أصدر الرئيس الفلسطيني
محمود عباس، الأربعاء الماضي "قرارا بقانون" يمنح النيابة العامة حق منع المواطنين من السفر، ليكون هذا هو "
القرار بقانون" رقم 180 الذي يصدره عباس خلال السنوات العشر الأخيرة، التي شهدت تعطيل
المجلس التشريعي الفلسطيني.
ووفق القانون الأساسي الفلسطيني؛ فإن "الأصل أن
القوانين تصدر عن المجلس
التشريعي، إلا أن للرئيس حق إصدار قرارات لها قوة القانون في حالات الضرورة التي لا تحتمل التأجيل، وفي غير أدوار انعقاد المجلس التشريعي".
مخالفة في المبدأ والمضمون
وبحسب عضو الهيئة الإدارية للهيئة الوطنية لاستقلال القضاء وسيادة القانون، محمد سقف الحيط؛ فإن "أيا من القرارات بقوانين الـ180 لا ينطبق عليه شروط القانون الأساسي، فليس من بينها قرار واحد ضروري لا يحتمل التأجيل".
وأضاف سقف الحيط لـ"
عربي21": "بناء عليه؛ فإن القرارات بقوانين الماضية صدرت عن غير ذي صفة قانونية ابتداء، كما أن في مضامين بعضها ما يخالف القانون الأساسي والقوانين الفلسطينية"، ممثلا بذلك بصدور "قرارات تخل بمفهوم المواطنة، من خلال إعفاء طوائف بعينها من استحقاقات ضريبية؛ وقرارت مصممة خصيصا لأشخاص محددين، مثل قرار تمديد ولاية رئيس هيئة مكافحة الفساد، إضافة إلى قرارات تحدّ من حرية المواطنين المنصوص عليها في القانون الأساسي، مثل القرار الأخير الذي أعطى النيابة حق منع السفر، وهو أمر مختص بالقضاء فقط".
وأشار إلى أن "المشكلة التشريعية في البلاد سهلة الحل، من خلال دعوة المجلس التشريعي للانعقاد، وهو أمر بالغ البساطة، إلا إذا كان الرئيس يريد خلاف ذلك وفقا لرؤاه السياسية".
وقد حاولت "
عربي21" الاتصال بمسؤولين في مؤسسة الرئاسة الفلسطينية للتعليق على الموضوع، إلا أن أحدا منهم لم يتجاوب.
تفرد وتعطيل
وقال النائب الثاني للمجلس التشريعي الفلسطيني، حسن خريشة، إن "الرئيس محمود عباس جعل من نفسه رئيسا لكل شيء في الشعب الفلسطيني، واستأثر بكل السلطات، وطوّعها بما يخدم مصلحته، وعطّل كافة مؤسسات الشعب الفلسطيني التي لا تخضع لسلطته".
وأضاف لـ"
عربي21": "المجلس التشريعي هو آخر المؤسسات الشرعية الباقية في فلسطين، وهو معطل بشكل متعمد، وقد استغل الرئيس عباس هذه الفرصة لإصدار عشرات القرارات بقوانين بشكل غير قانوني، وبدون أي ضرورة واقعية، حيث إن كثيرا منها قرارات اقتصادية تخدم فئة رؤوس الأموال، ولا تهم غالبية قطاعات الشعب الفلسطيني".
وأشار خريشة إلى أن التفرد الذي ينتهجه عباس، وضيق قاعدة الحكم الناتج عن تركيز السلطات في يديه؛ أدى إلى زيادة الفساد والتضييق على الحريات العامة، وتقديم مصالح فئات معينة على المصالح الوطنية الكبرى.
وبين أن "حل المشكلة التشريعية يكون بعودة سلطة إصدار القوانين إلى أصحابها في المجلس التشريعي من خلال الدعوة لانعقاده، وهو الأمر الذي يرفضه الرئيس عباس، تخوفا من إلغاء القرارات التي أصدرها طوال الأعوام الماضية، أو حجب الثقة عن حكومته".
واستدرك: "لقد طمأننا الرئيس بأننا نريد أن نعقد التشريعي لمناقشة قضايا وطنية كبيرة، وللرد على القوانين العنصرية التي يصدرها كنيست الاحتلال بشكل متتال، دون مناقشة القضايا الداخلية، غير أن فكرة تعطيل كل من يمكن أن يخالف عباس، بما في ذلك التشريعي، هي المسيطرة، وذلك ليستمر في التفرد واغتنام أية فرصة كي يعود إلى المفاوضات دون من يقول له لا".
انتخابات توافقية
ورأى المحلل السياسي مصطفى الصواف أن هناك "تخوفين رئيسين يمنعان عباس من دعوة المجلس التشريعي للانعقاد، أولهما أن تشكيلة المجلس التي تتمتع حركة حماس فيها بالغالبية؛ لا تتوافق مع عقليته وتوجهاته، ويخشى أن تقف في وجه قرارات تضر بالقضية الفلسطينية اتخذها أو سيتخذها، وثانيهما أن انعقاده يحدّ من الصلاحيات المطلقة التي منحها عباس لنفسه".
وأوضح الصواف لـ"
عربي21" أن الحل الوحيد للأزمات الفلسطينية يكون بالعودة إلى الشعب من خلال انتخابات متوافق عليها، وفقا لاتفاقات المصالحة المختلفة، "غير أن أبا مازن يريد انتخابات وفق مقاسه فقط" على حد تعبيره.