حكمت
محكمة أردنية على صحفي في صحيفة القدس العربي اللندنية بتعويض مالي كبير بتهمة عدم تحري الحقيقة والذم والقدح والتحقير، في الدعوى التي أقامها ضده رئيس وزراء ليبيا السابق
محمود جبريل في العام 2014.
ووفق موقع صراحة نيوز المحلي، فقد حكمت محكمة بداية جزاء عمان بإدانة مدير مكتب الصحيفة في عمان
بسام البدارين، وتغريمه مبلغ 50 ألف دينار أردني، تعويضا للمشتكي وهو محمود جبريل.
وقد أدانت المحكمة البدارين بجرم عدم تحري الحقيقة، وجرم ذم وقدح وتحقير الأفراد، وجرم عدم التوازن والموضوعية في عرض المادة الصحفية.
وجاء في حيثيات الحكم وفق ما نشر موقع "صراحة نيوز" المحلي:
"أما فيما يخص الادعاء بالحق الشخصي وحيث إنه يدور وجودا وعدما مع الشق الجزائي، وحيث ثبت للمحكمة ارتكاب الظنين (بسام البدارين) للجرائم المسندة إليه؛ لذا تقرر المحكمة عملا بالمادة 1818 من مجلة الأحكام العدلية والمادة 42 من قانون المطبوعات، بإلزام الظنين المدعى عليه بالحق الشخصي بأداء مبلغ خمسين ألف دينار، حسب ما ورد بتقرير الخبرة المعتمد من قبل المحكمة للمدعي بالحق الشخصي، وتضمينه الرسوم والمصاريف ومبلغ 500 دينار أتعاب محاماة. حكما وجاهيا بحق المشتكي المدعي بالحق الشخصي، وغيابيا بحق الظنين المدعى عليه بالحق الشخصي عن الشق الجزائي، قابلا للاعتراض والاستئناف وبمنزلة الوجاهي عن الشق الحقوقي قابلا للاستئناف".
وقد جاء حكم محكمة بداية جزاء عمان هذا، بعد أن قام الظنين بسام البدارين الذي يعمل صحفيا بكتابة مقالة في صحيفة القدس العربي بعنوان (سيناريو مصر يتكرر في ليبيا … هجمة عسكرية ضد مؤسسات الإخوان وحالة بحث عن حسم عسكري)، وقد تضمن هذا المقال أن المشتكي (المدعي بالحق الشخصي) محمود جبريل إبراهيم الورفلي (رئيس وزراء ليبيا)، تحدث عن صعوبة الاستعانة بالخارج، والهدف النهائي عملية سياسية جديدة على نمط السيسي، والتأثير الحيوي للملف المصري على الواقع الأمني الليبي على أساس أن الإخوان المسلمين راغبون بالعودة إلى الحكم في مصر، أو إفساد الحكم المناقض لهم بالحد الأدنى، وليبيا قد تكون ساحة حيوية لهم في حال الانتقال إلى مستوى تمثيل هذا البرنامج، الأمر الذي يفسر حالات خطف مصريين والاعتداء عليهم في بنغازي مقابل الإفراج عن أصوليين متشددين اعتقلتهم السلطات المصرية.
وتضمن مقال الظنين البدارين أيضا أن الائتلاف الوطني بقيادة محمود جبريل قد دفع المؤتمر الوطني للاستعانة بدوره بكتائب مصراتة، التي تعدّ الأعنف والأقوى من حيث التسليح والأقرب في الوقت نفسه للحركة الإسلامية… مما يفسر دعم دول عربية من بينها الإمارات والسعودية لسيناريو الحسم العسكري في إطلاق عملية سياسية جديدة في ليبيا، بأدبيات انقلاب السيسي (بحسب ما جاء في المقال).
وقد جاء هذا المقال للظنين البدارين بعد مأدبة العشاء التي أقامها النائب خليل عطية، على شرف رئيس وزراء ليبيا الأسبق الدكتور محمود جبريل خلال زيارته لعمان في شهر شباط من عام 2014 وقد كان برفقته السفير حافظ قدوم سفير ليبيا في روما، وقد حضر هذه المأدبة بعض الوزراء الأردنيين من بينهم الوزير جمال الصرايرة، وشخصيات سياسية أردنية، كما حضر مأدبة العشاء هذه الظنين بسام البدارين برفقة سفير ليبي سابق في الأردن اسمه محمد حسن البرغثي، الذي قدم الظنين بسام البدارين على أنه صحفي ومدير صحيفة القدس العربي في عمان في جلسة سابقة،
وفي جلسة العشاء هذه التي أقيمت في بيت النائب خليل عطية دار حديث عن الربيع العربي بشكل عام وليبيا بشكل خاص وكانت جلسة خاصة، وتمحور الحديث حول أفق الحل في ليبيا وكان أغلب حديث الدكتور محمود جبريل رئيس وزراء ليبيا السابق عن العواقب السيئة لأي تدخل أجنبي في ليبيا، وقد شارك في النقاش الجميع ومن ضمنهم الوزير جمال الصرايرة وعامر السبايلة، وقد تحدث محمود جبريل عن انتشار السلاح في ليبيا، وأنه لا سبيل للخروج من الأزمة إلا بالحوار الوطني،
وبعد هذا العشاء الذي أقيم في منزل النائب عطية بيومين أو ثلاثة، قام الظنين بسام البدارين بنشر مقاله الذي عنوانه (سيناريو مصر يتكرر في ليبيا هجمة عكسية ضد مؤسسات الإخوان وحالة بحث عن حسم عسكري) على صحيفة القدس العربي، وهذا المقال يوحي بأن هناك انقلابا على الشرعية في ليبيا، وتضمن المقال ادعاءات غير صحيحة، (بحسب حكم المحكمة)
وقد بَيَّن الدكتور محمود جبريل رئيس وزراء ليبيا السابق، أن الظنين البدارين يدعي كذبا بأنني صرحت في هذا الموضوع بلقاء خاص عن احتمال الحسم العسكري وتكرار سيناريو السيسي في مصر، بما يوحي بأنني وراء المحاولة الانقلابية على الشرعية في ليبيا، وكأني أنا وراء الإنذار الذي وجه من قبل المليشيات، وقد أعطى هذا المقال انطباعا بأنني أنا من خطط لإنهاء شرعية المؤتمر الوطني في ليبيا،
وأضاف الدكتور جبريل بأن ما نشر من معلومات في هذه المادة الصحفية (مقال الظنين البدارين) غير صحيحة وغير دقيقة إطلاقا وتفتقد إلى الموضوعية، وقد حملت إساءة شخصية له، وهي جزء من حملة تقودها قطر منذ فترة منذ نهاية 2011 حيث تقودها ضده شخصيا، وضد تحالف القوى الوطنية، كون صحيفة القدس العربي أصبحت مملوكة لقطر،
وقد أكد الدكتور جبريل أنه لم يجر أي مقابلة صحفية مع الظنين بسام البدارين، وأن ما ذكره من معلومات في مقاله قد استند فيها إلى النقاش الذي دار بينه وبين الشخصيات الأردنية السياسية في منزل النائب خليل عطية، وأن الظنين بسام البدارين بهذا النشر قد اقتحم الخصوصية التي كان متفقا عليها في تلك الجلسة (في بيت النائب عطية) كونه لقاء خاصا، وأن هذه الجلسة كانت جلسة خاصة في بيت مضيفنا النائب خليل عطية، ولم يدر حديث بينه وبين الظنين بسام البدارين، وأن الحديث في تلك الجلسة لم يكن للنشر، وأن ما تم في تلك الجلسة الخاصة لا يمت بصلة للمادة الصحفية التي نشرت في القدس العربي، وأن الظنين بسام بهذا النشر قد تجاوز الأعراف الصحفية،
كما أكد الدكتور جبريل بأن هذا النشر من قبل الظنين بسام البدارين في صحيفة القدس العربي، ترتب عليها نوعين من الإساءة، وهي حملة إعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي بأن الدكتور جبريل هو من يقف ضد الشرعية، ثم تشويه صورته عربيا حيث ورده العديد من المكالمات تستغرب دعوته إلى الانقلاب، وهو من يعمل على ترسيخ الشرعية في ليبيا، خصوصاًأن الحزب الذي يرأسه هو أكثر الأحزاب تمثيلا في المؤتمر الوطني، وأن المتصلين معه قد استغربوا كيف يدعو إلى إسقاط الشرعية في الوقت الذي يعمل على ترسيخ هذه الشرعية، كما أكد أنه قد تضرر نفسيا ومعنويا نتيجة نشر مقال الظنين البدارين. إلى ذلك قالت محكمة بداية جزاء عمان في حكمها أن المادة الصحفية (مقالة الظنين البدارين) هي عبارة عن مراقبة وتتبع للأحداث التي وصفها بالساخنة، والتي تمر بها ليبيا من خلال رئيس الائتلاف الوطني محمود جبريل وربطها بالأحداث على شكل مواجهة،
ومن خلال التدقيق في مضمون هذه المادة الصحفية تجد المحكمة أنها أسندت للمشتكي (الدكتور محمود جبريل) بعض الاتهامات، وأثارت حوله إشاعات كاذبة من شأنها أن تعرضه لبغض الناس واحتقارهم؛ فقد ورد في هذه المادة أن المشتكي المدعي بالحق الشخصي ذكر أن ليبيا أصبحت مسرحا لأجندات أجهزة الاستخبارات الغربية والعربية والإفريقية التي تعبث بالجميع، وكشفت مجالساته وجود منافسات تمويلية خليجية على الساحة الليبية، ووجود اتصالات مع الاستخبارات الروسية، وأن هناك سيناريو كشف عن حقيقته وهو سحب الشرعية من المؤسسات الانتقالية التي برزت بعد حكم القذافي، ومن أبرزها المؤتمر الوطني وأنه (أي المشتكي) يحارب الشرعية،
وأن هناك ارتباطا بين إنذار المليشيات وما صرح به المشتكي (الدكتور محمود جبريل)، وأنه يعد العدة لإنهاء شرعية المؤتمر الوطني، وأن معركة الكتائب هي في الواقع معركة ضد الإخوان المسلمين، وأن هناك عملية سياسية في ليبيا على غرار انقلاب السيسي في مصر.
وقالت المحكمة في حكمها أن الظنين البدارين لم يقدم للمحكمة أية بينة تثبت صحة ما ورد في المادة الصحفية (المقالة)، مما يجعل قيامه بنشر هذه المادة الصحفية وبالصورة التي وردت فيها يعدّ بعيدا عن الحياد والموضوعية والنزاهة،
وأضافت المحكمة أن الظنين البدارين عندما قام بنشر هذه المادة لم يتحر صحة ما ورد فيها، وأن نشر هذه المادة الصحفية بالصورة التي وردت فيها يحمل في طياته إساءة للمشتكي بشخصه، ويتضمن نشر إشاعات كاذبة بحقه خلافا لأحكام قانون المطبوعات والنشر، وأن ما ورد في هذا المقال عبارة عن اتهامات دون أي دليل على صحتها، كما أنه لم يثبت قيام الظنين البدارين بالاتصال بالمدعي (محمود جبريل) وسؤاله عن هذه المعلومات ومدى صحتها والتحقق منها، مما يعني ثبوت المسؤولية الجزائية بحق الظنين البدارين".