عرض رئيس
الحكومة المغربية الجديد،
سعد الدين العثماني، برنامجه الحكومي على أنظار المؤسسة البرلمانية بغرفتيها، معلنا استمراره في الأوراش الإصلاحية التي بدأتها حكومة ابن كيران، مبشرا بما سيتحقق بعد خمس سنوات، في أفق 2021.
إعلان
البرنامج الحكومي الذي ينتظر أن تناقشه الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، في الساعات القادمة مقابل أن تصوت عليه لتمنح الحكومة التنصيب القانوني وفق الدستوري، لم يزل الشك فيما تنوي الحكومة القيام به خاصة في العلاقة مع الطبقات الاجتماعية الهشة.
المحاور الخمس
البرنامج الحكومي جاء موزعا على خمسة محاور، أولها دعم الخيار الديمقراطي ومبادئ دولة الحق والقانون وترسيخ الجهوية المتقدمة، حيث أعلن رئيس الحكومة أنه سيتم تعزيز قيم النزاهة والعمل على إصلاح الإدارة وترسيخ الحكامة الجيدة.
والتزم في المحور الثاني بتطوير النموذج الاقتصادي والنهوض بالتشغيل والتنمية المستدامة، وفي المحور الثالث وعد بتعزيز التنمية البشرية والتماسك الاجتماعي والمجالي، وأكد ضرورة العمل على تعزيز الإشعاع الدولي للمغرب وخدمة قضاياه العادلة في العالم في المحور الرابع.
وقال العثماني إن المغرب تمكن من رفع قدرة منظومته الاقتصادية على مقاومة الأزمات، وتحسين مساهمة عدد من القطاعات في النمو الاقتصادي الوطني، وإنجاح إقلاع قطاعات صناعية عديدة، واكتساب مقاولات مغربية للريادة على المستوى الجهوي والقاري والعالمي.
وسجل أن "الحكومة ستعمل على تحقيق نمو قوي ومستديم لضمان اللحاق بركب البلدان الصاعدة، وعلى رفع تنافسية الاقتصاد الوطني والنهوض بالتشغيل وتدعيم التنمية المستدامة".
وأضاف العثماني أن الحكومة تضع في صلب أولوياتها تسهيل حياة المقاولة وتحريرها من قيود المساطر الإدارية المتشابكة والمعقدة، وتوفير مناخ تنافسي وجاذب للاستثمار والابتكار، مشددا على أن الهدف هو أن يتسنى لها التركيز على مهمتها الأساسية المتمثلة في خلق الثروة وفرص الشغل المنتج.
وتابع: "ستعمل الحكومة على دعم وتقوية نسيج المقاولات، وخاصة المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة، وترسيخ نظام الأفضلية الوطنية للمقاولات، ووضع إطار تحفيزي مشجع ومبتكر".
ملاحظات حول البرنامج
وقال رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، محمد بودن: "في تقديري أن البرنامج الحكومي جاء بأفكار يظهر أنها طموحة لكن الأهم هو التنزيل العملي لها".
وأضاف محمد بودن في تصريح لـ"
عربي21" أن "البرنامج الحكومي بمحاور كبرى سياسية وحقوقية وكذا تدبيرية واقتصادية واجتماعية ومحور متعلق بما هو استراتيجي".
وتابع أن "البرنامج الحكومي جاء ببعض الأفكار التي تثير تخوفات حقيقية، وقد يرتبط تطبيقها بقرارات إصلاحية مؤلمة".
وأوضح بودن: "من الواضح أن البرنامج الحكومي المكون من 90 صفحة يرتبط جزء هام من تطبيقه باستراتجيات ممتدة إلى ما بعد 2021 وهو ما يطرح سؤال مسؤولية الحكومة الحالية عن الحصيلة المستقبلية".
وأفاد: "البرنامج الحكومي لا ينطلق في عدة محاور من الحصيلة الحكومية السابقة وإنما يؤسس لمرحلة جديدة بقرارات جديدة، ويمكن القول إن البرنامج الحكومي الحالي مرقم بشكل أدق من البرنامج الحكومي لسنة 2012 ولا يتضمن سردا للإكراهات بدون تقديم أفكار لحلول ممكنة".
وزاد: "يقدم البرنامج الحكومي بعض القضايا التي يصعب أن تتحول في القريب إلى واقع يشعر به المواطن ويشعر أن ظروفه تتحسن".
واعتبر أن "البرنامج الحكومي الحالي يختلف نوعا ما عن البرامج الحكومية السابقة لكونه يرتبط بعدد من الاستراتيجيات (استراتيجية الطاقة، استراتيجية التجارة، استراتيجية التعليم، استراتيجية السياحة، استراتيجية التشغيل ...).
ومضى الباحث يقول: "من حيث الأفكار يظهر أن البرنامج الحكومي منحاز لقضايا المواطن لكن عمليا هل ستتمكن بعض محاوره من حل مشكلاته اليومية..؟".
وختم ملاحظاته بالقول إن "أغلب محاور البرنامج الحكومي لا تستند على مضامين البرامج الانتخابية للأحزاب المشكلة للائتلاف الحكومي".
حملة دعائية
وتحاشى الباحث والقيادي في حزب الاشتراكي للقوات الشعبية، والبرلماني السابق، حسن طارق، التعليق بشكل مباشر على البرنامج الحكومي، معتبرا أن الأمر لا يعدو كونه حملة دعائية.
وقال في تدوينة على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "يقال إن الحكومة تستعد لإطلاق حملة دعائية. ويعتقد التقنقراط أن الناخبين الذين سرقت إرادتهم، يمكن أن يتحولوا تحت سحر "التسويق" إلى مستهلكين مفتونين بالحكومة كما لو كانت مسحوقا للغسيل".
وتابع حسن طارق: "يتصور (خبراء) الدعاية المقاولاتية أنه يمكن بيع (رجل سياسة فاسد) بعد تلفيفه الجيد في ورق صقيل، فضلا عن بيع (الحكومة) كأي سلعة بليدة!".
وأفاد: "الواقع أن ذكاء الماركوتينغ لا يصلح أعطاب السياسة، فالقضية أكبر من أن تكون مشكلة صورة! أيها السادة الجدد للزمن: هناك فرق بين المواطنين والزبناء. هناك فرق بين الدعاية والتواصل. وهناك فرق بين الديمقراطية والسوق!".
بالأرقام
ويسعى البرنامج الحكومي إلى تحقيق المؤشرات الماكرو اقتصادية التالية في أفق سنة 2021، مؤكدا أن النسب المستهدفة في أفق 2022 تتمحور بين 4.5 في المائة و5.5 في المائة كمعدل للنمو الاقتصادي، وفي حدود 3 في المائة كعجز الميزانية، بالنسبة إلى الناتج الداخلي الخام.
وتعهد العثماني بتحقيق أقل من 60 في المائة فيما يتعلق بمديونية الخزينة بالنسبة إلى الناتج الداخلي الخام، مضيفا بأرقام متفائلة أن الحكومة ستحاول تحقيق أقل من 2 في المائة كنسبة للتضخم وفي حدود 8.5 في المائة كنسبة للبطالة.