تلقى المسيحيون في
مصر صدمة جديدة بالهجمات الانتحارية التي استهدفت كنائسهم قبيل عيد الفصح المجيد بأيام قليلة، فيما تجددت الأسئلة مرة أخرى عن مدى فعالية الإجراءات الأمنية في محيط الكنائس والمنشآت المسيحية وفشل النظام في توفير الحماية لهم، لينتهي بهم الأمر ضحية لجريمة مزدوجة من تنظيم الدولة والنظام معا، في الوقت الذي ظل فيه المسيحيون في الشرق يتمتعون لقرون بحماية المسلمين الموجودين، الذين لطالما تعاملوا معهم على أنهم جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي للأمة.
وفوجئ المصريون الأحد بتفجيرات انتحارية استهدفت ثلاثة كنائس في كل من
طنطا والاسكندرية، لتنتهي بسقوط عشرات القتلى والجرحى، فيما أعلن النظام في مصر حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر وأعلن تأسيس مجلس لمكافحة الإرهاب، في محاولة لامتصاص الغضب الكبير الذي نتج عن
التفجيرات، والغضب إزاء الفشل الأمني الذي وصل إلى درجة الهجوم بالضرب على مدير أمن محافظة الغربية فور وصوله إلى مكان التفجير، حيث تلقفه مئات المسيحيين الغاضبين الموجودين في المكان.
واستفسرت "عربي21" من قيادي كبير في جماعة الإخوان المسلمين عن موقف الجماعة من المسيحيين في مصر عموما، ومسألة استهدافهم على وجه الخصوص، فأكد أن الجماعة تتبنى الموقف الإسلامي الثابت في القران الكريم والسنة الذي يضمن حماية المسيحيين وغيرهم من أهل الكتاب، فضلا عن أن المسلمين كانوا طوال القرون الماضية يقدمون الحماية للكنائس في المشرق العربي، فيما توجد مئات الكنائس التاريخية التي تعود إلى ما قبل مئات السنين شاهدة على الحماية التي يتمتع بها المسيحيون.
وأدانت كل من جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسي "حزب الحرية والعدالة" في بيانين منفصلين التفجيرات التي استهدفت الكنائس، واعتبر الحزب في بيانه أن "لا فرق بين دماء الأبرياء التي سالت في ميدان رابعة والنهضة، ودماء الأبرياء التي سالت في الكنائس".
وأكد الحزب في البيان الذي تلقت "عربي21" نسخة منه، إن "كل هذه الدماء في رقبة القاتل السفّاح عبدالفتاح السيسي ونظامه الانقلابي المجرم، الذي يستحل دماء بعض المصريين ويتاجر بدماء بعضهم الآخر طلبا لشرعية يفتقدها، كما أن هذا النظام لا يمكنه البقاء والاستمرار إلا بخلق حالة فوضى يفرض بها الخوف على المصريين ويجلب بها دعما دوليا".
وسرعان ما شاعت حالة من الغضب تجاه النظام بسبب الفشل الأمني في حماية المسيحيين، وأطلق نشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي حملة انتقاد للنظام حملت عنوان (#السيسي_بيولع_مصر)، في الوقت الذي ربط فيه بعض النشطاء بين زيارة السيسي إلى الولايات المتحدة والتفجيرات.
ودعا القيادي الإخواني الذي تحدث لــ"عربي21" إلى موقف إسلامي أكثر صرامة من هذه التفجيرات، كما قال إنه "من المفترض أن تسارع جماعة الإخوان إلى تقديم العزاء والدعم للضحايا الذين تخلى عنهم النظام، وبدأ على الفور المتاجرة بدمائهم بدلا من احتوائهم".
وبحسب القيادي في جماعة الإخوان الذي طلب من "عربي21" عدم نشر اسمه، فإن على "الإخوان والحركات الإسلامية في مصر مسؤولية تأكيد حرمة الدم المسيحي، وتعليم الأجيال الجديدة أن المسيحيين في مصر هم جزء من المجتمع منذ مئات السنين، لهم ما له وعليهم ما عليه، وعلى النظام أن يتيح للإسلاميين المعتدلين فرصة إشاعة هذه الروح في المجتمع، بدلا من القتل الطائفي الأعمى الذي يقوم به تنظيم داعش وغيره من الجماعات الإرهابية التي لا تمثل المسلمين"، على حد تعبيره.
يشار إلى أن التحالف الوطني لدعم الشرعية، وحزب البناء والتنمية -الذراع السياسي للجماعة الإسلامية- وكذا العديد من الشخصيات والتنظيمات أصدرت بيانات إدانة واضحة ضد التفجيرات التي استهدفت المسيحيين الأبرياء الآمنين في كنائسهم.