفين الإسلاميين، خصوصا أولئك المتهمين بحيازة سلاح"، مشيرا إلى أن "معظم اللبنانيين يمتلكون أسلحة، وهو ما يعزز الدعوة لإسقاط هذه التهم عنهم".
وعن الخطوات القانونية التي بإمكان أهالي الموقفين اتخاذها في حال استثنائهم، قال: "قانون العفو العام يصدر عن مجلس النواب ولا يمكن الطعن به إلا من خلال المجلس الدستوري، حيث يعدّ القانون الصادر من البرلمان بحكم الدستور".
تسوية سياسية
من جهته، قال الخبير الحقوقي الدكتور هاني سلامة، لـ"
عربي21"، إن "قوانين العفو عندما تصدر تكون في إطار تسوية سياسية".
وأضاف: "ليس الهدف من العفو إصلاح اجتماعي أو تحقيق غاية حقوقية بل يصدر ضمن وفاق عام في المجلس النيابي"، لافتا إلى أن "هناك أصواتا عدة تدعو للعفو وأولهم السجين وأهله".
وأشار إلى أن "آخر قانون عفو صدر كان بحق رئيس حزب القوات سمير جعجع، وتضمن القانون صفقة سياسية شملت الموقفين الإسلاميين فيما يعرف بقضية الضنية".
وكان جعجع قضى 11 عاما بالسجن بتهمة تفجير كنيسة سيدة النجاة في زوق مكايل عام 1994، قبل الإفراج عنه بقانون عفو عام 2005.
وتعود قضية الضنية في شمال لبنان إلى معارك بين مجموعات مسلحة والجيش اللبناني عام 1999.
وأشار إلى أن مقترح القانون الحالي يشمل "مطلوبين للعدالة بتهم ترويج وحيازة والاتجار بالمخدرات، وهناك أعداد كبيرة من المطلوبين وبعضهم غير متورط"، لافتا إلى أن ما يتم التداول به حاليا "هو تسوية للحفاظ على الحق الإنساني لبعض الموقوفين".
وعن إمكانية خروج متورطين بجرائم مخدرات وقضايا إرهاب من السجون بمفعول هذا القانون، قال: "عندما نتحدث عن قانون عفو علينا أن نلتزم بمفاعيله، وقد يستفيد منه الكثيرون، أما تكرار الجرم فهو يلحظ عادة بقوانين العفو من خلال مواد تنص على مضاعفة العقوبة أو بإعادة فتح الملفات القديمة".
وشدد على أن "إصدار عفو محدود يحدث انفراجا في النفوس خاصة بالنسبة للإسلاميين، والمتهمين بقضايا المخدرات ممن هم غير متورطين بالاتجار أو زراعة المخدرات".
ودعا إلى "التشدد بقوانين عقوبات المخدرات إلى جانب حملات توعوية تبرز مخاطر وفداحة المخدرات".