قال عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، رباح مهنا، إن
الصندوق القومي التابع لمنظمة التحرير
الفلسطينية أبلغ الجبهة، الخميس، بوقف مخصصاتها المالية لمدة شهر، ضمن وقف سيطال فصائل أخرى تنضوي تحت إطار المنظمة".
وأضاف مهنا لـ "
عربي21": "التوقع أن يمتد هذا الخصم مدة أطول، أو أن يستمر إلى الأبد، وهو يأتي استجابة للضغوط "الإسرائيلية" والأمريكية على السلطة؛ لعقاب القوى والفصائل المتمسكة بالمقاومة والثوابت"، على حد قوله.
ووصف القيادي في
الجبهة الشعبية القرار بـ"المشين الذي يعكس سطوة الرئيس
عباس وتفرده، وتراجع المواقف الوطنية لديه"، مؤكدا أن الجبهة الشعبية سترد عليه بالمزيد من الإصرار على المقاومة والثوابت.
نفي وإثبات
من جهته، نفى عضو المكتب السياسي لحزب الشعب وليد عوض لـ"عربي21" أن يكون حزبه بُلّغ رسميا بقرار وقف
المخصصات، غير أنه أكّد "أن هناك تأخيرا في صرف مخصصات الشهر الماضي؛ بسبب تردد الدول والبنوك في التعامل مع الصندوق القومي للمنظمة؛ بسبب ضغوط أمريكية وإسرائيلية"، حسب وصفه.
أما عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية، طلال أبو ظريفة، فرأى -خلال حديث لـ"
عربي21"- أن مثل هذا الأمر وغيره يظل احتمالا غير مستبعد، في ظل الضغوط الممارسة على المنظمة بعد اعتبار "إسرائيل" الصندوق القومي منظمة إرهابية، لكنه نفى أن تكون "الديمقراطية" بلغت بالقرار رسميا.
وحول نفي الفصائل الأخرى تبليغها بالقرار، أشار مهنّا إلى أن تفرد "أبو مازن" جاء في ظل مثل هذه المواقف لفصائل المنظمة الأخرى، داعيا إلى ضرورة إصلاح المنظمة هيكليا وبرامجيا.
وحاولت "
عربي21" الحديث مع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، غير أن أعضاءها امتنعوا عن التصريح.
وكان وزير الجيش "الإسرائيلي" أفيغدور ليبرمان أصدر قرارا في منتصف آذار/ مارس الماضي، اعتبر فيه الصندوق القومي التابع لمنظمة التحرير (بمثابة وزارة مالية المنظمة) منظمة إرهابية، لأنه "يدعم الإرهاب؛ من خلال دفع ملايين الشواقل لعائلات الشهداء والأسرى"، وهو أول قرار من نوعه بحق أي هيئة تابعة للمنظمة منذ توقيع اتفاق أوسلو في 1993.
ابتزاز.. واستهداف لغزة
وقال الكاتب الفلسطيني ساري عرابي إن مثل هذا القرار يأتي في السياق نفسه مع الإجراءات التي تتخذها السلطة ضد قطاع غزة.
وتابع: "التذرع بالأزمة المالية لتبرير مثل هذه القرارات محل شك، لا سيما أن القرار لا يطال كما يبدو حركة فتح، التي أنفقت هذا الشهر بكثافة كبيرة على الانتخابات في جامعات الضفة، ودعم فعاليات التضامن مع الأسرى المضربين عن الطعام، إضافة إلى أن الأزمة المالية كانت ذريعة الخصم الذي طال رواتب موظفي غزة الأخير، ثمّ اكتُشف أنه يأتي ضمن مخطط وإجراءات متكاملة لاستهداف القطاع".
ورأى عرابي، خلال حديث لـ "
عربي21"، أن هناك سببين محتملين لهذا القرار: أولهما أن عددا من فصائل المنظمة، لا سيما الجبهة الشعبية، ما تزال غير مَرْضٍ عنها أمريكيا، وثانيهما أنه يأتي في سياق الضغط عليها وابتزازها؛ لاتخاذ موقف منحاز لإجراءات السلطة ضد غزة، أو السكوت عنها على الأقل، مرجحا الخيار الثاني، لا سيما أن قيادة المنظمة لجأت إليه سابقا في قضايا أقل أهمية من هذه.
وبيّن أن الأصل هو أن يكون الصندوق القومي منفصلا عن مؤسسات السلطة وتابعا للمنظمة وحدها، غير أن الذي يجري فعليا هو أنه تم اختزال الحالة الوطنية الفلسطينية كلها بقيادة فتح التي أفرزها المؤتمر السابع، التي تتعامل مع فصائل المنظمة الأخرى باستخفاف واستهانة.
واتفق المحلل السياسي الفلسطيني هاني المصري مع ما ذهب إليه عرابي بخصوص الأهداف التي تريد السلطة تحقيقها من القرار، قائلا: "إذا تأكد الموضوع، فإن الأزمة المالية قد تكون سببا له، غير أن الذي يفسره بشكل حقيقي هو الضغط على هذه الفصائل لتقف في صف عباس".
وتابع لـ "
عربي21": "عباس يريد دعم هذه الفصائل، سواء في إجراءاته غير المسبوقة ضد غزة التي دخلت المرحلة الثانية، مع الأخبار التي نشرت عن التوقف عن دفع أثمان الكهرباء للقطاع، والتي تهدف إلى وضع حماس في مأزق؛ أو في توجهاته مع ذهاب القضية نحو عملية سياسية جديدة متوقعة بعد لقاء عباس – ترامب، المزمع بداية أيار/ مايو القادم".
وأوضح المصري: "فصائل المنظمة الأخرى عدا فتح تعاني التفرق وعدم الفاعلية، ولا ينظر إليها باعتبارها بديلا عن فتح، وهو ما يسهل الضغط عليها".