نشرت صحيفة "دير شبيغل" الألمانية تقريرا، سلطت من خلاله الضوء على معاناة المصور الصحفي
المصري، محمود أبو زيد، الذي يقبع في سجن طرة في ظروف غير إنسانية، لا لشيء إلا لأنه أصر على تأدية واجبه كصحفي. وتجدر الإشارة إلى أن سجن أبي زيد أبلغ دليل على انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها النظام المصري.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن أبا زيد، الملقب "بشوكان"، يقبع في سجن طرة منذ أربع سنوات في حالة إيقاف، فضلا عن أنه قد يتم إعدامه في أي وقت. وقد ألقي القبض عليه على خلفية تغطيته لفض اعتصام رابعة العدوية سنة 2013.
وأكدت الصحيفة أن رجال الأمن اعتقلوه بتاريخ 14 آب/ أغسطس سنة 2013، وصادروا الكاميرا، إلى جانب الصور التي التقطها أثناء عملية فض الاعتصام. ومن الملفت للنظر أن هذا المصور الصحفي لم يحاكم بسبب نقله وتوثيقه لأحداث فض الاعتصام، بل حوكم بتهمة الانتماء إلى منظمة الإخوان المسلمين.
ونقلت الصحيفة تصريحات شقيق محمود، محمد أبو زيد، حيث قال إن "محاكمة أخي كانت ذات طابع سياسي، حيث لم تستند المحكمة إلى أي أدلة. إن النظام المصري يوجه القضاء حسب أهوائه".
وأضافت الصحيفة أن
شوكان يقتسم الزنزانة رفقة 16 سجينا سياسيا، علما أنهم مجبرون على البقاء داخل حيطان هذه الزنزانة الضيقة على مدار الساعة. في المقابل، يسمح لهم بالخروج من الزنزانة كل يومين أو ثلاثة أيام لمدة ساعة واحدة؛ وذلك بهدف ممارسة بعض التمارين الرياضية.
ونقلت الصحيفة موقف محمد أبي زيد من هذا الوضع المأساوي الذي يعيشه أخوه، حيث صرح قائلا: "بالنسبة لأخي، يعدّ السجن شكلا من أشكال التعذيب؛ نظرا لأنه سجين دون تهمة واضحة". وتابع محمد قائلا: "في العديد من المناسبات، أكد محمود أنه لا يتقاسم الزنزانة مع أنصار الإخوان المسلمين فقط، بل يوجد من بين السجناء أيضا أشخاص لا ينتمون لهذه الحركة".
وأوضحت الصحيفة أنه يسمح لمحمود له باستقبال الزوار مرة في الأسبوع. وفي الأثناء، أفاد محمد: "على الرغم من أن أخي يطلب دائما السماح له بمطالعة بعض الجرائد أو الكتب، إلا أن إدارة السجن لم تستجب لرغبته؛ نظرا لأنه ممنوع من القيام بذلك". ومن جانب آخر، أورد محمد أبو زيد أن "محمودا يعاني من التهاب الكبد وفقر الدم. والأسوأ من ذلك، يعاني أخي من بعض الأمراض النفسية".
وأفادت الصحيفة بأن فترة السجن الطويلة أصابت هذا المصور الصحفي بالوهن. وعلى الرغم من أن القاضي وعد بإطلاق سراحه في أسرع وقت، إلا أن كل هذه الوعود ذهبت أدراج الرياح. وفي هذا الإطار، أفاد محمد أبو زيد: "لقد فقدنا الأمل بشأن قضية أخي، فقد تستمر محاكمته لمدة أربع أو خمس سنوات أخرى".
وأوردت الصحيفة أن عددا من المنظمات الحقوقية، على غرار منظمة العفو الدولية ومراسلون بلا حدود، نظموا حملات تدعو إلى إطلاق سراح محمود، لكن دون جدوى. عموما، قام قائد الانقلاب العسكري، عبد الفتاح السيسي، منذ سنة 2013، باعتقال حوالي 60 ألف مصري، من بينهم أنصار الإخوان المسلمين ونقابيون، فضلا عن نشطاء حقوقيين وصحفيين. علاوة على ذلك، يمارس النظام المصري ضغوطا كبيرة على المنظمات غير الحكومية التي تطالب بتكريس الديمقراطية في مصر.
وفي السياق ذاته، صرح ناشط مصري بأن "وضع حقوق الإنسان في مصر مأساوي"، خاصة أن نظام السيسي لجأ إلى إجراءات عقابية أكثر حدة من نظام مبارك. وفي هذا الصدد، قال المصدر ذاته: "نعيش مناخا من الخوف والترهيب شبيها بالمناخ الذي شهدته مصر خلال عهد الرئيس المصري الأسبق، جمال عبد الناصر، خلال الستينات".
وبينت الصحيفة أن لا أحد يجرؤ على الاعتراف حقيقة بما تشهده مصر من انتهاكات بليغة لحقوق الإنسان، فضلا عن أن معظم المواطنين لا يقدمون على نقد السيسي إلا بشكل سري خوفا من السجن. ومؤخرا، أطلق سراح الرئيس المصري الأسبق، محمد حسني مبارك، ووزير الداخلية في عهده، حبيب العادلي، اللذين اتهما بقتل مئات المتظاهرين إبان ثورة 2011. في المقابل، يقبع بعض الثوار الذين أطاحوا بمبارك في السجون، في حين أن الكثيرين منهم يخضعون للملاحقات الأمنية، بينما قسم منهم أرسل إلى المنافي.
وفي الختام، ذكرت الصحيفة أن شوكان سيمثل اليوم أمام المحكمة رفقة 400 سجين آخرين. والجدير بالذكر أنه تم عرض هذا السجين على أطباء المستشفى العسكري؛ نظرا لتدهور صحته. وفي الأثناء، يأمل الكثير من النشطاء أن يأمر الأطباء بإطلاق سراح هذا المصور الصحفي؛ نظرا لحالته الصحية الحرجة.